بالطبع هناك في الكويت أفكار ومشاريع لإنتاج الطاقة الشمسية، لكنها تفتقد التمويل المطلوب، فضلاً عن البيروقراطية التي تؤخر تنفيذ العديد من المشاريع، سواء في الطاقة الشمسية أو البنية التحتية.

Ad

رغم ان الطاقة الشمسية تعتبر حاليا احد اوجه الطاقة البديلة التي تسعى إلى تطويرها شتى دول العالم المنتجة والمستهلكة للنفط، إلا أن خطوات الكويت في هذا الاتجاه لا تزال بطيئة واقل من خطوات العديد من الدول الخليجية التي بدأت خلال السنوات القليلة الماضية في إطلاق بحوث وشراكات ضخمة لانتاج الطاقة الشمسية.

فالهدف من تطوير انتاج الطاقة الشمسية لا ينحصر في البحث عن مصدر بديل للنفط او حتى الاستعداد لمرحلة ما بعد النفط بقدر ما هو اتجاه عالمي لخفض تكاليف توليد الطاقة، خصوصا الكهربائية، اذ تمثل الطاقة الشمسية فرصة مهمة لتوفير مبالغ طائلة تنفقها الدول على إنتاج الكهرباء والمياه.

والكويت التي يستهلك انتاج الكهرباء وحده نحو 3 مليارات دينار سنويا، اي 9% من اجمالي قيمة ايراداتها النفطية، لا تزال في مرحلة اولية تمثلت في افتتاح مدرسة تعمل بالطاقة الشمسية، مع هدف مستقبلي لتعميم التجربة على 90 مدرسة اخرى، الى جانب انشاء 3 محطات تجريبية خلال العامين المقبلين لتوليد طاقة شمسية توازي 1% فقط من اجمالي الطاقة المنتجة في البلاد، وهذه خطط تعتبر اولية جدا، عندما نقارنها بتوجهات دول الخليج الاخرى في هذا المجال.

توجهات خليجية

وقد أعلنت السعودية قبل عام ضخ 100 مليار دولار في بحوث ومشاريع الكهرباء المتجددة، معظمها في الطاقة الشمسية وسط مساعٍ لتصدير الكهرباء المولدة من محطات الطاقة الشمسية إلى أوروبا خلال 20 الى 25 عاما مقبلة، بينما تتجه قطر إلى ان يكون ما بين 18 إلى 20% من طاقتها المستخدمة بحلول 2018 من الطاقة الشمسية، في حين تسعى الإمارات الى بلوغ ما يناهز 10% من هذه الطاقة وستنفق استثمارات كبيرة في مدينة «مصدر» لطاقة المستقبل في العاصمة أبوظبي بـ 50 مليار دولار، إضافة إلى بلوغ تكلفة مركز الطاقة الشمسية في دبي 12 مليار دولار، فضلاً عن كونها الدولة الخليجية الوحيدة التي استمرت في مشروع المفاعل النووي.

أما سلطنة عمان فاستقطبت استثمارات مؤخرا من صناديق سويسرية وألمانية بقيمة 600 مليون دولار لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة 400 ميغاواط، مستهدفة إنتاج 10% من حاجتها من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2020.

ومع أن لدينا في الكويت بالطبع افكاراً ومشاريع لانتاج الطاقة الشمسية، الا انها تفتقد التمويل المطلوب، ناهيك عن اجراءات البيروقراطية التي تؤخر تنفيذ العديد من المشاريع سواء في الطاقة الشمسية او البنية التحتية، أما عن مشروع مجمع الشقايا للطاقة المتجددة فسيوفر على الكويت 12 مليون برميل نفط سنويا اي ما يعادل انتاج 4 ايام من النفط فقط، وهو رقم ضئيل جدا في استثمار الطاقة الشمسية مقارنة باستثمارات دول الخليج الاخرى.

عملاق نائم

وترى منظمة «غرين بيس» أن دول الخليج هي العملاق النائم في مجال الطاقة البديلة، والشمسية تحديدا، اذ ان المنطقة يمكن ان تكون «سوقا ضخما ومركزا كبيرا للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهناك اقرار وفهم بأنه قد آن الأوان للتحرك».

وبالطبع فإن «غرين بيس» تتحدث عن دول كالسعودية والإمارات وقطر، لا الكويت، لأننا لم نلج حتى في الفهم الحقيقي لوجوب التحرك عبر مشروعات جدية لتوليد الكهرباء، اذ لا نزال في مرحلة التجارب، مع ان الكويت في امسّ الحاجة إلى تطوير انتاجها من الطاقة الشمسية لتغطية الطلب المتصاعد على الطاقة، حيث تشهد تزايداً في عدد السكان يترتب عليه توسع عمراني يستلزم زيادة في الطاقة الإنتاجية لتلك المصادر للوفاء بالالتزامات الضرورية للدولة.

بل ان الطاقة الشمسية يمكن ان تكون احد الحلول الجذرية للازمة الاسكانية، فالجميع يعلم ان الكويت حاليا تواجه ضغطا في الكهرباء من ناحيتي القدرة الانتاجية والكلفة، فكيف سيكون الحال مع توفير 108 آلاف وحدة سكنية؟ لا شك وقتها أن الضغط سيكون اكبر على الانتاج وعلى الميزانية، لذلك تتجه الدول الى الطاقة الشمسية لتخفيف التكاليف وتوفير الانتاج بشكل يتسم بالديمومة.

وحتى عملية تصدير الالواح الشمسية ستلقى سوقا رائجا في العديد من الدول، ويمكن ان يكون لها جانب مهم في تنويع مصادر الدخل القومي، وبالتالي فإن البحث عن مصادر الطاقة المتجددة في الكويت ومدى ملاءمتها للظروف المناخية وكيفية الاستفادة منها في تنويع مصادر الطاقة بجميع اشكالها والعمل على تحييد التحديات التي تقف حائلا أمامها، بات ضروريا للاستفادة القصوى من تلك المصادر، خصوصا أن السعودية مثلا التي تتشابه مع الكويت مناخيا اطلقت مؤخرا مجموعة من الابحاث لتجاوز اثر الغبار السلبي على توليد الطاقة الشمسية.

ولعل من ايجابيات الاستثمار في الطاقة الشمسية ما يتعلق بتخفيض تكاليف إنتاج ألواح الطاقة الشمسية، إذ نجحت الابحاث العالمية في تقليل كلفتها، مما ادى إلى التوسع السريع في انتاجها، وإلى اعتماد مشاريع اكثر في هذا الاطار، مما سيتيح لدول المجلس أن تصبح من بين أهم منتجي ومصدري الطاقة الشمسية في العالم في العقدين المقبلين.

ان الكلفة التي تواجه الكويت من انتاج الكهرباء وبيعها بسعر مدعوم يعتبر الاقل عالميا، يمكن ان تتم معالجتها، ولو جزئيا، من خلال الرهان على الطاقة الشمسية، هذا اذا تم التعامل مع تلك الطاقة كمشروع حقيقي يستهدف تقليل الانفاق المالي في ظل زيادة السكان والحاجة إلى الخدمات بشمل اكبر من السابق.