اتهم أستاذ أصول الفقه المساعد بجامعة الأزهر، الدكتور إسماعيل عبدالرحمن، جميع مؤسسات الدولة وأهل العلم بالمسؤولية عن تنامي ظاهرة الإلحاد وتأثر الشباب بأصحاب الأفكار والتيارات المتشددة في المجتمع، وطالب في حواره مع "الجريدة" بوضع برامج شاملة للثقافة الإسلامية في كل المؤسسات لتحصين الشباب ضد الأفكار التكفيرية وتغيير طريقة فهمنا وعرضنا لتعاليم الدين، وإلى تفاصيل الحوار:

Ad

• كيف ترى الثقافة الإسلامية راهناً؟

- هناك شريحة في المجتمعات الإسلامية، خاصة في مصر، بحاجة ماسة إلى الثقافة الإسلامية، حتى نستطيع أن نحصن بها المسلم غير المتخصص، فمادة الثقافة الإسلامية وكنت أقوم بتدريسها في الكويت والسعودية، إذا تم تدريسها في مصر وتعميمها في المدارس والجامعات العربية سيكون لها أثر جيد، ولا تدرس الثقافة الإسلامية كمادة فقط، بل يجب أن تكون هناك برامج تثقيفية كاملة في جميع المؤسسات العامة التربوية والإعلامية والثقافية، مهمتها وضع برنامج أو منهج لتعريف الناس بتعاليم الدين.

• ما نتائج غياب الثقافة الإسلامية؟

- أصبحنا في ذيل قائمة الأمم، وأصبح المسلمون يشكلون دول العالم الثالث والمتخلف، ولم نعد مثلما قال ربنا سبحانه وتعالى " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ". هذه الخيرية تستلزم منا نحن أهل العلم أن نفهم ديننا حقاً، هذا الدين الجميل يحتاج منا أن نحاول تغيير منهجنا وطريقة عرضنا، فنحن بحاجة إلى تفعيل عملي لهذا الدين الذي يرفع الأمم للأمام، ويستطيع المسلم حينما يأخذ جرعة من الثقافية الإسلامية أن يكون آمناً مطمئناً سعيداً راضياً عن نفسه، لأنه أصبح عبداً لله عز وجل، لكن أن نترك شبابنا وعوامنا وكبارنا لقنوات تبث أفكاراً هدامة، فتلك هي الكارثة، التي تفرز أمراضاً اجتماعية خطيرة، وفي العام الماضي وجدنا بعض شباب الجامعات في مصر أعلن إلحاده، وكل مؤسسات الدولة مسؤولة عن وصول الشباب إلى هذه المرحلة الخطيرة.

• أين دور المؤسسات الدينية من مواجهة الإلحاد قبل أن يتحول إلى ظاهرة؟

- يحتمل أن تكون أدواتها ليست بالمستوى اللائق، ولا تستطيع تحصين هؤلاء الشباب الذين يجلسون 15 ساعة أو أكثر أمام شبكات التواصل على الإنترنت، فيجب التقرب للطلاب في الجامعة، ولا نكتفي بالحوار العابر، طلابنا فيهم خير ونحن تركناهم، ولذلك ضاعوا، علينا أن نفتح أبوابنا وصدورنا ونقول لهؤلاء عودوا، فدينكم جميل ونحن نحزن لأنكم فهمتم فهما خاطئا، وللأسف حتى القنوات الفضائية الإسلامية لعبت دوراً في تشويه صورة الإسلام السمح المعتدل وقدمته بشكل سيئ لا يتوافق وحقيقة الإسلام، ما انعكس بدوره على فهم الشباب للدين وبالتالي نشأت أفكار هدامة في المجتمع يجب العمل على التخلص منها سريعاً وإعادة البناء بروح جديدة.

• وهل تقع المسؤولية أيضاً على عاتق مؤسسات أخرى؟

- السبب الرئيسي في هذه المشكلة هو ضعف المؤسسات المسؤولة عن الفكر الوسطي المعتدل، فالخطاب الديني الوسطي موجود، لكن ليس بالمستوى الذي يحمي الشباب والمجتمع، ويوقف الذين اعتلوا الساحة الفكرية أو الدعوية منذ عدة سنوات، ومنهم نماذج سيئة، مثل الشخص الذي قام بتمزيق الإنجيل، ورد عليه أحد النصارى بتمزيق المصحف، ونقولها بكل وضوح: يا من تريدون أن تتصدروا الدعوة ليكن قدوتكم سيد الخلق، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم).

• تأثر الشباب بالجماعات المتشددة ألا يُعد تقصيراً من جانب المؤسسات الدينية الرسمية؟

- هذا أحد الأسباب، لكن ثمة أسباباً أخرى عديدة لا ننكرها، أولها عدم وجود منهجية لتكوين نشء مثقف إيمانياً بمفهوم دينه الحقيقي، فهناك أجيال تخرجت ولا تعرف من الدين إلا الصلاة والزكاة والحج.

• ما المطلوب لتصحيح المفاهيم وتقوية الدين لاستعادة الشباب مرة أخرى؟

- بعض الناس لا يصلون إلا يوم الجمعة، ولو صادف خطيباً جيداً لواظب على الصلاة، وفي مصر مثلاً وضعت وزارة الأوقاف برامج يومية للدروس في المساجد، وإعداد الخطباء من خلال دورات علمية فكرية ثقافية معاصرة حتى يكون الإمام ملماً بمستجدات العصر.

• برأيك ما سبل حماية المجتمع من الفكر التكفيري؟

- التذكير الدائم بوسطية الإسلام والتحذير من الغلو وتكفير المجتمع وبيان الأفكار الهدامة والرد عليها وكشف انحرافها.

• ماذا عن حضور المؤسسات الدينية في وسائط الاتصال الحديثة؟

- ليس لها وجود على الإنترنت أو شبكات التواصل، وهذه كارثة، وأنا مشارك بموقع الفقه الإسلامي، وهو موقع خاص بالفتاوى والسؤال يوجه لكل الأعضاء في الموقع وهي فكرة رائعة ونحتاجها، ونحتاج مواقع للتواصل عن الثقافة الإسلامية بشكل عام، فنحن نفتقر إلى استخدام الوسائل المعاصرة لخدمة ديننا، ولن يكون هذا الاستخدام صحيحاً إلا بعد وضع برنامج قائم على المنهج الصحيح للدعوة لله سبحانه وتعالى، يقوم على تأسيسه خبراء متخصصون من أهل الوسطية والاعتدال، يريدون أن يبلغوا النور الذي نزل من السماء، ولذلك نحتاج في عالمنا العربي والإسلامي إلى خطة شاملة نفهم من خلالها حقيقة ديننا الحنيف وغاية وجودنا في الكون كأتباع لهذا الدين بأن نحافظ عليه ونبلغه للآخرين ونصحح من انحرف منا عن الطريق القويم.

• يرى البعض أننا أصبحنا على هامش التاريخ... ما تعليقك؟

- لا ولن نكون أبداً هكذا، فأنا موقن بتحقق قوله تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس" وسنظل خير أمة إن تمسكنا بالشرط.