يفصّل مقال في مجلة المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة دراسة شملت 76 ألف امرأة ودامت أكثر من عقد من الزمن. وقد توصلت الدراسة إلى تأكيد الرابط المعروف بين التدخين والسرطان. فكان سرطان الرئة أكثر شيوعاً بنحو 13 مرة بين المدخنات الحاليات، وبنحو 4 مرات بين المدخنات السابقات، مقارنة بغير المدخنات.

لكن الدراسة لم تتوصل إلى علاقة بارزة من الناحية الإحصائية بين سرطان الرئة والتعرض للتدخين السلبي. فلم يتوصل الباحثون إلى علاقة يعتبرونها {مهمة إحصائيّاً إلى حد ما} إلا في حالة النساء اللواتي عشن مع مدخن طوال 30 سنة أو أكثر. ولكن في مدونة Velvet Glove, Iron Fist، يشير الصحافي كريستوفر سنودن إلى أن {ما من علاقة مهمة إحصائيّاً إلى حد ما. فإما تكون مهمة أو لا}، والمعدل المذكور غير مهم.

Ad

لا تشمل الدراسة التأثيرات السلبية الأخرى لتنشق دخان سجائر شخص آخر، التي تشمل الربو واحتمال الإصابة بمرض قلبي رئوي. اتصلت بجيرارد سيلفستري من الجامعة الطبية في كارولاينا الجنوبية، عضو في مجلس الفحص والوقاية في المعهد الوطني للسرطان، وأخبرني أن الدراسة تؤكد ما يعتقده باحثون كثر منذ زمن.

قال سيلفستري: {تُبرهن الدراسة ما كان يظنه الناس سابقاً: لا تُعتبر المخاطرة عالية عندما يكون التعرض للتدخين السلبي منخفضاً. صحيح أن هذا أمر جيد، ولكن يجب ألا يمنع أحداً من التفكير: لا أريد الذهاب إلى مطعم أو أي مكان آخر مع شخص يدخن}.

يشير أحد الباحثين في المقال إلى أن التأثير الأهم لمنع التدخين في الأماكن المغلقة يرتبط بالمدخنين أنفسهم.

يذكر الدكتور جيوتي باتل من كلية الطب في جامعة نورثوسترن: {يبقى السبب الأهم لتفادي التدخين السلبي محاولة تغيير السلوك الاجتماعي: رفض العيش في مجتمع يُعتبر فيه التدخين العرف المتبع}.

يوضح الباحثون أن الدراسات السابقة حول السرطان توصلت إلى نتائج غير حاسمة، مع أن مراكز ضبط الأمراض والوقاية منها لا تزال تعتبر التدخين السلبي مسؤولاً عن 46 ألف حالة وفاة نتيجة الإصابة بمرض القلب و3400 حالة وفاة بسبب السرطان كل سنة. تكمن المشكلة في أن الدراسات التي أظهرت رابطاً قويّاً بين التدخين السلبي والسرطان كانت تتعلق بحالات إفرادية (case-control studies) وتشوبها أخطاء في جمع البيانات، وخصوصاً ميل مَن يعانون مرضاً يمكن إرجاعه إلى تعرض سابق يسهل تذكره.

ولكن بين المشاركات في الدراسة الـ 76 ألفاً، ذكرت 4 آلاف فقط أنهن لم يتعرض للتدخين السلبي، ما {يصعب تحديد اختلاف} يُظهر الرابط بين التدخين السلبي والسرطان، وفق أحد الباحثين.

دعوى قضائيّة

رغم ذلك، تساهم الدراسة في تقويض أسس دعوى قضائية قدّمها 60 ألف مضيف ومضيفة طيران طالبوا بتعويض بسبب إصابتهم بسرطان الرئة نتيجة تعرضهم للتدخين السلبي الذي كان شائعاً في الماضي، حين كان يُسمح للناس بالتدخين في الطائرات. فسوّت شركات التبغ هذه القضية بدفع 300 مليون دولار لإقامة معهد الأبحاث الطبية الخاص بمضيفي الطيران، هدفه إجراء أبحاث حول أمراض ترتبط بالتبغ. لكن محامي مضيفي الطيران كانوا يطالبون بإقفال المعهد ودفع المال مباشرة للمتضررين، معتبرين أن منع التدخين في الطائرات أنهى هدف هذا المعهد وتأثيره في حياة العاملين في هذا المجال.