مع استمرار مسلسل سرقة كابلات النحاس وانقطاع التيار الكهربائي بشكل متعمد عن بعض المناطق، جراء السرقات، إضافة إلى الملايين التي تدخل جيوب "سراق المعدن الأصفر"، لارتفاع "سعر النحاس"، الذي يصل كيلو الخردة منه إلى دينار و600 فلس، بخلاف باقي المعادن، "الجريدة" جالت داخل سكراب أمغرة بحثاً عن إجابة للسؤال: "لماذا تتكرر سرقة النحاس من محطات الكهرباء؟" إلا أن بعض التجار ردوا بالقول: "ممنوع الدخول أو التصوير".

وأكدوا أن هذا العمل له أسراره ولا يمكن أن يفشي أحد أسرار المهنة التي تدخل على أصحابها الملايين، وظل البحث عمن يجيب عن السؤال مستمراً حتى سمح أحد بائعي المعادن بدخول "الجريدة" والحديث معه والتصوير.

Ad

داخل السكراب

قال التاجر "اسمي ناصر علي ناصري إيراني الجنسية، أعمل في هذا المجال منذ قرابة الـ45 عاما، أبيع وأشتري جميع المعادن، ولكل معدن سعره بحسب البورصة العالمية للمعدن".

وأضاف ناصري "أتابع من خلال مواقع الانترنت أسعارها في البورصة العالمية، وبالتالي أحدد السعر اليومي للمعدن، فاليوم على سبيل المثال، سعر طن الحديد 85 دينارا، وأقوم ببيعه بـ90 دينارا، وأشتري الألمونيوم الكيلو بـ400 فلس، وأبيعه 450 أو 420".

أغلى المعادن

وتابع "أشتري النحاس الخردة الكيلو بدينار و100 فلس، وأبيع الكيلو بدينار و200 أو 250، وأحيانا يصل سعره إلى دينار و600 فلس، أي أن سعر الطن يصل في الكثير من الأحيان إلى 1600 دينار، وهذه المعادن التي يتم تجميعها يتم توزيعها بحسب حاجة المستهلك إليها، فعلى سبيل المثال الحديد لا يسافر خارج الكويت، بل يتم بيعه إلى مصانع بالبلاد تعيد تدويره، بخلاف معادن أخرى كالألمونيوم أو النحاس التي تصدر إلى بلدان مثل اليابان أو الصين".

آلية العمل

وأشار إلى أن المعادن الثقيلة يتم كبسها، وتعبئتها في حاوية ويتم تسفيرها إلى بلدان عدة، وداخل كل سكرب مكبس، لافتا إلى أن بداية العمل تكون بشراء الحاوية التي تمتلئ بالمعادن، وتقدير سعرها، والخبرة هي التي تتيح لصاحب كل سكراب تقدير سعر هذه الخردة، بحسب شكلها، ويتم تفريغها داخل ساحة السكراب، ثم يتم تصنيفها.

ولفت ناصري إلى أن عملية التصنيف تحتاج إلى جهد بدني ووقت، ثم يتم تقديرها بحسب السعر اليومي، وكبسها وبيعها بحسب طلب المشتري، وغالبا تكبس وتعبأ في حاويات، وتسافر إلى الخارج.

الجمارك

ومن جانبه، قال أمين سر نقابة الجمارك مرزوق العازمي، هناك تنسيق بين وزارة الكهرباء والماء والداخلية والإدارة العامة للجمارك حول تصدير معدن النحاس إلى الخارج، فلا يمكن أن يتم تصديره حاليا إلى الخارج بدون أن يكون هناك تصريح خروج صادر من وزارة الكهرباء، وهناك تشديد حول إخراج هذا المعدن.

وأضاف العازمي أن الجمارك كانت في الماضي تضبط الكثير من حالات تهريب معدن النحاس في حاويات تحتوي على معادن أخرى، وعند وجود تلك الحالة يتم تحرير محضر بواقعة تهريب جمركي، وإحالة الحاوية وأصحابها إلى وزارة الداخلية، لاتخاذ الإجراء القانوني معهم.

كتاب بالإفراج

وذكر أن إدارة الجمارك جهة تنفيذية، ولا يتم إخراج معدن النحاس من البلاد إلا من خلال كتاب بالإفراج عن الشحنة، من وزارة الكهرباء والماء، لافتا إلى أن الأمر لا يقتصر على تهريب النحاس فقط، ففي فترة زمنية ما، سعى البعض إلى تهريب السولار بكميات كبيرة، من خلال خلطه مع سوائل أخرى، ومن ثم إخراجه من البلاد على أنه "زيت محروق"، وبيعه في الخارج بأسعار مضاعفة، مستغلين الدعم الذي تقدمه الكويت على تلك السلع.

سرقة السولار

ولفت إلى أن "هناك قراراً صادراً من شركة البترول الوطنية بعدم بيع السولار بأكثر من 10 دنانير للمستهلك، إلا أننا، وللأسف، كنا نجد سيارات محملة بالسولار ولا ندري من أين استطاعوا جمع تلك الكميات الكبيرة التي تحتاج إلى سنوات حتى يتم تجميعها عن طريق الشراء"، مشيرا إلى أن عمليات تهريب تلك المواد نشطت خلال الفترة من 2007 إلى 2010.

مدارس للسرقة

وكان مدير إدارة شبكات التوزيع الكهربائية المهندس محمد الشرهان أكد لـ"الجريدة" أن خسارة الوزارة السنوية تصل إلى مليون دينار بسبب سرقة كابلات النحاس، واللصوص أصحاب حرفة يعلم بعضهم بعضا السرقة في مدارس.