أصدرت مصر وإثيوبيا بياناً مشتركاً الأسبوع الماضي أكدتا فيه التزامهما بمبادئ التعاون والاحترام المتبادل وحسن الجوار واحترام القانون الدولي وتحقيق المكاسب المشتركة.

Ad

وصدر البيان عن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا هيلي ماريام ديسالين، بشأن مباحثات القمة التي جرت بينهما في مالابو أثناء القمة الإفريقية الأخيرة، جاء هذا البيان ليعيد إلى الأذهان العلاقات المتميزة بين البلدين قبل أن تشهد خفوتاً واضحاً في عهد مبارك ومرسي.

وبنظرة سريعة على العلاقات بين مصر وإثيوبيا نكتشف أنها ممتدة منذ مصر الفرعونية، واستمرت تنمو وتزدهر عبر العصور التالية، إلى أنه غلب عليها الركود في فترة الحكم العثماني، وذلك بسبب اشتراك الدولة العثمانية في الصراع بين الإمارات الإسلامية وإثيوبيا، واستقرارها في شواطئ الأخيرة ومنعها الإثيوبيين من الاتصال بالبحر والعالم الخارجي.

وقد ظل هذا الوضع مستمراً حتى وصول محمد علي إلى الحكم في مصر وفتحه السودان بعد ذلك، مما أدى إلى وجود حدود مشتركة بين مصر وإثيوبيا.

ذهبت إلى إثيوبيا من قبل في محاولة للفهم، إذ إن المشكلة لدينا هي التصورات المسبقة دائماً عن الأشياء والأشخاص، والتي تجعلنا أحياناً نصل إلى نتيجة خاطئة، وهذه المحاولة كانت لفهم ما يحدث الآن في ملف حوض النيل، حول سبب الموقف الإثيوبي، وأين نقف نحن الآن من هذه القضية.

إثيوبيا إحدى الدول القديمة، وهي صاحبة أطول تاريخ من الاستقلال ـ وإن لم يكن مستمراًـ بين دول القارة الإفريقية. حافظت إثيوبيا على استقلالها خلال فترة استعمار إفريقيا. وظلت كذلك حتى عام 1936 حيث اجتاح الجيش الإيطالي إثيوبيا، وهزمت القوات البريطانية والإثيوبية القوات الإيطالية عام 1941، لكن إثيوبيا لم تستعد السيادة حتى توقيع الاتفاق الأنكلو-إثيوبي في ديسمبر 1944.

ويربطنا بإثيوبيا تاريخ إسلامي واحد، حيث كانت الحبشة المكان الأول الذي ضم واحتضن المسلمين الأوائل عند هجرتهم الأولى وفرارهم من كفار مكة إلى الملك النجاشي.

أما أنهار إثيوبيا فتتجه جميعها نحو الغرب وتنتهي في حوض وادي النيل باستثناء نهر أومو الذي يجري في الجنوب ويتجه إلى بحيرة رودلف، في حين يجري في الشمال نهر تكيزة أو كما يسمى محلياً "الرهيب" مع روافده هابطاً من جبال ألاسكا، لكن أكبر أنهار إثيوبية نهر آباي، أو النيل الأزرق، الذي يتغذى من بحيرة تانا ومن نهر آباي الصغير أو النيل الأزرق الصغير الذي يهبط من جبال شوك ويصب في بحيرة تانا.

تبلغ مساحة إثيوبيا 1.127.127 كم2، ويبلغ عدد سكانها نحو 80 مليوناً، وقد تسبب الجفاف المتكرر الذي تعرضت له إثيوبيا في العقد الأخير إلى خسائر بالغة، بشرية وبيئية.

وتتعدد اللغات والعروق البشرية في إثيوبيا، ويرافق ذلك تعدد في الانتماءات الدينية، وأصول السكان في إثيوبيا متنوعة جداً، حيث يؤلف الأمهريون الأكثرية الساحقة منهم ويقدرون بنحو ثلث السكان، تليهم شعوب الغالا ويؤلفون نحو خمسي السكان، ويلي ذلك مجموعات بشرية متعددة الانتماء العرقي والقومي منهم: قبائل التغرة التي تعيش في الشمال، والجماعات النيلية التي تقيم جنوب البلاد وغربها، والعرب الذين يتوزعون على أقاليم أوغادين وصحراء الدناقيل، وغيرهم مثل الصوماليين والدناقيل والسودانيين.

ذهبت إلى إثيوبيا، كما قلت، في محاولة للفهم، والحقيقة أننا كلنا في حاجة للاقتراب وفهم هذا التنوع الثقافي والتاريخي، والعلاقات التي كانت موجودة، والتي نتمنى أن تعود أفضل مما كانت.