تعاني منال من سن يأس مبكرة، في حين يواجه زوجها تدنياً كبيراً في عدد الحيوانات المنوية. وتواجه مريم خللاً في قناتي فالوب عقب تعرضها لعدوى. أما رنا، فتعاني الانتباذ البطاني الرحمي. ولكن بفضل التقدم الطبي، صارت تلك النساء أمهات. منذ 25 يوليو 1978 وولادة لويز براون، أول طفل أنبوب، يُقدّر عدد الأطفال الذين ولدوا بفضل المساعدة الطبية بنحو خمسة ملايين. لكن أسباب العقم كثيرة، شأنها في ذلك شأن الحلول المتوافرة.ولكن في هذه الحالات كافة، يبقى الأساس واحداً: الحاجة إلى الثقة. يوضح الأطباء أن الأزواج يشعرون أحياناً بالراحة في تعاملهم مع بعض الأطباء دون سواهم لأنهم يصغون إليهم ويقدمون لهم معلومات ضرورية. لذلك قد يكون من الأفضل أن يبدّل الأزواج الطبيب إن لم يشعروا بالراحة في التعاطي معه. أسئلة ضروريةتسمح فحوص كثيرة بتحديد أسباب مشكلة العقم لدى الرجل أو المرأة. لا داعي لأن يخضعا لها كلها، إلا أن ذلك يعتمد على تاريخهما الطبي.متى يجب استشارة الطبيب؟تشير المنظمة العالمية للصحة أن الزوجين يعانيان مشكلة في الإنجاب عندما يعجزان عن ذلك في غضون سنة من زواجهما. لكن الأطباء يتبعون عادة مقاربة أكثر دقة. فتختلف فترة الانتظار في رأيهم باختلاف سن المرأة والمشاكل الطبية التي عانتها سابقاً. على سبيل المثال، إذا كان سن المرأة أقل من 38 أو 40، يمكن الانتظار سنة. ولكن إذا كانت أكبر سناً، يجب ألا تنتظر أكثر من ستة أشهر. وتصبح هذه المدة أقصر عندما يتضح أن المرأة أو الرجل عانيا سابقاً من مشاكل صحية تؤثر في قدرتهما على الإنجاب، مثل إصابة قديمة بعدوى منتقلة جنسياً، جراحة في الخصيتين، تناول الأم دواء Distilbène وغيرها.ما تشمله زيارة الطبيب الأولى؟من الضروري أن يرافقك زوجك إلى عيادة الطبيب خلال زيارته الأولى لأن طبيب التوليد سيحاول إعداد سجل مفصل عن المشاكل الطبية التي عانيتماها سابقاً. لن تقتصر أسئلته على حياتكما الحميمة، بل ستشمل أيضاً نمط حياتكما اليومي (تناول الأدوية، التدخين، التعرض لمواد سامة أو مضرة خلال العمل...). كذلك سيطلب منكما الطبيب الخضوع لفحص تقليدي. ويقوم الفحص بالنسبة إلى الرجل على فحص سريري للخصيتين وقناة السائل المنوي يُضاف إليه أحياناً تصوير بالرنين المغناطيسي لكيس الصفن.ما الفحوص الضرورية؟يمكن أن تتطلب الفحوص الضرورية أسابيع عدة، وذلك وفق طبيعتها وعددها. وعند الانتهاء منها، يُفترض أن يحصل الزوجان على أجوبة عن الأسئلة الأربع التالية.ما مدى جودة السائل المنوي؟لتحديد الجواب، تُحلَّل كمية من السائل المنوي يتم الحصول عليها في المختبر. فيُحدد حجم الحيوانات المنوية، عددها الإجمالي، قدرتها على الحركة، وشكلها.ما مدى جودة البويضات؟ليتمكن الطبيب من تحديد "المخزون” المبيضي، يطلب الطبيب من المرأة الخضوع لفحص هرموني (تُؤخذ عينة من دمها خلال الأيام الأولى من الدورة الشهرية، وأحياناً عينة أخرى بعد الإباضة) والتصوير بالرنين المغناطيسي. كذلك يطلب معظم الأطباء من مريضاتهم تسجيل حرارة جسمهن في مراحل مختلفة.هل تجتاز الحيوانات المنوية بنجاح عنق الرحم؟للإجابة عن السؤال، يطلب الطبيب من المرأة الخضوع لاختبار ما بعد الجماع أو ما يُعرف باختباس سميس-هونر. يقوم الاختبار على أخذ عينة من مخاط عنق الرحم أثناء فحص نسائي يقوم به الطبيب خلال الساعات الست إلى الاثنتي عشرة التي تلي عملية جماع خلال مرحلة الإباضة. ويهدف الاختبار إلى التحقق من جودة مخاط عنق الرحم لدى المرأة ومن قدرة الحيوانات المنوية على اختراقه بفاعلية. ولكن بما أن الاختبار مزعج بالنسبة إلى الزوجة ولا يقدم معلومات قيمة، صار أطباء كثر يتجاهلونه. هل تبلغ الحيوانات المنوية البويضات؟