خالد حسيني ظاهرة بكل معنى الكلمة خصوصاً بعد بيعه أكثر من 38 مليون نسخة من روايتيه الأوليين. اخترق هذا الأميركي الأفغاني قلوب القراء، للمرة الأولى، مع كتابه The Kite Runner (عداء الطائرة الورقية)، الذي حقق أعلى المبيعات. تتمحور هذه الرواية المؤثرة حول صداقة بين صبيين في كابول تصطدم بعقبات كبيرة. وبعد أربع سنوات، ركّز كتاب حسيني الثاني، A Thousand Splendid Suns (ألف شمس ساطعة)، على حياة امرأتين وحبهما. وقد دارت أحداث هذه الرواية ضمن إطار ثلاثين سنة مضطربة تتالت خلالها أنظمة الحكم الأفغانية المختلفة. وبعدما ترقب القراء طوال سنوات ست صدور عمله الجديد، قدّم لهم حسيني And the Mountains Echoed (ورددت الجبال الصدى). يسرد حسيني هذا العمل من وجهات نظر مختلفة، فتتشابك فيه التطورات وتتداخل: فتى وشقيقته ينفصلان في مطلع حياتهما، رب عمل وموظف يتولى رعايته يخوضان علاقة غريبة، أم عابثة مدمنة وابنة متبناة حائرة تتقاتلان، وقريبان يقيمان في الولايات المتحدة ويعانيان الشعور بالذنب عندما يعودان إلى الوطن. أما محاور الضعف، الندم، والمصالحة التي تميز كتابات حسيني، فتبرز بوضوح في هذه الرواية، فضلاً عن قدرته على توليد مشاعر شاعرية. تحدث هذا الكاتب إلى موقع Goodreads عن الذنب الذي يشعر به بسبب إقامته في المنفى، عن عدم معرفته نهاية رواياته عندما يبدأ بكتبتها، وعن حياته كأب لا يعمل خارج المنزل. تدور أحداث رواية And the Mountains Echoed في بلدان عدة، على غرار روايتيك السابقتين. كيف تتعاطى مع الكتابة عن حقبات في التاريخ الأفغاني لم تشهدها شخصياً؟لم أنتقل إلى الولايات المتحدة حتى عام 1980، مع أنني غادرت أفغانستان عام 1976. عشت في باريس طوال أربع سنوات. ولم آتِ إلى الولايات المتحدة حتى خريف عام 1980 بعيد ولادة الاتحاد السوفياتي. لذلك يستند ما يدور من أحداث دونتها عن أفغانستان خلال الحرب الأهلية، تسعينيات القرن الماضي، الحرب السوفياتية، عهد طالبان، وغيرها إلى خليط من قصص وأخبار عن أفغانستان، خلال تلك الحقبات، حملها إلي أفغان أتوا من ذلك البلد ليعيشوا في المنفى، أو سمعتها أثناء زياراتي الخاصة إلى أفغانستنان منذ عام 2003. حظيت بفرصة التحدث إلى أناس من خلفيات مختلفة. فأطلعوني على روايات كثيرة عما كانت عليه الحياة عندما كانت حرب الميليشيات تدمر كابول، حين نشأت حركة طالبان، وعندما كان السوفيات في أفغانستان. فاستغللت تلك الروايات، محاولاً منح قصصي خلفية واقعية تمنيت أن يصدقها القارئ.هل تتعاطى مع عملك كصحافي؟ وهل تدوّن المعلومات والملاحظات؟