لم ترسم د. أمل مريود رؤوساً مقطوعة وسكاكين للتعبير عن حزنها حول ما يجري في بلدها سورية، ولم تستعمل ألواناًً قاتمة، بل حرصت على أن تبتكر ما يبعدها عن الألم، ولا يزيد الأسى في قلبها. لذا ركزت على بريق الألوان ومتعة العجن، وجماليات المواد مثل النحاس والبرونز التي تضفي فخامة على الحلي وتدعو إلى حب الحياة.  

Ad

اتسمت أعمالها بأنها غير تقليدية، تأخذ الناظر إليها إلى عوالم خاصة  وتدغدغ حواسه وقلبه نظراً إلى طريقة تنفيذها، فالكريستال شوارفسكي الملون ممزوج مع الخزف  في  قلادة طويلة تعود بالناظر إليها إلى حضارات قديمة.

عرفت الحلي منذ بدء تاريخ البشرية، كانت عبارة عن سن الحيوان أو غيره، ارتداها الإنسان الأول ليبعد عنه الأذى الذي كان يتوهمه بالقوى الطبيعية، العواصف والرعد والظلام والمجهول والخوف من الغد والموت.

أما الخزف  فعرف مع أهل بابل والفراعنة الذين كانوا أول من حرق أوكسيد النحاس مع الرمل ، فظهرت حلي ملونة بالأزرق والأخضر،  بعد ذلك عمل الفنيقيون على الزجاج فأوجدوا حبوب الزجاج وبدأوا يتزينون بها وأضافوا إليها الأكاسيد المعدنية. مع تطور المجتمعات السكنية اتسع مفهوم الطبقات وراح الإنسان يبحث عن اكتشافات أخرى: ذهب، فضة، عاج، ألماس، برونز ونحاس وبدأ يحولها إلى حلي تعكس انتماءه الاجتماعي والاقتصادي، ما أدى وألماس...

جشع الإنسان بطبيعته ولد لدي أمل مريود رفضاً، فرفعت الصوت عالياً: {كفى استغلالا لهذا الجنوح في استهلاك كل ما تملك الطبيعة}، فقررت ابتكار مجموعة من الحلي الخزفية والزجاجية استوحتها من طبيعة البحر المتوسط المتميز  بألوانه النابضة بالحياة: الأزرق والأصفر، وبريق الزمن القديم، جمعتهاعلى مرّ أعوام طويلة.

عفوية وشفافية

خلافاً لأي حلي أخرى، لا تعكس قطع أمل مرَيود الحالة الاجتماعية لمن يرتديها، بل ميزتها أنها تعكس العفوية والشفافية بعيداً عن أي تكلف أو اصطناع وعما يفرضه نمط الحياة المعاصرة وتشترك مع الآخر في حب العمل الفني، وتبيّن أن مواد كثيرة متوافرة حولنا يمكننا تحويلها إلى أعمال فنية من دون أن نبتز الطبيعة، وتدعو إلى ترك فرصة للطبيعة لتجدد نفسها وتحيي  ثرواتها.

انطلقت أمل مريْود في مجموعتها من الأساور لأن  هذه الكلمة مستوحاة من السور الذي يحمي ولا يقيّد، كما تقول، لذا أضفت عليها الطابع الحاضن لأنها تحمي اليد، هكذا كانت في الماضي عندما كان المحاربون يضعونها في معصمهم لحمايته من الضربات وهكذا ستبقى صفتها الحاضنة، إلى جانب أنها تتألف من نقطتين تلتقيان في مكان واحد، ما يعني ضرورة اللقاء بين البشر.

الحياة قطار يسير ويتوقف في محطات، وفي الطريق يمكن  تحقيق إبداعات تنبئ بمرور مبدعين عليها. على هذه الطريق تسير أمل مريود وفي كل محطة تبتكر تقنيات جديدة حول السيراميك، وأفكاراً جديدة من خلال أشكال أكثر تطوراً.   محطتها الجديدة المقبلة معرض جديد في نهاية 2014، وكانت أصدرت كتاباً حول السيراميك في العصر الإسلامي، وستعرض مجموعتها من الحلي في باريس، وكانت عرضت هذه المنحوتات من السيراميك والحلي في القاهرة، دمشق، دبي...