إذا استبعدنا الكآبة الناتجة من فرض غرامات بمليارات الدولارات، وتراجع الرسوم على التعاملات، والعوائد «دون المستوى» على الأسهم، والعلاوات المخفضة، فإن لدى البنوك الأميركية كثيراً من الأسباب التي تجعلها تشعر بالابتهاج، بخصوص عام 2014.أسعار الفائدة في ارتفاع. كانت هذه ظاهرة مؤلمة بالنسبة للبنوك العاملة في القروض العقارية في 2013، على اعتبار أن أصحاب المساكن لم يعودوا قادرين على إعادة التمويل بأسعار فائدة أرخص، وهم لا يدفعون الأتعاب للبنوك حتى تفعل ذلك. تراجعت الإيرادات بصورة ملموسة وفُقِدت آلاف الوظائف، لكن بالنسبة للمصرفيين مثل جون ستامبف من «ويلز فارجو»، يعتبر هذا ثمناً على الأمد القصير يستحق أن يدفع مقابل التحسن في أعماله الأساسية. ستبدأ أسعار الفائدة المرتفعة ومنحنى العوائد الأدنى بتسمين صافي هوامش الفوائد التي تدفعها البنوك إلى المودعين، والفوائد التي تتقاضاها من المقترضين. يمر الاقتصاد الأميركي في حالة انتعاش. السبب وراء ارتفاع أسعار الفائدة مرتبط بتراجع البطالة وازدياد قوة النمو. هذه بشرى سارة لجميع المجالات المصرفية، خصوصاً بالنسبة للبنوك الضخمة المحلية مثل جيه بي مورجان تشيس وبانك أوف أميركا وويلز فارجو. وفي الوقت الذي يتعزز فيه الانتعاش، سيظهر أخيراً على السطح تطوران كان غيابهما واضحاً في فترة ما بعد الأزمة، نمو القروض وازدياد حجم عمليات الاستحواذ في الشركات، وهو ما يحقق للبنوك عوائد استشارية وتمويلية.التكاليف القانونيةفي المقابل، فإن الفواتير القانونية النهائية للأزمة بدأت بالقدوم، أي ان المزيد من البنوك ستدفع المال لتسوية اتهامات بأنها لجأت إلى الغش في بيع الأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية، بعد الغرامة القياسية الأخيرة التي دفعها بنك جيه بي مورجان البالغة 13 مليار دولار، حيث إن مصرفي بانك أوف أميركا وسيتي جروب هما الآن في مرمى بندقية وزارة العدل. ثمة خطر من أن الدعاوى الخاصة حول التلاعب بأسعار فائدة ليبور، سوف تسبب ألماً حقيقياً.على أن عام 2013 يبدو إلى حد كبير أشبه بالذروة بمعنى أن التكاليف القانونية ستبدأ في الانخفاض من تلك النقطة، ما يساعد أرباح البنوك.الرياح السياسية في حالة تغير الآن، كانت 2013 أسوأ سنة منذ المرحلة التي وقعت بعد الأزمة مباشرةً، بالنسبة لموقف البنوك في واشنطن. كانت هناك غرامات ضخمة، ومطالبات من الكونغرس بتفكيك البنوك وموقف متشدد بصورة مفاجئة من الأجهزة التنظيمية، بخصوص الرفع المالي وتداولات السلع.وفي حين أنه كان هناك بعض الأنصار الجمهوريين للصناعة المالية، إلا أن الانتقاد كان إلى حد كبير ظاهرة بين الديمقراطيين. انتقلت استطلاعات الرأي بقوة باتجاه الجمهوريين في الأسابيع القليلة الأخيرة، على نحو أبرز إمكانية أن يستعيد الجمهوريون السيطرة على مجلس الشيوخ، في الانتخابات النيابية النصفية المقررة في نوفمبر.