بغية التأكد من عدم انسداد قناتي فالوب والرحم، يطلب الفريق الطبي، عادة، من المرأة الخضوع لتصوير الرحم والبوق (hysterosalpingographie). يدوم الفحص الإشعاعي نحو نصف ساعة ولا يتطلب أي تحضير مسبق. لكن لا تترددي في طلب مسكن آلام أو مضاد تشنج، لأن المادة التي تُحقن لإبراز أعضاء الجسم هذه تؤدي إلى آلام شبيهة بما تعانيه أثناء الدورة الشهرية.وإذا لم تظهر الفحوص سبب المشكلة، ما العمل؟تمثل حالات عدم الإنجاب التي لا يمكن تفسيرها أو توضيح سببها نحو 10% من حالات عدم الإنجاب عموماً. إلا أن هذا لا يعني، بالضرورة، أن الزوجين يعانيان العقم. قد تعود هذه الحالات إلى أسباب ما زال العلم عاجزاً عن اكتشافها، أو قد تكون، أيضاً، ذات بعد نفسي. فغالباً ما نسمع النساء يرددن أن عدم الإنجاب ينبع أحياناً من كثرة التفكير في هذه المسألة، ويُنصحن بتناسي المشكلة بغية تخطيها. لذلك ينصح الطبيب الزوجين بالخضوع لعملية تخصيب اصطناعي رغم عجزه عن تحديد سبب عدم الانجاب. لذا نرى حالات تنجب فيها المرأة من دون أي تخطيط مسبق بعد خضوعها لعلاج نفسي أو بدئها علاجات التخصيب أو تبنيها طفلاً.الحلولالتحفيز الهرمونييعود نصف حالات العقم لدى المرأة إلى صعوبة أو استحالة إنتاج المبيضين بويضة قابلة للتخصيب. فما الأسباب؟ كثيرة، منها تعب المبيضين، تكيّسهما، أو خلل في وظائف الغدد.تتوافر مجموعتان كبيرتان من الأدوية التي تُعتمد لتحفيز الإباضة. ويلي هذا العلاج عادةً عملية تلقيح اصطناعي أو في الأنبوب وفق الحالة.التحفيز بالكلوميفين: يوصف مضاد الإستروجين هذا كمحاولة أولى. فيطلب الطبيب من المرأة تناول حبة أو اثنتين منه خلال اليوم الثاني إلى الخامس من الدورة الشهرية. وبغية تعزيز فرص الحمل، يُنصح الزوجان بممارسة علاقات حميمة ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع. ولكن، على غرار محفزات الإباضة الأخرى، تحمل سيترات الكلوميفين هذه خطر التحفيز المفرط، ما يعني أن المبيضين قد ينتجان أكثر من بويضة. نتيجة لذلك، يرتفع احتمال أن تحمل المرأة بأكثر من جنين. وتشمل العوارض الجانبية الأخرى: معاناة هبات ساخنة و/أو اضطرابات بصرية (تشوش الرؤية أو ظهور ما يشبه الذبابة أمام العين). نتيجة لذلك، من الضروري خضوع هذا العلاج لإشراف طبي صارم، رغم سهولته.التحفيز بحقنة الغونادوتروفين: تُستخدم هذه الهرمونات التي تُحقن تحت الجلد في حالة النساء اللواتي يفتقرن إلى إباضة تلقائية ولا يتجاوبن مع سيترات الكلوميفين. كذلك يلجأ إليها الأطباء للحصول على عدد من البويضات الناضجة استعداداً للتلقيح الاصطناعي أو في الأنبوب. وقد أتاح ابتكار أقلام الحقن للمرأة بإجراء هذه الحقن هي بنفسها. وعندما يلاحظ الطبيب أن ردّ فعل المبيضين أصبح ملائماً، تُطلق عملية الإباضة بحقن المرأة بهرمون hCG، علماً أن لهذا الهرمون تأثيرات مشابهة لهرمون LH المسؤول عن الإباضة خلال الدورات الطبيعية. وهنا أيضاً من الضروري أن يخضع العلاج لإشراف طبي دقيق، بغية تفادي الحمل بأجنة عدة وإفراط التحفيز.تشمل عوارض فرط التحفيز بشكلها المحدود الأكثر شيوعاً آلاماً في أسفل البطن تترافق مع إحساس بثقل وآلام في أسفل الظهر أحياناً. وفي 5% من الحالات، تعاني المرأة أيضاً من الغثيان والتقيؤ وأحياناً الحمى. وفي 0.1% من الحالات، تصاب المرأة بخفقان القلب وصعوبة في التنفس.