أهدتني أسرة الختلان الكريمة قبل فترة من الزمن، وهي من أسر قبيلة العوازم العريقة، مجموعة من الوثائق القديمة النادرة بعضها يعود تاريخه إلى أكثر من 200 سنة وبعضها أقل من ذلك. ولاشك ان هذه الوثائق لها أهميتها الكبيرة لما تحويه من معلومات جديدة حول بعض القضايا التاريخية. وقد اخترت لكم اليوم إحدى هذه الوثائق الجميلة، وهي وثيقة يعود تاريخها إلى عام 1223هـ الموافق عام 1808م أي إن عمرها يزيد على 204 سنوات. وإذا كنا نعرف أن الشيخ عبدالله بن صباح الأول كان حاكماً للكويت من عام 1776م الى عام 1813م، فإن ذلك يعني أن الوثيقة كتبت في عهده. أما كاتب هذه الوثيقة فاسمه الذي ظهر بجوار ختمه هو علي بن محمد بن مصطفى، ولا أعلم عنه شيئاً حيث لم يرد اسمه في وثائق أخرى تحت أيدينا، ولم أقرأ عنه في كتب التاريخ شيئاً. وبالإضافة إلى الشهود المذكورين في الوثيقة ومعظمهم من أفراد قبيلة العوازم، فقد ورد في الوثيقة أيضا أسماء أخرى وهم قاسم السهول، وسليمان الوهيبي، وفريح الصانع، وهم كما أعتقد ليسوا من العوازم. أما العوازم المذكورون في الوثيقة فهم: سلمان بن صقر الطيري العازمي وزوجته مطرة بنت غريّب، وابنتاه دلها وعيدة، ومساعد الغريّب، وسعد بن حمدان، وسعيد الينبوي. والوثيقة عبارة عن وصية وقف لسلمان الطيري يوقف بها بيته الشمالي على يد ابنتيه دلها وعيدة وأمهما مطرة بنت غريّب، وهذا هو نصها:

Ad

"الموجب لتحريره والداعي لتصديره هو ان الرجل سلمان بن صقر الطيري العازمي في تمام صحته وكمال عقله ومن غير اقهار ولا إجبار قد أوقف بيته الكاين له في بلد الكويت البيت الشمالي على بناته دلها وعيدة وعلى أمهم مطرة بنت غريب وان هؤلاء المذكورون يعملون له اضحية وخير خيرات مما يعود عليه نفعه يوم القيامة وان قدروا على حجة فيحجون عنه ان كان في أجرته قدر، والله على ما نقول وكيل. جرى وحرر في 28 جمادى الأول سنة 1223 من بعد الهجرة النبوية على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام وصلى الله على محمد وسلم".

 وقد كتب على هامش الوثيقة بشكل عرضي وصف للبيت ومن حوله من الجيران وهو كما يلي: "حدود البيت المذكور قبلة بيت فريح الصانع وشرقا بيت سليمان الوهيبي وشمال جنوب بيت قاسم السهول وجنوبا بيت مطرة بنت غريب زوجة سليمان".

وفي خلف الوثيقة وردت العبارة التالية "وان حضرتي انا يا سلمان بن صقر العازمي قد أوقفتها المسماة بالسيوخية على دلها بنتي وعيدة بنتي يعملون لي خيرات  من صدقة واضحية وما أشبه ذلك من حجة والله على ما أقول وكيل"

والشهود الذين وقعوا في الخلف هم مساعد الغريب العازمي وسعد بن راشد العازمي وسعيد.  

وهكذا نجد انه في هذه الوثيقة النادرة ورد تأكيد لمعلومات عديدة ألخصها بما يلي: ورد اسم الكويت، ووردت أسماء كثيرة تؤكد استقرار بعض اسر العوازم وبعض العائلات الأخرى في الكويت منذ ذلك الوقت. كما تؤكد الوثيقة أن قاضيا اسمه علي بن محمد بن مصطفى كان مسموحا له كتابة وثائق البيع والشراء ووصايا الوقف في ذلك الوقت. وورد في الوثيقة كلمة "حضرتي" وهي مصيدة سمك مما يدل على أن هذه المهنة من المهن الأساسية في تاريخ الكويت القديم. كما تؤكد الوثيقة مدى تدين أهل الكويت وتعلقهم بالوقف وأداء فريضة الحج.