أنظمة متشددةمن شأن ذلك أن يعرقل فرصة شيرود براون، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي وأحد أقوى المنتقدين للبنوك، في أن يصبح رئيساً للجنة المصرفية. تحت قيادةٍ جمهورية، يمكن أن يجد المشرعون أنفسهم عرضة لإقلاق راحتهم من قبل اللجنة، حيث سيُتَّهمون بأنهم يرهقون البنوك بالأنظمة المتشددة بدلاً من توبيخهم على أنهم متهاونون مع البنوك.ارتفاع الأسهم، لم تعد العلاوات إلى مستوياتها التي كانت عليها قبل الأزمة بالنسبة لمعظم البنوك الاستثمارية. على سبيل المثال، يدفع «سيتي جروب» للمتداولين مبالغ أقل بنسبة 2 في المئة عن السنة السابقة.كثير من المصرفيين لديهم ملايين الدولارات على شكل أسهم، وارتفع سعر سهم «سيتي» إلى الضعف عن مستواه المتدني في 2012. كان أداء «مورجان ستانلي» و»بانك أوف أميركا» أفضل حتى من ذلك. يشعر المصرفيون بأنهم أغنى من قبل. ما هو أهم من ذلك هو أن هذا أيضاً هو شعور المساهمين، وهو ما ينطوي ضمناً على تخفيف الحوافز لدى أصوات الاحتجاج القوية فوق العادة من المساهمين، التي أصابت مصارف من شاكلة جيه بي مورجان وسيتي، أثناء الاجتماعات السنوية على مدى السنتين السابقتين.تحسن العوائداشترى المستثمرون أسهم البنوك، لأنهم يتصورون أنها كانت تباع فوق الحد بعد الأزمة، ولأن الربحية الأساسية كانت تتحسن. هذا لا يعني أنها قوية. تجني مصارف سيتي وبانك أوف أميركا، ومورجان ستانلي، أرباحاً تقل عن 10 في المئة في العائد على حقوق الملكية، وهو مستوى يعتبر في العادة التكلفة الحالية لرأس المال. حتى بنك جولدمان ساكس نادراً ما يحقق هذا المعدل القياسي. مع تحسن بيئة أسعار الفائدة، وتراجع التكاليف القانونية، وآفاق إعادة المزيد من رأس المال إلى المساهمين، فإن معظم البنوك يفترض أن تصل إلى هذا المستوى، أو ما حوله بنهاية العام.كذلك من الجدير أن يتم تطعيم البهجة بنوع من القلق. بعد التحسن المتوقع في السنة المقبلة، تبدو فرص النمو على الأمد المتوسط غير مؤكدة. في الماضي، ربما كان هذا هو الوقت المناسب للتفكير في عمليات الاستحواذ، لكن «الاحتياطي الفدرالي» أظهر كرهاً عميقاً لعمليات الاندماج بين البنوك.يُحظَر على مصارف بانك أوف أميركا وجيه بي مورجان وويلز فارجو الاستحواذ على بنوك جديدة، بسبب قاعدة تمنع البنك من ذلك بعد جمع أكثر من 10 في المئة من الودائع الأميركية.في الوقت الذي تشعر فيه البنوك بأنها محاصَرة، فإن التهديد مما يسمى بنوك الظل أصبح الآن صاخباً على نحو لا يمكن تجاهله. ما عليك إلا أن تنظر إلى أعمال القروض العقارية حيث المصدرون من غير البنوك، مثل قروض كويكِن، ومقدمو خدمات الدين من غير البنوك مثل Nationstar الذين يبتلعون أجزاءً لا يستهان بها من السوق.حتى في الوقت الذي يشدد فيه المنظمون القبضة على البنوك، فإنهم يبدو غير واثقين من مقدار الرقابة والضبط التي يريدون فرضها على البنوك المنافسة في الظل.* (فايننشال تايمز)
اقتصاد
ترجيح كفة التفاؤل المصرفي رغم شبح مصارف الظل
03-01-2014