كلا، لم أقُم يوماً ببحث بهدف الكتابة، بل ترتكز رواياتي على معلومات حفظتها. على سبيل المثال، زرت أفغانستان وحدي عام 2003 لأني أردت أن أعمّق معرفتي بهذا البلد. رغبت في أن أعطي روايتي الجديدة بعداً إنسانياً لأسباب شخصية. حُفر الكثير من القصص التي سمعتها في ذاكرتي. ومنذ ذلك الحين زرت أفغانستان ثلاث مرات بتفويض رسمي من المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وهكذا حظيت بفرصة لقاء عدد من الناس وإجراء مقابلات معهم بأسلوب صحافي. فاطلعت على وجهة نظرهم من الحياة بعيداً عن أفغانستان، المنحى الذي اتخذته حياتهم بعد العودة إليها عقب سقوط طالبان، والتحديات التي يواجهونها اليوم. وهكذا استخدمت قصصهم هذه لأصوغ خلفية يرتكز عليها دعمي للاجئين.عندما ترى كم من أناس عانوا في وطنك، هل تشعر بالذنب لأنك رحلت؟لا شك في ذلك. قد أكون الإنسان الأوفر حظاً الذي أتى من أكثر الأماكن بؤساً. أنا كذلك، فقد عشت حياة شبيهة بما اختبرته إحدى شخصيات كتابي: الطبيب الشاب الذي يعود إلى كابول مع قريبه. غمرتنا كلينا فرحة العودة إلى أرض الوطن مع اقتراب الطائرة من كابول ورؤية المدينة المترامية الأطراف تحتنا. في تلك المدينة وُلدتُ وفيها تعلمت الكلام والمشي. وعندما سرت في شوارعها، لم أبدُ مختلفاً عن ناسها. فأنا أجيد لغتهم ويمكنني مخاطبتهم. رغم ذلك، ظللت غريباً. هذا ما أشعر به. وهم يستطيعون تمييز ذلك في الحال لأنني لا أحمل على جسمي رائحة كل تلك التجارب التي مروا بها. ومن هنا ينبع شعوري بأن الحياة التي عشتها هي وليدة الحظ والصدف الوراثية: وُلدت في هذه العائلة بالذات، وصدف أنني استطعت مغادرة البلد. يعود شعوري بالذنب إلى هذا الحظ الوافر. وربما يشكّل هذا الواقع جزءاً من الأسباب التي دفعتني إلى إنشاء مؤسستي الخاصة.لعل هذا ما يدفعك إلى الكتابة عن بلدك الأم. فهل هذه طريقتك الخاصة لردّ الجميل؟أتمنى لو أنني أستطيع الإجابة بالتحدث عن مشاعر نبيلة مماثلة. يمكنني أن أكذب وأتهرب من الجواب، إلا أنني لا أكون بذلك صادقاً. أكتب لأنني لا أستطيع منع نفسي. تثير قصة أو شخصية أو وضع أو صراع ما اهتمامي، فأعجز عن التوقف. علي أن أستكشف أنا بنفسي ماهيتها، ما سيحدث، ما ستؤول إليه التطورات، وما تكشفه عن الناس. لطالما كانت أسس السرد سبب انجذابي إلى الكتابة. ولكن مع الخيال، تدوّن قصة، فتكتسب أبعاداً خاصة بها تتخطى ما كنت تخطط له ككاتب. يمكن أن تتحوّل الكتب إلى نوافذ تطل على عوالم أخرى أو جسور تردم الفجوات بين الناس، مع أنني لم أكن أسعى، حين بدأت الكتابة، إلى تثقيف الناس أو سد الهوة بين الغرب ووطني الأم. لم يكن هذا هدفي مطلقاً، إلا أنه إحدى نتائج الكتابة عن تلك المنطقة وعن بلدي وما يحدث فيه.هل تعرف أثناء الكتابة ما سيحلّ بشخصياتك؟لا أملك أدنى فكرة. أشبه رجلاً يسير في غرفة مظلمة جداً ويحمل مصباحاً صغيراً يضيء أمامه أمتاراً قليلة فحسب. لا أعلم إلى أين أتجه. بدأت قصتي الأخيرة مع صورة قوية جداً راودتني وكأنها صاعقة من حيث لا أدري: صورة رجل يسير في الصحراء ويجرّ وراءه عربة حمراء فيها فتاة في الثالثة من عمرها، وخلفه يمشي بتثاقل صبي في العاشرة من عمره. ما كنت أملك أي فكرة عن هوية هؤلاء الأشخاص أو ماذا يفعلون أو ما