ابتليت الأمة الإسلامية بكم هائل من المدسوسات في كتب التراث، منها الضعيف والموضوع، والإسرائيليات، وما لا أصل له، يستوي في ذلك كتب أهل السنة، وكتب الشيعة، وكان خطأ محققي التراث أنهم نقلوا هذه الروايات دون بيان أصلها، أو سندها أو دليلها أو مدى مطابقتها ومخالفتها لوقائع التاريخ الثابتة، أو لكتاب الله وما صح من سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان أكثر ما تلقفه البعض من المسلمين وغيرهم ما قيل حول تحريف القرآن الكريم من قبل بعض الفرق الشيعية.

Ad

هذا ما تناوله كتاب "تحريف القرآن أسطورة أم واقع؟"، للكاتب الشيعي آية الله السيد حسن طاهري، ونقله إلى العربية تحسين البدري، ويؤكد أن القرآن لم يصب بأي تحريف منذ نزل على محمد (صلى الله عليه وسلم)، ومع ذلك فإن أئمة آل البيت والمراجع الكبرى لدى الشيعة، ولدى السنة أنكروا ذلك وضعفوا تلك الروايات، وبينوا مخالفتها لصحيح الدين، إلا أن بعض ضعاف النفوس وأعداء الإسلام مازالوا يتصيدون هذه الروايات في بعض كتبهم، وهي في نظرنا ومفهومنا غير صحيحة، وما يقال عن وجود مصحف لدى الشيعة، أو ما يسمى بمصحف فاطمة لا أساس له من الصحة.

ويتناول الكتاب بعض الأوهام التي انتشرت وأثيرت حول مصحف فاطمة المزعوم، ويتساءل المؤلف: هل مصحف فاطمة هو قرآن نزل به وحي على فاطمة عليها السلام، بعد انقطاع الوحي، وهل هو أكثر من ثلاثة أضعاف القرآن الكريم كما يقولون؟ ويجيب المؤلف بأن جميع الروايات التي ذكرت في هذا الشأن لم تذكر أنه قرآن، وإنما وهم البعض ذلك، أو فهم من تلك الروايات على غير الحقيقة، فروج لهذه الفرية التي لم يقصد منها إلا تشكيك المسلمين في قرآنهم وهو مصدر الدين الأول.

ويطرح المؤلف تساؤلاً آخر: هل هناك مصحف محرف لدى الشيعة أضافوا إليه سورتين؟ حيث تروج أقاويل بأن الشيعة لديهم مصحف به 116 سورة، بينما المصحف الإمام "العثماني" لدى باقي المسلمين به 114 سورة فقط، فما هي حقيقة ذلك؟ ويؤكد الكتاب أن هناك مجموعة أباطيل لا أساس لها من الصحة، فقد بحثنا في المصاحف المطبوعة في إيران، فلم نجد شيئا من ذلك، وتم التحاور مع الكثيرين من العلماء والفقهاء في الحوزات العلمية، وكان الإجماع منعقداً على عدم صحة مثل هذه الأباطيل، وأن المصحف في إيران مثله مثل مصاحف العالم الإسلامي.

ويصب الكتاب من خلال بحث علمي يثبت عصمة القرآن الكريم من كل تحريف، منتهيا إلى نتيجة حاسمة، وهي أن القرآن محفوظ بحفظ الله سبحانه وتعالى.