خرجت لجنة التحقيق البرلمانية في هيئة أسواق المال عن حيادها، بعد أن نصّب رئيسها النائب عبدالله الطريجي نفسه حكماً وقاضياً قبل انتهاء أعمالها، في وقت كان يفترض أن يكون محايداً في التحقيق المنظور ليحافظ على نزاهته، والالتزام باللائحة الداخلية للمجلس باعتبار التحقيقات سرية.النائب الطريجي كان حريصاً على تشكيل لجنة التحقيق في "أسواق المال"، وهو أمر إيجابي إن كانت هناك شبهة تجاوزات ومخالفات فعلية، إلا أن النائب انحرف بأعمال اللجنة لتكون سلاحاً يستخدمه ضد نائب رئيس الوزراء وزير التجارة والصناعة د. عبدالمحسن المدعج وقياديي الهيئة، بعد أن وجد أبواب التوظيف خارج إطار اللوائح والنظم مقفلة أمام معاملاته، ولم يستطع تجاوزها عبر تهديداته الصحافية أو تلميحاته بتحريك أدواته الدستورية، لينقل معركته الشخصية إلى غرفة التحقيق البرلمانية. ومن يتابع تصريحات الطريجي في هذا الصدد، يجدها تسير في اتجاه واحد، باستباق الإدانة قبل انتهاء التحقيق، والتصعيد قبل إنجاز التقرير، واستخدام مفردات التهديد، ولا يفهم من ذلك سياسياً إلا أنها رسائل ابتزاز لرئيس الوزراء، لعل أوضحها ما طالب به في تصريحه أمس برحيل وزير التجارة أو استخدام الأدوات الدستورية! مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن التقرير النهائي للجنة لم يعرض على الجهة الأساسية في اتخاذ القرار، وهو المجلس، ولم يسمع رأي الطرف الآخر.الغموض بدأ يزداد سواداً حول أعمال لجنة التحقيق مع كل تصريح يصدره الطريجي، فهو من أعلن في 20 يونيو "الانتهاء من التحقيق وإعداد تقرير كامل، وأن اللجنة أنهت التصويت على التقرير"، وأشاد بتعاون وزير التجارة حينئذ، ليعود بالأمس وينسف كل ما صرح به! فكيف انتهت اللجنة من تقريرها وصوتت عليه ثم تعود وتجتمع وتلتقي القياديين؟ وما الذي تغير في شهر ليتحول وزير التجارة من متعاون إلى مطلوب منه الرحيل؟.هذه الشواهد تؤكد أن مساعي الطريجي لإخراج لجنة التحقيق إلى النور لم تكن بحثاً عن مخالفة أو فساد، بل كانت سلاحاً للابتزاز، فهل يخضع رئيس الوزراء والحكومة لمعاملات الطريجي؟ أم يستمران في التصدي لموجة التصعيد الشخصية؟وكان الطريجي قال في مؤتمر صحافي مشترك مع مقرر اللجنة عودة الرويعي: "وجدنا في اجتماعنا اليوم (أمس) الكثير من الملاحظات في أوراق الهيئة"، مطالباً رئيس الهيئة بالرد على الأسئلة التي وجهت إليه من قبل اللجنة.واستغرب تعيينه بعض أقرباء نواب سابقين وحاليين في الهيئة، "وستكون لنا وقفة مع هذه التعيينات التي تمت عن طريق الواسطة والمحسوبية".ووجه الطريجي رسالة إلى رئيس الوزراء مطالباً إياه بـ "رحيل وزير التجارة"، لافتاً إلى أن "وزير التجارة قام باسترداد قسائم صناعية لنواب حاليين وسابقين سحبتها منهم بعض اللجان، لتُردّ إليهم دون وجه حق، ونحن بانتظار عودة رئيس الوزراء لنسلمه تقريراً كاملاً عن وزير التجارة، الذي نتمنى أن يكون رحيله قريباً، وإلا فستكون لنا وقفة معه واستخدام أدواتنا الدستورية".بدوره، قال الرويعي إن "رد الوزير على أسئلة اللجنة ليس تفصيلياً، بل رؤوس أقلام، واتضح لنا اليوم أنه لم يكن هناك أي إعلان رسمي للتعيين للوظائف، وبذلك تسقط جميع الإجراءات التي تبعت التعيينات".وأوضح أن "المنهجية في هيئة أسواق المال العام مفتقدة"، مطالباً برحيل رئيس الهيئة "الذي أصبح محتوماً"، بسبب هذه التجاوزات، مع "إحالة كل المتجاوزين إلى النيابة العامة".
آخر الأخبار
الطريجي «يبتز» الحكومة من بوابة التحقيق في هيئة أسواق المال
07-08-2014