الرابط بينهم. لكن هذه الصورة أثرت فيّ بعمق. فجلست وبدأت أستكشفها. وهكذا كان أول ما كتبته الفصل الثاني من الرواية مع توجه عبد الله، باري، والأب إلى كابول. ومن هناك انطلقت في الكتابة ووُلدت سائر الشخصيات من حيث لا أدري. تتبعت تداعيات القصة الأولى التي شكّلت جذع شجرة تفرعت منه كل الأغصان الأخرى. لم أعرف مسبقاً ما ستؤول إليه تطورات رواياتي. وأعتبر هذا جزءاً من متعة الكتابة: تأليف كتاب مليء بالعفوية والمفاجآت والتطورات التي لم أتوقعها البتة.هذا مذهل. تحتاج إلى الثقة لتنطلق في رحلة لا تعرف خواتيمها.نعم، هذه قفزة نحو المجهول. لذلك على طاولة مكتبي مسودات عدة من كل رواياتي لا خاتمة لها. وهذه مشكلة لأنني أسلك دروباً مسدودة كثيرة. فأضطر إلى التفكير مطولاً للخروج منها. وما كنت لأواجه هذه المشكلة، على الأرجح، لو وضعت مخططاً لكتابي. ولكنني لو خططت مسبقاً، لاضطررتُ إلى الالتزام بتلك الحبكة وأطر القصة، ما قد يسلب الشخصيات مميزاتها والرواية مفاجآتها وعفويتها. لذلك أفضل ألا أخطط مسبقاً لمجريات الرواية.يبدو هذا عملاً مضنياً. كم أنت مستعد لتحمل حالة الحيرة والضياع هذه؟قد أمضي ستة أسابيع في كتابة 75 صفحة لا تؤدي إلى نتيجة مرضية. فأضطر عندئذٍ إلى رميها في النفايات لأبدأ من جديد: أحدد سبب المشكلة وأسلك درباً مختلفاً. وإذا أمضيت الوقت الكافي في التفكير فيه وتأمله، أصل إلى نتيجة ما وتنحلّ عقدتي. على سبيل المثال، راودني في كتابي الأخير شعور غامض بأن قصة الأخ وأخته لم تُروَ بالكامل وأننا قد نشهد لمّ الشمل في نهاية القصة. ولكن ما السبيل إلى تحقيق ذلك وفي أي ظروف؟ ما ستكون عليه حالتهما عندئذٍ؟ وماذا سيكون الحافز وراء هذا اللقاء؟ كانت الإجابة عن كل هذه الأسئلة غامضة بالنسبة إلي.اعتمدتَ، أيضاً، مقاربة جديدة في روايتك الأخيرة، متبنياً وجهات نظر عدة.أثارت شخصيات مختلفة كثيرة اهتمامي، ولاحظت أن ما حدث بين الأخ وأخته أثّر في عدد كبير من الناس. لذلك رغبت في معرفة إلامَ سيؤول ذلك. بدا لي هذا العمل أشبه بالإصغاء إلى جوقة غناء، المغني تلو الآخر، لنصل إلى الذروة مع تلك الأغنية الجماعية التي أنشدتها كل الشخصيات معاً. استمتعت بالعمل على هذا الكتاب أكثر من الروايتين السابقتين لأنه كان أشد صعوبة. شكّل تحدياً بالنسبة إلي، ودفعني إلى العمل بجهد أكبر.يمتاز عملك بالاضطرابات العاطفية التي يحتويها. فهل تعاني الألم خلال تأليفك رواياتك؟إذا كنت لا تعيش هذه المشاعر خلال وضعك القصة، فلن يختبرها أي من القراء. هذا ما أعتقده. إذا لم تتأثر عاطفياً بشخصياتك، وإذا لم يمسّك مصير إحداها في الصميم، فلن تنجح البتة في التأثير بالقارئ. نتيجة لذلك، أعيش مراراً ما يختبره القراء لأنهم هم يمضون أسابيع فقط مع كتابي، في حين أكون قد خصصت أنا سنتين أو ثلاث لتلك الشخصيات. فتعيش معي كل يوم وتصبح جزءاً من حياتي. لذلك يزداد اهتمامي بها بمرور الوقت وأقلق حيال مصيرها. على سبيل المثال، عندما مات بابا في The Kite Runner، اعتصر الألم قلبي خلال تدويني تلك الأحداث. وفي مراحل كثيرة من هذه الرواية، شعرت بأن أحداثها تمسني شخصياً.