المؤكد أن ثمة مطربي راب أكثر إنتاجاً من أحمد مكي ولهم جمهور يتابع إنتاجهم عبر شبكة الإنترنت، وتحقق أغانيهم نسبة استماع عالية على قنوات الـ {يوتيوب}، ولكن القاعدة الجماهيرية الأكبر لا تعلم عنهم شيئا لعدم رغبة شركات الإنتاج في المجازفة بطرح لون غنائي ربما لا يحقق نجاحاً، لتظل الدائرة مغلقة على عدد محدود.{محمد أسامة} الشهير بـ {مودي راب} أحد أشهر مطربي هذا اللون الغنائي المصريين، يعمل في أبو ظبي وينشر أعماله {أونلاين} منذ 1998، يقول عن بداياته مع الراب: {أول أغنية سجلتها كانت على جهاز {اورج كاسيو} (1999) واستخدمت طريقة معقدة عبر شرائط الكاسيت، وكنت أسجّل الجملة الواحدة أكثر من مرة لأحصل على النتيجة النهائية للأغنية، وهو أمر معقد وصعب، إنما لم تكن أدوات أخرى متاحة لدي وقتها}. يؤكد {مودي} أن حرية التعبير عن الرأي التي تتمتع بها تلك النوعية من الأغاني، السبب الرئيس لاختياره {الراب}، بالإضافة إلى تنوع الموضوعات والتخلص من قيود اللحن، وحبه الكبير للإيقاعات التي يتميز بها هذا اللون.يعزو عدم الإقبال على الراب إلى عشق المجتمع المصري والعربي لإيقاع {المقسوم} الشرقي، الذي يبتعد عنه الراب، لذا يصعب أن تألف الأذن العربية هذا النوع من الغناء بسهولة. يضيف أن الراب في الأساس يعتمد على رص الكلمات وإلقائها بشكل سريع، وهو ما قد يرفضه الجمهور أو لا يتقبله بسهولة، أو على أقل تقدير يجب أن تسبقه دعاية من شركات الإنتاج، كما حدث مع الفنان أحمد مكي، إذ استخدم السينما والإعلانات لنشره، فيما لو نشر مطرب عادي هذا الألبوم، فلن يلقى اهتماماً جماهيرياً أو إعلامياً.فن ناجحيؤكد الناقد الموسيقي محمود مصطفى أن النجم أحمد مكي اتخذ الخطوة الأولى نحو تحويل فن الراب إلى فن ناجح تجارياً، ما أتاح الفرصة أمام مطربي الراب ليسيروا على خطاه، ذلك أن المنتجين لا ينتجون أي نوع من الفن إلا إذا كان ثمة ضمان لأن يحقق عائداً مادياً.بدوره يوضح الرابر يوسف الجوكر أن شركة {ميراج} للإنتاج الفني عندما عرضت عليه أن تنتج له ألبوماً غنائياً كانت شروطها متعسفة، لا سيما احتكار إنتاجه لمدة عام، وتخصيص عائد قليل من حفلاته له مقابل حصولها على العائد الأكبر، لذلك رفض هذا العرض واختار أن يكون صانعاً حراً لأغانيه حتى لو ظل جمهوره عبر الإنترنت فقط.في المقابل يؤكد الرابر يوسف الطاي الشهير بـ {أبي يوسف}، أن ثمة شركات عرضت عليه تنظيم حفلات له وإنتاج ألبومات، مشيراً إلى أن المنتجين لا يتجنبون كلهم هذا النوع من الفن، بل يتحمّس البعض له مثل الشركة التي يتعامل معها الآن، وستنتج الألبوم الخاص به وقد تعاقد معها بالفعل.عن وضع الراب اليوم، يرى يوسف أن هذا اللون الغنائي تطور في مصر والعالم العربي، بسبب كثرة {الرابر} الذين قرروا دعمه بتقديم حفلات ما ساعد على انتشاره، خصوصاً أن معظمهم كانوا مجرد مستمعين له، ثم قرروا الغناء بسبب حبهم لهذا الفن رغم عدم خبرتهم فيه.شروط ودعميقول الجوكر إن غناء مستمعي الراب للراب ظاهرة تزعجه بشدة، لأن فن الراب ما زال في مرحلة التأسيس في مصر، وعندما يستمع الجمهور إلى راب رديء يحكم على كل من يقدمه بأنه فن رديء، ما يسيء إلى سمعة هذا الفن، في وقت يحتاج من يدعمه وليس من يسيء إليه. ويضيف: {ما ساعد هؤلاء على الغناء أنه ليس من شروط تقديمه أن يتمتع مقدمه بصوت جيد، لكن ما يميز الرابر عن الآخر هو أداؤه والمواضيع التي يختارها.يثني مودي على هذه النقطة ويقول: {كسرت عام 2005 الحالة المسيطرة على أغاني الراب، وبدأت أتطرق إلى مواضيع سياسية واجتماعية}، موضحاً أنه من الضروري أن يكون الرابر صاحب كلمات أغانيه، {لدي تحفظات حول أي رابر لا يكتب أغانيه بنفسه، لأن الرابر، في الأساس، {شاعر ثائر} ولا بد من أن تكون لكلماته رسالة خاصة، والصوت الجيد ليس شرطاً من الأساس}.بدوره يؤكد أبي يوسف ضرورة أن تكون كلمات أغنية الرابر من تأليفه، لأن هذا أساس الراب. فيما يعتبر الناقد الموسيقي محمود مصطفى، أن الراب انتشر أساساً حين عبر الزنوج، في القرن التاسع عشر، عن قضيتهم من خلال كلماتهم، وكانوا يلقونها بطريقة الراب ليجذبوا آذان الجماهير لهم، {ما يعنى أن الراب ظهر للدفاع عن قضية وليس للطرب، وإذا لم يفعل الرابر ذلك فلا داعي لأغانيه}.
توابل
أغنيات {الراب}... بين تجاهل المنتجين وإقبال الجمهور
13-04-2014