الجراحة أو التخصيب في الأنبوب: لعلاج تشوهات مسالك الجهاز التناسليلإتمام عملية التخصيب، يجب أن تصل الحيوانات المنوية إلى البويضة داخل مسالك الجهاز التناسلي لدى المرأة. نتيجة لذلك، تحد كل عقبة تعيق طريقها من فرص الحمل ومن الضروري التخلص منها.تشمل العقبات الرئيسة في هذا المجال تراجع نوعية مخاط عنق الرحم، الانتباذ البطاني الرحمي (نمو البطانة خارج الرحم)، انسداد قناتي فالوب أو تشوههما بسبب عدوى (التهاب البوق)، أو تناول والدة المرأة دواء Distilbène خلال الحمل بها. فضلاً عن ذلك، يصعب الورم الليفي الرحمي أو تشوهات الأعضاء التناسلية عملية انغراس البويضة.الجراحة: لم يعد الأطباء يلجأون، اليوم، إلى الجراحة بقدر الماضي. ولكن عندما يكشف تصوير الرحم والبوق أي عوائق في المسالك التناسلية، من الممكن التدخل بواسطة المنظار لإعادة فتح قناتي فالوب. كذلك يُستخدم التنظير لمعالجة آفات بطانة الرحم، مثل تكيس المبيضين. لكن الجراحين باتوا يتفادون، اليوم، إجراء أي جراحة ترتبط بالمبيضين إلا في حالات محددة.التخصيب في الأنبوب: في بعض الحالات، يسعى الطبيب إلى زيادة فرص الحمل، فيبدّي التخصيب في الأنبوب على التلقيح الاصطناعي. ويتبع التخصيب في الأنبوب مراحل عدة. تُؤخذ البويضات من رحم الأم عبر المهبل في المستشفى. يستعين الطبيب، خلال هذه العملية، بالتصوير بالموجات الصوتية وتخضع المرأة لتخدير موضعي أو كامل. في المقابل، يحصل الطبيب على الحيوانات المنوية من الزوج ويجري عملية التخصيب في أنبوب. اللافت أن احتمال حدوث حمل يعتمد على عدد الأجنة الناجمة بقدر اعتماده على نوعيتها. يعمل الطبيب بعد ذلك على نقل الأجنة إلى رحم الأم، مستخدماً التصوير بالموجات الصوتية، علماً أن هذه العملية بسيطة ولا تسبب الألم. صحيح أن هذه الخطوة بالغة الأهمية، إلا أنها لا تستدعي أي تدابير خاصة خلال الساعات إلى الأيام التالية.أدوية وإجراءات طبية لعلاج النقص في عدد الحيوانات المنويةتعجز الحيوانات المنوية عن تخصيب البويضات لأنها قليلة العدد أو لأن شكلها غير طبيعي. تكون هذه المشكلة أحياناً طفيفة، إلا أنها تتفاقم إن كانت المرأة تعاني أساساً صعوبة في الإباضة. وهنا تنشأ ضرورة التدخل لمساعدة المرأة على الحمل.يعود سبب العقم في 20% من حالات عدم الإنجاب إلى مشاكل يعانيها الرجل. بالإضافة إلى مشكلة غياب الحيوانات المنوية بالكامل، ترتبط العقبات الأكثر شيوعاً بنقض عدد الحيوانات، تراجع قدرتها على الحركة، و/أو تبدل في شكلها. ويكون من الصعب غالباً تحديد أسباب هذه التشوهات. ولكن إذا اتضح أنها تعود إلى نقص في الغونادوتروفين، ينصح الطبيب المريض باتباع علاج يرفع مستوى الهرمون إلى معدلات كافية. أما إذا كان تراجع عدد الحيوانات أو انخفاض قدرتها على الحركة عائداً إلى عدوى ما، يُعطى المريض مضاداً حيوياً. كذلك يبحث الطبيب أحياناً عن أسباب بيئية، مثل تدخين التبغ أو القنب الهندي والتعرض للسموم. لكن بعض الحالات يتطلب أيضاً تدخلاً طبياً أوسع.التخصيب الاصطناعي: بعد تحفيز المبيض، يطلق الفريق الطبي عملية الإباضة لدى المرأة. وتجرى عملية التخصيب بعد يومين. في اليوم المحدد يقصد الزوج المختبر للحصول على حيواناته المنوية، التي يتولى طبيب مختص الاهتمام بها استعداداً لعملية التخصيب. تُجرى العملية عبر المهبل ولا تسبب أي ألم. كذلك تستطيع المرأة بعدها استئناف نشاطاتها بشكل طبيعي. يُعتبر التخصيب الاصطناعي حلاً جيداً في حالة العقم البسيط لدى الرجل، العقم غير المبرر، المشاكل المرتبط بمخاط عنق الرحم، وصعوبات الجماع.