يشير قراء كثر إلى أنهم يواجهون صعوبة في مطالعة أعمالك لأن الرجال بين شخصياتك «ضعفاء». هل سبق أن سمعت هذا النقد؟ وهل توافقهم الرأي؟لا أظن أن المشكلة تقتصر على ضعف الرجال في رواياتي. أعتقد أن الناس عرضة دوماً للخطأ. وأظن صراحة أن حسان، الشخصية الأقل إثارة للاهتمام في رواية The Kite Runner. فشخصيته بسيطة لا تحتوي على كثير من التناقضات والتعقيدات. تجذبني عادةً الشخصيات الكثيرة العيوب والأخطاء والهفوات والزلات، تلك الشخصيات التي تحمل عدداً كبيراً من التناقضات والصراعات والتي لا تنبع أعمالها من دوافع نبيلة. يعود ذلك إلى أن هذه الشخصيات تقدّم لك فرصة الانطلاق في رحلات أخرى والسير نحو وجهات مختلفة.يستند مؤلفون كثر في كتاباتهم إلى تجارب عاشوها. وفي حالتك، أدت أفغانستان دوراً كبيراً في تلك التجارب. أوَلا يصبح الاعتماد على تجارب مماثلة أكثر صعوبة إن فقدت الاتصال بأرض الوطن؟ما من ضامن يؤكد أنني سأكتب مجدداً عن أفغانستان. لا يزال ما حدث في أفغانستان ومع شعبها عزيز على قلبي، لذلك كتبت عنه. لكنني واثق من أنني سأكتب في مرحلة ما عن موضوع مختلف تماماً. يمكنني أن أجزم أنني لن أكتب الرواية ذاتها مرتين، عمداً على الأقل. لذلك أحرص على ألا أكرر خطواتي وأرغب في كل مرة أن أختبر أمراً جديداً ومختلفاً.أتظن أنك كنت ستؤلف روايات مماثلة لو لم تغادر أفغانستان؟ وإذا كان الجواب نفياً، فماذا علمتك الحياة في الولايات المتحدة عن الحياة في أفغانستان؟أقدّم في كتبي وجهة نظر أفغاني يعيش في المنفى. لو بقيت في أفغانستان وكنت أتمتع بموهبة الكتابة، لعملت في التأليف بالتأكيد، إلا أن كتبي كانت ستحمل وجهة نظر مختلفة تماماً. أكتب اليوم من وجه نظر أفغاني عاش في الشتات، أفغاني رحل. ولا شك في أن هذا الواقع سيؤثر فيه دوماً. لذلك يتجلى هذا البعد عن أفغانستان في أعمالي باستمرار، ما يُعتبر ميزة وعقبة في آن. ولا أعتقد أنني وحيد في ذلك. أظن أن لكتّاب كثر ممن يقدّمون أعمالاً عن وطنهم الأم (مع أنهم غادروه منذ زمن) المزايا والهفوات ذاتها.يمكن لهذا الانفصال بين الإنسان ووطنه الأم أن ينتقل عبر الأجيال. فيختبر أولاد المهاجرين وأهلهم الشعور ذاته.أقر بأنني تأثرت بما يحدث في أفغانستان وبالصراعات الدائرة فيها وأعمال التهجير والعنف. كان وقع هذه كبيراً في نفسي، وقد شغل حيزاً من حياتي. إلا أنني لا أود منحه مكاناً كبيراً في عالمي. نتيجة لذلك، تلاحظ أنني أتيت على ذكر الحرب والاضطرابات في أفغانستان في بضعة فصول من كتابي الجديد، بيد أنني لم أخصص لها مساحة كبيرة، بخلاف كتابيّ السابقين. ويعود ذلك في جزء منه إلى أنني لا أرغب في الكتابة عن الأمور عينها مجدداً. وأود أيضاً أن نتمكن من الحديث عن أفغانستان وتناول شؤون الحياة اليومية فيها من دون أن نتطرق إلى المتطرفين وأعمالهم.