في أمسية أدبية امتزج فيها الشعر بالرواية عند الكاتبة بثينة العيسى، تكشفت ملامح تجربتها الإبداعية.

Ad

نظم ملتقى الثلاثاء أمسية أدبية للروائية الشابة بثينة العيسى والشاعر والناقد صلاح دبشة، بحضور نخبة من المثقفين، منهم د. نزار العاني، ورئيس الملتقى دخيل الخليفة، والشاعرة حنان عبدالقادر.

وأشار عريف الأمسية الشاعر عبدالله الفلاح الى عدد من روايات العيسى قائلا إنه صدر لها روايات «ارتطام... لم يسمع له دوي» و«سعار» و«عروس المطر» و«تحت أقدام الأمهات» و«قيس وليلى والذئب» و«عائشة تنزل إلى العالم السفلي»، وآخر رواياتها «كبرت ونسيت أن أنسى»، كما حصدت العديد من الجوائز، أهمها جائزة الدولة التشجيعية عن روايتها «سعار» عام 2005-2006.

الشعر هو الجوهر

وتحدثت الروائية بثينة العيسى عن عالمها الروائي، وكيف تنظر اليه وتتعامل معه، فتقول في كلمة بعنوان «الرواية هي الطريقة والشعر هو الحقيقة»: «هناك قصيدة في بطن كل حكاية، والحقيقة انني أحب الشعر محبة المتصوف، وعندي يقين حدسي بأن الشعر هو الجوهر النبع الذي تجيء منه أشكال الفنون جميعها».

وأضافت العيسى أن «الرواية عندما تكون باهية بما يكفي سنتذكرها كقصيدة، وهذا يعني أن نجاح كل رواية هو في وصولها الى الشعر، وليس ذلك بالضرورة عن طريق تبنيها لغة شعرية بقدر تماسك أدواتها حرفا حرفا بشكل منسق، فنراها تتوهج مثل قصيدة، فلا تعود الأحداث مهمة ولا الشخوص بقدر ما هي تلك الحقيقة الوجودية التي نبلغها في نهاية ركضنا الى السطر الاخير».

وزادت: «عندما أتحدث عن الشعر فأنا أتحدث عن الجوهر، كيف نتناول الجوهر المحض بدون تجلياته، لذا أؤمن بأن الشعراء هم أكثرنا شجاعة، لأنهم لا يتوارون خلف الاشكال، لأنهم يضعون قلوبهم على الطاولة أمامك ويمضون، وقد يقول قائل: لكن القصيدة هي شكل، وأقول: نعم، لكنها شكل حساس هش عضوي بعيد عن الصنعة والافتعال، شكل بلا حد، وقد تكون هناك رواية متوسطة الجمال تتراوح بين الجودة والضعف، لكن هل يمكن ان تكون هناك قصيدة متوسطة الجمال؟ القصيدة إما أن تكون أو لا».

ثم تنتقل العيسى إلى عالمها الروائي فتقول: «أعتقد أنني كتبت كل حكاية في سبيل أن أبلغ القصيدة الصغيرة الغافية في أعماقها وبلغة صوفية، فالرواية هي الطريقة والشعر هو الحقيقة، فماذا أقول عن رواية تتحدث اصلا عن الشعر ليس بصفته موضوعها الاثير فحسب بل بصفته البطل الوحيد الشريك في جريمة الوجود محرر وفاعل ودافع لإنسانة باتجاه الخلاص».

وتطالب كاتب الرواية بأن يعرف ابطاله جيدا، وتقول: «أنا كنت أعرف بطل روايتي، أعرف غربته وفجيعته وبراءته وطفولته، أعرف أنهم ينصبون له الفخاخ على طول الطريق بأنهم يريدون حصاره بالاشكال والتقليد والأيديولوجيا، أعرف أنهم يريدون استغلاله لقضايا الساسة ورجال الدين ورجال القبيلة، وأعرف أنه يتعرض لجلسات تعذيب يومية حتى يفتح فمه ويسلمهم مفاتيح التأويل والمعنى».

وتختتم كلمتها بقولها: «روايتي بطلها الشعر لأنني اجبن من أن أكتب شعرا، لأن الشعر شفاف وفاضح، ولأننا نخاف أن ننكشف على الآخر أن نسقط عن أنفسنا جلدنا القديم المتيبس ونعود الى طراوة الطفولة، نعم قد أتجاسر وافعلها يوما، لكنني كتبت الرواية لأسباب متعددة أحدها على الأقل أن أعترف بخوفي».

عروس المطر

ثم تحدث الشاعر صلاح دبشة متطرقا الى العالم الروائي عند العيسى قائلا إن رواياتها تدور في المحيط الاجتماعي، ويمكن استخلاص الكثير من المواقف والأحداث التي تدلل على ذلك، وتبقى ميزة هذه الحبكة وتقديم هذه الرؤية من إبراز مشاعر وفقد وألم وحرمان، فهناك حالات اجتماعية تتكرر، وإن اختلفت القضايا في روايتها عروس المطر مثلا، ثم يقول هناك إبراز لوضعية المرأة لكنه غير متعمد

واكد دبشة أن العيسى تنطلق في كتابة رواياتها بشكل تلقائي، ولديها قدرة لغوية عميقة كما في رواية «سعار»، الى جانب حرية التعامل مع المفردات، فاللغة لديها تحمل الرواية بصرف النظر عن مستواها، فهي تنطلق من الرؤية الاجتماعية بلغة شعرية مشوقة تصف الحدث وتكون لدى المتلقي مشاعر وتترك اثرا ونوعا من الدهشة.

وتساءل: «هل للعيسى مقدرة على كتابة الشعر طالما تمتلك كل هذه الادوات التي يمتلكها الشاعر؟»، مؤكدا أنها تمشي على خيط بين السرد الروائي والشعر، فهناك نوع من المزيج والتداخل بين الرواية والشعر، وإذا ارادت أن تكتب شعرا فستكتب نصوصا طويلة.