لطالما كان اوزيبيو حالة خاصة في كرة القدم البرتغالية، وحتى وفاته امس بسبب سكتة قلبية لم تكن "عادية"، لان الاسطورة رحل في اليوم الذي ولد فيه قبل 71 عاما، وتحديدا في 5 يناير 1942، حسبما أفادت وسائل الإعلام البرتغالية امس، نقلا عن مصادر بنادي بنفيكا البرتغالي الذي لعب له الراحل سابقا.

الشعب البرتغالي رأى فيه صانع احلى ايام الكرة في هذا البلد، ولانه اسمر ويملك كل صفات الجوهرة السوداء لقبوه ببيليه اوروبا، لكن الموزمبيقي الاصل، واسمه الكامل دا سيلفا فيريرا، اراد الا ينسى العالم اسمه واسلوبه الخاص، والا يكون مجرد شبه لنجم كبير، بل اراد ان يحفر اسم "الفهد الاسود" في قاموس اللعبة الشعبية الاولى في العالم.

Ad

كان اوزيبيو يملك تقريبا كل مواصفات بيليه، نفس البنية الجسدية (175 سم، 77 كغ)، نفس المرونة، نفس السرعة، ويتميز بتسديدات قوية، لكنه رغم ذلك قال ذات يوم: "لا احد يمكن ان يقارن ببيليه، اذا اردتم اسعادي فنادوني اوزيبيو".

ولد اوزيبيو في 5 يناير 1942 في لورينسو ماركيس في زيمبابوي، التي كانت آنذاك مستعمرة برتغالية، عاش فقيرا وسط عائلة من تسعة اطفال.

كان الطفل فيريرا مولعا بالكرة منذ الصغر، وكانت مواهبه ناضجة منذ البداية، لكن المشكلة كانت تكمن في انه لا يستطيع الانضمام الى نادي ديبورتيفو الشهير والاعرق في المدينة لانه فقير جدا، فلجأ الى نادي لورنسو ماركيس، وهو احد فروع سبورتينغ لشبونة الكبير.

في هذه الاثناء كان لاعب بنفيكا والدولي السابق سيرافين باتيستا يقوم بمراقبة افضل المواهب في موزمبيق فلفت هذا الطفل انتباهه، وابرق سريعا الى ناديه في البرتغال يطلب ضم هذه الجوهرة.

عرض بنفيكا على اوزيبيو الحضور الى البرتغال للانضمام الى النادي، غير ان الشاب الفقير تردد في بادئ الامر، لكن امه وبسبب الفقر المتقع الذي تعيشه العائلة طلبت من ابنها قبول العرض الذي سينال بفضله 250000 اسكودوس، اضافة الى 50 يحصل عليها عقب كل مباراة.

رضخ الشاب الى رغبة امه وقرر السفر، الا انه اختار تغيير اسمه حتى لا يتنبه مسؤولو ناديه سبورتينغ، فغادر الى البرتغال باسم انتونيو فيريرا في 17 ديسمبر 1960.

إقامته بصفة غير شرعية

بقي اوزيبيو يعيش بصفة غير شرعية مدة 5 اشهر، حاول خلالها بنفيكا بواسطة مبعوثين له الى نادي سبورتينغ اقناع المسؤولين هناك بتسريح فيريرا دا سيلفا، وهو ما حصل بعد جهد كبير.

وابتداء من 23 مايو 1961 انضم اوزيبيو رسميا الى بنفيكا، بعد ذلك بأسبوع توج النادي البرتغالي بلقب كأس ابطال الاندية الاوروبية السادسة، واضعا حدا لسيطرة ريال مدريد الاسباني العملاق بقيادة النجم الفريدو دي ستيفانو، وبالطبع لم يكن اوزيبيو في عداد الفريق البطل.

وجد اوزيبيو الرهان صعبا عليه، خصوصا بعد ان اضحى بنفيكا بين ليلة وضحاها من اشهر الاندية الاوروبية بفضل انجازه، وزاد الامر صعوبة اضاعته لركلة جزاء في اول ظهور له مع الفريق، بعد ايام من الحدث الاوروبي ضد فريق شيتوبال ضمن منافسات الكأس وادت الى خروج بنفيكا.