يسأل عضو Goodreads روب: "كيف نجحت في سرد الرواية من وجهة نظر امرأة، مع أنك رجل تربى في مجتمع ذكوري بامتياز؟ إلى مَن تعزو مهارتك الكبيرة في تقديم وجهة النظر هذه؟”.تساءلت كثيراً عن هذه النقطة خلال تأليفي روايتي الثانية. لكنني قررت ألا فائدة من محاولة تخيل وجهة نظر امرأة أو معرفة طريقة تفكيرها. أواجه صعوبة في فهم نفسي، فكم بالأحرى امرأة أخرى لا أعرفها؟ لذلك سعيت إلى التركيز على جوهر الشخصيات: مما تخاف هذه الشخصية أو تلك بغض النظر عن جنسها؟ ماذا تريد؟ وما هي أمنيتها الكبرى في الحياة؟ أدركت أني إذا فهمت جوهر الشخصية، أساسها، حاجتها الكبرى، ومخاوفها، أنجح في تقديمها بطريقة أكثر صدقاً.لا أدّعي أنني أفهم النساء جيداً. فكثيراً ما تقول لي زوجتي: "يا لك من غبي! كيف يُعقل ألا تفهم ما أشعر به؟”. فأجيبها: "لا أعلم”. ألفت هذا الكتاب عن النساء، إلا أنني لا أزعم أني أفهمهن أكثر من أي رجل عادي آخر. لكنني أفهم جيداً شخصياتي بغض النظر عن جنسها، وأدرك جيداً ما ستكون عليه ردود فعلها في وضع ما وما يحفزها ويدفعها إلى العمل. وهذا الأهم في رأيي.عادات وعبرتوقفت عن ممارسة مهنة الطب عام 2004. أخبرنا عن مسيرتك في عالم الكتابة. خلال فترة عملي على نص جديد، أصطحب أولادي إلى المدرسة في الثامنة صباحاً، ومن ثم أقوم ببعض التمارين الرياضية لأبدأ بعد ذلك الكتابة نحو الساعة التاسعة والنصف صباحاً. أستخدم جهاز كمبيوتر في مكتب صغير في منزلي. أتوقف عن الكتابة في الثانية تقريباً لأقلّ أولادي من المدرسة. وأتفرغ بعدئذٍ إلى أعمالي كأب وأمتنع عن الكتابة. صحيح أنني في تلك الفترة من اليوم لا أكتب، إلا أن الشخصيات تلازمني أينما توجهت ولا أكف عن التفكير فيها.لا شك في أن أولادك محظوظون لأنهم يمضون وقتاً طويلاً مع والدهم.هذا أفضل ما في الأمر. أقول لأولادي دوماً: "أنتم محظوظون لأني لا أذهب في رحلات عمل طويلة، بل أبقى إلى جانبكم لنلعب معاً ولأساعدكم في دروسكم وواجباتكم المدرسية”. وهم يقدّرون ذلك. وسيفتقدونني بالتأكيد عندما أقوم بجولات لأروج لكتابي الجديد. أعتقد أن هذا الأصعب بالنسبة إليهم.أي الكتب أو الكتّاب يلهمك أو يؤثر فيك؟ما من كتاب واحد يلهمني. أحببت أعمال الكثير من الكتّاب على مر السنين: أليس مونرو، جومبا لاهيري، جينيفر إيغان، كولم ماكان، جوناثان فرانزن، ديفيد فوستر والاس، ودايف إيغرز. قرأت أعمال كل هؤلاء الكتّاب وأعجبت بها كثيراً. كذلك تعلمت من كل منها. أقرأ بهدف المتعة لأنني أحب الأعمال الخيالية. إلا أنني أطالع، أيضاً، بهدف التعلّم لأن لكل منهم مقاربة مختلفة من مهنة الكتابة. ويمكنك دوماً تعلّم أمر ما من قراءة أعمال كاتب آخر. نتيجة لذلك، تكون نصيحتي دوماً لكل من يسألني "ما النصيحة التي تعطيها للكتّاب المبتدئين الطموحين؟”