عيدكم مبارك وعساكم من عواده، وتقبل الله طاعتكم. يأتي عيد الفطر هذا العام وكل من حولنا يعيش في أوضاع حياتية مؤلمة صعبة؛ في العراق وفي سورية وغزة التي أغرقتها إسرائيل بالصواريخ وأصبحت صور الشهداء الواقع اليومي في الشهر الفضيل، وأدمت قلوبنا الفواجع التي باتت زادهم في رمضان، ونحن لا نمتلك إلا أضعف الإيمان أن نؤيدهم ونؤازرهم باللسان، وليس لدينا حول ولا قوة بعد هذا الصمت الغريب والمريب من الأمة العربية التي باتت في انفصال تام عما يحدث من تدمير لأوصالها.

Ad

نحتفل بالعيد بالرغم من هذا المخطط الغامض الرهيب الذي أصبح يسري في شرايين البلاد العربية من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها. مقص المؤامرة ماض في مشروع القص والتقطيع والتفصيل، ومن ثم خياطة رقع لأوطان مصطنعة جديدة بحسب شروط واقع مختلق جديد مرتب لأهداف تخدم مصالح مريديها من كل هذه الجهات التي ساعدت على نشأة فوضى تفتيت وتمزيق عضد الأمة بسواعد مرتزقة أتت من كل فج عميق لتساعد في الهدم والتدمير تحت بند نصرة الإسلام، الذي هو بريء من كل ادعاءاتهم ومخططاتهم.

نحتفل بالعيد لأنه هدية الرحمن لنا حتى وإن كان في قلوبنا غصة على من حولنا، وخوفنا من امتداد النار إلينا، فنحن جزء من المخطط وإن كنا هدفا مؤجلا، لكنه من ضمن الخطة الملفوفة في علم الغيب لكن بوادرها تلوح وتنذرنا بالسوء القادم، وفي بلادنا من يساعد ويخطط ليسرع من قدومه، فهل نتعظ؟

هل نصحو من غفوتنا ومن هذه الصراعات التي تدور في العلن والخفية لتدمير تلاحمنا وتفتيت جسد بلادنا الكويت، الوطن الصغير الذي لا يتحمل كل هذه المهاترات والفتن وتكتلات الاستنفاع والمصالح لنهب خيرات الدولة، وحلب خزينتها من دون حسيب أو رقيب؟

من يستطيع أن يوقف هذا الفساد الواضح البين المحتاج إلى حل نافذ وقرار مخلص جازم، إن كانت هذه الدولة ومن فيها تهمهم حقا، فالفساد كاشف وجهه وما على الحكومة إلا اتخاذ القرار الحاسم بالقضاء عليه حتى يتحقق مبدأ العدالة للجميع، وإلا سيزداد طغيانه وانتشاره  حتى يصبح هو القاعدة وليس الاستثناء لعدم وجود عقاب رادع له، وحينها يصبح حق النهب عاما وسيتطاول عليها الجميع وليس كبار اللصوص وسراق المال العام فقط، وستنكسر هيبة القانون مادام أن هناك أناسا لا يخافونه.

وبما أنهم باتوا معروفين وأهدافهم واضحة معروفة وفسادهم فاضح ومكشوف فلما لا يعاقبهم القانون؟

حتى إن كانوا من هوامير وكبار البلد، فمتى كانت قيمة الشخص أو مكانته أو اسم عائلته تعلو فوق سلطة وهيبة  القانون؟ ومنذ متى كان اسم العائلة يعلو على روح القانون وعدالته؟

أم أن حكومتنا لا يهمها ما يجري من صراعات وخلافات حول اقتسام المنهوب والمسروق من المال العام الذي يبرر خلافاته بمبررات وطنية عديدة وتحت مسميات وتوجهات مختلفة، كلها لا تقنع المواطن بقناعها الوطني المزيف الكاذب.

متى تصحو حكومة لا أرى لا أسمع لا أتكلم حتى تحمي الكويت وتحمينا من ما ينتظرنا من مستقبل يتراقص على كف عفريت؟

الخطر يحيط بالكويت من الخارج ومن الداخل، وسيكون خطر الداخل أكبر من الخارج مادامت حكومتنا في هذا الضعف الذي لا يحل ولا يربط، حكومة لا يعنيها أمرنا، تميل لكتل المصالح الأقوى والأكثر نفوذا، فإلى من نتوجه بشكوانا، إذا كانت الشكوى لا تجد من يهتم أو يستمع إليها؟

نريد أن نشعر أن الكويت بلد وكيان باق ومستمر إلى الأبد، ولنا مستقبل نستطيع إن نعيش فيه وأن نربي أولادنا وأحفادنا باستقرار وأمان، وبعدالة يتساوى تحت مظلتها الجميع حتى تنتهي وتختفي هذه البلطجة والتعدي على هيبة الدولة وقانونها ومالها العام، وبث الفتنة والنزاعات والقلاقل بين شعب صغير لم يعرف من قبل إلا التعايش بسلام ومحبة، فمتى تصحو حكومتنا وتنقذ مركبنا قبل أن يأتيها الطوفان؟ وحينها سنشعر بفرحة العيد الحقيقية التي تملأ قلوبنا بالاطمئنان على مستقبل لنا وجود فيه، ونستطيع أن نقول بكل ثقة كل عام ونحن بخير مادام وطننا بخير.