لكن ذلك لم يؤثر على معنويات القادم الجديد الذي انفجرت مواهبه في يوليو من السنة ذاتها في دورة باريس الفرنسية المشهورة آنذاك، حيث جمعت المباراة النهائية بنفيكا بسانتوس البرازيلي بقيادة بيليه.

لم يكن اوزيبيو اساسيا في هذه المباراة، التي انتهى شوطها الاول بتقدم الفريق البرازيلي 5-صفر، ودخل احتياطيا في الشوط الثاني، حيث تمكن من تسجيل 3 اهداف، فخطف الاضواء وابهر المتتبعين الذين رأوا بداية بزوغ نجم جديد في سماء كرة القدم.

وفي موسم 1961-1962 اثبت اوزيبيو علو كعبه، وكان نجم مباراة الدور ثمن النهائي من كأس اندية ابطال اوروبا ضد فيينا النمساوي، حيث قاد فريقه للفوز 5-1، ثم في مباراة ربع النهائي امام نورمبورغ حامل لقب الدوري الالماني الذي تلقى هزيمة نكراء صفر-6.

نهائي كأس أندية أبطال أوروبا

في 2 مايو 1962، كان الموعد مع المباراة النهائية لكأس اندية ابطال اوروبا في امستردام الهولندية، وجمعت بنفيكا بريال مدريد الذي كان لاعبوه لم ينسوا بعد هزيمة المباراة النهائية في الموسم الماضي، الا ان اوزيبيو كان على الموعد وتمكن بفضل مهاراته العالية من تسجيل هدفين منح بهما اللقب الثاني على التوالي لبنفيكا وصار احد النجوم العالميين.

ونال اوزيبيو لقب الدوري البرتغالي مع بنفيكا 11 مرة، وكأس البرتغال 5 مرات، اما اهم 9 اهداف سجلها اوزيبيو في حياته، فهي بلا شك خلال نهائيات كأس العالم 1966 في انكلترا، حيث شاءت القرعة ان يكون المنتخب البرتغالي ضمن اصعب مجموعة في الدور الاول، غير ان اوزيبيو وزملاءه تمكنوا من الفوز بمبارياتهم الثلاث امام المجر (3-1) ثم امام بلغاريا (3-صفر) وخاصة امام البرازيل (3-1) فسجلوا 9 اهداف منها 3 لاوزيبيو.

وفي الدور ربع النهائي واجه المنتخب البرتغالي نظيره الكوري الشمالي الذي اقصى المنتخب الايطالي، وبعد 24 دقيقة من بداية المباراة فاجأ الكوريون الجميع وابهروا العالم بعروضهم، حيث تقدموا بثلاثة اهداف نظيفة، غير أن اوزيبيو لم يستسلم لامر الكوريين واندفع نحو الهجوم كعادته وتمكن من قلب الموازين رأسا على عقب.

فمن الدقيقة 28 حتى الدقيقة 60 سجل 4 اهداف وفازت البرتغال 5-3 وتاهلت للدور نصف النهائي، وفي هذا الدور واجه زملاء اوزيبيو المنتخب الانكليزي صاحب الارض بقيادة النجم بوبي تشارلتون، وفاز الاخير بهدفين لتشارلتون مقابل هدف لاوزيبيو، وتأهل للمباراة النهائية، وتوج باللقب العالمي.

رونالدو: سيظل خالداً

أكد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، لاعب ريال مدريد الإسباني أن أسطورة كرة القدم البرتغالية إزيبيو دا سيلفا فيريرا الذي توفي امس "سيظل خالدا".

وقال كريستيانو، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "دائما سيظل إزيبيو خالدا. فلترقد في سلام".

وأرفق كريستيانو تغريدته بصورة يظهر فيها إلى جوار النجم الراحل.

وكان أوزيبيو، الذي يعتبره البرتغاليون لاعب كرة القدم الأفضل في كل العصور، قد توفي في وقت سابق عن 71 عاما إثر تعرضه لأزمة قلبية، وفقا لما أعلنه ناديه السابق بنفيكا.