: "عليهم قراءة الكثير من الروايات”.ماذا تطالع راهناً؟شارفت أخيراً على الانتهاء من رواية أليس مونرو Dear Life. كذلك أطالع كتاباً كلاسيكياً قديماً، Death in Venice لتوماس مان. وأقرأ أيضاً Beautiful Ruins لجيس والتر. لدي عادة سيئة: أحب مطالعة أكثر من كتاب في آن.تشكّل رواية The Kite Runner بالنسبة إلى أميركيين كثر الصورة الأولى التي تعرفهم إلى الحياة في أفغانستان وتاريخها الحديث. ما هي برأيك الفكرة الخاطئة الأبرز التي يملكها الأميركيون عن هذا البلد اليوم؟ وما هو موقفك من الانسحاب الأميركي عام 2014؟ هل تنجح أفغانستان في إعادة بناء نفسها؟من الأفكار الخاطئة في رأيي اعتقاد كثيرين أن الأفغان يعتبرون الوجود الأميركي غزواً. لكن الواقع مختلف. أعتقد أن وجود قوات حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة حظي بدعم شعبي كبير. يعتبر أفغان كثر هذا الوجود عامل استقرار، مع أنهم يملكون تحفظاتهم حيال بعض أفعال الجنود، مثل المداهمات الليلية والضربات الجوية والنقص في الفهم الثقافي. لكن نظرة الأفغان إلى الوجود الأميركي تختلف كثيراً عن نظرتهم إلى السوفيات. فلم يكنوا للسوفيات سوى الاحتقار، ولم يقدموا لهم أي دعم. كذلك تردد وسائل الإعلام غالباً أن أفغانستان عالقة في القرن الثاني عشر. لكن هذا مغاير تماماً لما ألاحظه خلال زياراتي أفغانستان. أرى أمة فتية 55% من سكانها تقريباً تحت سن الخامسة والعشرين. أرى مدًّا تكنولوجياً في كل مكان فيها مع بداية الاتصالات اللاسلكية وامتلاك أكثر من 12 مليوناً من الهواتف الخلوية. أرى شباناً يتفاعلون مع العالم من خلال التعليم والتكنولوجيا. وأرى صحفاً حرة نسبياً. ولا شك في أن هذه الصورة تتضارب مع صورة منطقة نائية في كابول تضم منازل من طين ونساء يرتدين البرقع. من السهل الاستنتاج أن هذا البلد عالق في القرن الثاني عشر. ولكن عليك أن تخصص بعض الوقت للتحدث إلى الناس وتخطي المظاهر الخارجية، وستكتشف عندئذٍ أن الوضع مختلف.أما بالنسبة إلى الانسحاب، فأعتقد أن أفغانستان تمر بمرحلة من القلق والخوف لأن لا أحد يعلم حقاً ما إذا كانت الدولة الأفغانية جاهزة لحماية شعبها من المتمردين، بعد رحيل قوات حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة. أظن أن الجيش الأفغاني يواجه الكثير من المشاكل. صحيح أنه قطع شوطاً كبيراً، ولكن هل يستطيع حماية الشعب؟ لا أحد يعرف الجواب، ما يشكل سبب الخوف الرئيس في رأي الكثير من الأفغان الذين تحدثت إليهم. فما زال احتمال اندلاع حرب شاملة والعودة إلى تسعينيات القرن الماضي قائماً. آمل ألا يحدث ذلك. وأتمنى أن تكون الأطراف التي شاركت في ذلك الصراع قد أدركت أن عملية السلام تتطلب مجهوداً كبيراً، وأن تكون قد تعلمت دروساً مهمة من تلك التجربة، ما يمنعها من العودة إلى تلك الأيام الحالكة.
توابل - EXTRA
خالد حسيني: أكتب لأنني لا أستطيع منع نفسي!
02-08-2014