كثيرة هي الأفكار التي يعتنقها ويتداولها الناس كمسلمات، بل يذهب بعضهم إلى أكثر من ذلك، فيتمسكون بها بشدة إلى حد الدفاع عنها وربما الاستماتة لأجلها.

Ad

أكثر الأمثلة على هذا الأمر تأتي من الجانب الديني على وجه الخصوص، فكثيرة هي المعتقدات والممارسات التي يلصقها الناس بالأديان، وهي ليست منها في حقيقة الأمر، بل لا يعدو أمرها أنها اجتهادات لبعض المجتهدين في وقت من الأوقات، وأحيانا ممارسات مجتمعية قد يعود أصلها إلى العادات والتقاليد والأعراف لا أكثر، فيزدادون أحياناً تمسكا بها إلى أن يبلغ بهم الأمر مبلغ الموالاة والمعاداة على أساسها.

وهناك أمثلة أيضا من خارج الإطار الديني، في إطار الطب والصحة هذه المرة، مثل اعتقادات الناس بأن أكل السمك واللبن يسبب البرص، وأن إبرة التخدير التي تعطى في الظهر تسبب الشلل، وغيرها مما ليس له سند أو دليل علمي، ويظل الناس يقولونها ويكررونها بكل ثقة وتعنت!

وكذلك توجد أمثلة في الاعتقادات العامة، كمثل قول الناس إن حواس الإنسان خمس، حتى رأينا ذلك وقد وصل إلى الأشعار والأغاني، بل حتى صار هناك ما يسمى بالحاسة السادسة، أي تلك الحاسة الاستثنائية الخارقة التي تتجاوز الحواس "الخمس" الطبيعية المعتادة!

حواس الإنسان ليست خمساً فقط يا سادتي، ولا تتوقف عند الإبصار والسمع والشم والتذوق واللمس، والدليل على ذلك سيكون من إجاباتكم أنتم عن الأسئلة التالية:

ما اسم الحاسة المسؤولة عن شعور الإنسان بالحر والبرد والرطوبة؟

ما اسم الحاسة المسؤولة عن شعور الإنسان بأنه يقف بشكل منتصب وغير مائل؟

ما اسم الحاسة المسؤولة عن شعور الإنسان بالاهتزازات الخفيفة للأرض من تحته في حال حصولها؟

لن تكون الإجابة الإبصار ولا السمع ولا الشم ولا التذوق ولا اللمس، ولا الحاسة السادسة بطبيعة الحال.

هل ترون كيف أن الحواس أكثر من خمس إذاً؟!

فكيف إذاً بقينا نتداول هذه الفكرة المكررة بلا تمحيص وتفكير؟!

والسؤال الأهم، كم من الأفكار مثلها لا نزال وسنظل نتداولها؟ وكم من الأفكار المشابهة التي نتمسك بها بل نوالي ونعادي الآخرين على أساسها؟!

أفكار وتساؤلات تحتاج من كل واحد منا أن يطرحها على نفسه، وأن يجيب عنها بصراحة.