التخصيب في الأنبوب مع حقن الحيوانات المنوية بالبويضة: بما أن هذه العملية تزيد، على نحو ملحوظ، فرص النجاح عند تعرض الحيوانات المنوية لتبدلات حادة، يفضل الطبيب التخصيب في الأنبوب مع حقن الحيوانات المنوية بالبويضة على التخصيب في الأنبوب التقليدي. فهي تسمح باختيار حيوان منوي جيد، ما يعزز، بالتالي، فرص الحمل في حالة الحيوانات المنوية الضعيفة الحركة أو المتشوهة. أما إذا كانت الحيوانات المنوية لا تخرج من الخصيتين لحظة القذف، فيستطيع الطبيب استخراجها بإجراء بسيط يخضع خلاله المريض للتخدير العام أو الموضعي.إذاً، رغم كثرة مشاكل عدم الإنجاب اليوم، يقدم لنا العلم وسائل مبتكرة عدة لمعالجة المشكلة بأوجهها المختلفة، سواء كان سببها الرجل أو المرأة. لذلك لا تترددي أنت وزوجك في اللجوء إلى طبيب مختص إن كنتما ترغبان في الإنجاب وقد مر على زواجكما أكثر من سنة.الوخز بالإبر حليف مميزبالإضافة إلى استشارة طبيب متخصص في مجال الخصوبة والعقم، يشكّل الوخز بالإبر عاملاً مساعداً، حسبما تؤكد دراسات كثيرة. فقد شملت إحدى الدراسات 1366 امرأة ألمانية وأميركية ودنماركية وأسترالية لجأن إلى التخصيب في الأنبوب. نُشرت الدراسة في المجلة الطبية البريطانية (عدد فبراير 2008). وقد أظهرت أن الوخز بالإبر يرفع، على الأرجح، فرص الحمل بنسبة 65%. ولكن إلامَ تعود هذه التأثيرات الإيجابية؟ من الأسباب المحددة زيادة تدفق الدم إلى الرحم، وتراجع هرمونات الإجهاد التي تصعب انغراس البويضة. فضلاً عن ذلك، تستعيد المرأة ثقتها بنفسها لأنها تشعر أنها منحت نفسها كل الفرص الممكنة التي تسمح لها بالحمل.أحدث التطورات• تجميد البويضات: تزيد تقنية التجميد البالغة السرعة هذه احتمال الحصول على بويضات سليمة بعد إذابتها. وتُخصص هذه التقنية راهناً للنساء اللواتي يُعتبرن عرضة للعقم بسبب علاج أو مرض ما.• زراعة الخلايا الجذعية في المبيضين بهدف تجديد مخزونهما من البويضات. ويعمل الباحثون اليوم على تطوير هذا الاحتمال.• إعادة برمجة خلايا الجسم، مثل خلايا الجلد، لتتحول إلى بويضات وحيوانات منوية. تُعتبر هذه الطريقة ممكنة، إلا أنها لا تزال بعيدة.عوامل أساسية تؤثر في الإنجابيبقى السن العامل الأول، مع أن الإنجازات العلمية الأخيرة، التي سمحت لبعض النساء المتقدمات في السن بالإنجاب، قد تدفع البعض خطأً إلى تجاهل هذا العامل. ففي سن العشرين، يبلغ احتمال الحمل تلقائياً نحو 25% في كل دورة، إلا أن هذا الاحتمال يتراجع إلى 8% مع بلوغ سن الأربعين. ولا شك في أن السن تؤثر أيضاً في مدى فاعلية الإجراءات الطبية التي تساعد على الإنجاب. على سبيل المثال، تبلغ نسبة الحمل من التلقيح الاصطناعي الأول 37% في سن الثالثة والثلاثين. إلا أن هذه النسبة تتراجع إلى 5% في سن الثانية والأربعين.تُعتبر وتيرة العلاقات الزوجية أيضاً بالغة الأهمية. فكلما كانت مرتفعة، ازدادت فرص الحمل. قد تبدو هذه الفكرة جلية، إلا أن تطبيقها خلال الحياة اليومية لا يكون سهلاً دوماً. لكن تُظهر الدراسات الأخيرة أن رفع فرص الحمل إلى الحد الأقصى يتطلب إقامة علاقات ثلاث مرات في الأسبوع على الأقل.ثمة أيضاً أسباب بيئية. فللتدخين، الإجهاد، والسمنة تأثيرات سلبية في القدرة على الحمل. ويمكن أيضاً للتعرض لبعض الملوثات، مثل مضادات الآفات والحشرات، الحد من هذه القدرة.
توابل
التأخر في الإنجاب: أسبابٌ وحلول
10-05-2014