تتسع دائرة الشبكة العنكبوتية في الكويت وتزداد معها نسبة مستخدمي الإنترنت عبر مواقعه الاجتماعية التعليمية والترفيهية، ورغم أن هؤلاء جلهم من الشباب المتعلمين، إلا أنهم غالباً ما يغفلون عن أمور قانونية تعتري تعاملاتهم، لا سيما تلك المتعلّقة بالبيع والشراء عبر مواقع لا محدودة لشركات محلية وعالمية تروّج لبضائعها، ما قد يعرّضهم للنصب والاحتيال.

في هذا الصدد، تؤكد المحامية الكويتية أريج حمادة أن عمليات النصب الإلكتروني، لا تهدّد وحدها مستخدمي الإنترنت من الشباب، بل قد يقع بعضهم ضحية غش عبر صفقة مبرمة مع جهة غائبة وبشروط افتراضية لم يتم التوقيع عليها بالصيغة التقليدية، ما يجعل الملاحقة القانونية صعبة.

Ad

تضيف أن هؤلاء الشباب غالباً ما يتسرّعون في اتخاذ قرار شراء سلعة، أو تأكيد معاملة مالية مع الطرف الآخر من دون الرجوع إلى جهات قانونية، أو الأخذ بآراء أهلهم وذويهم ممن لهم خبرة في هذا المجال، لافتة إلى أن الشركات المعلنة أو حتى الأفراد الذين يسعون إلى الكسب السريع، غالباً ما يستهدفون هؤلاء الشباب.

تدعو حمادة، عبر تصريح صحافي، إلى إنشاء مكتب تابع لوزارة العدل لتوثيق العقود الإلكترونية، وتقول: «لا شك في أن التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم اليوم يلقي بظلاله على جوانب الحياة والعلاقات بين الأفراد والدول.  يقابل هذا التطور المتلاحق في المعاملات الإلكترونية ضرورة أن يكون له إطار قانوني يحدد كيفية عمله ونطاقه وتنظيمه، باعتبار أن التجارة الإلكترونية أحد أكثر القضايا إثارة للجدل القانوني».

عقد إلكتروني

التعريف القانوني للعقد الإلكتروني، بحسب حمادة، هو اتفاق بين شخصين أو أكثر يتلاقى فيه الإيجاب والقبول عبر تقنيات الاتصال عن بعد، بهدف إنشاء رابطة قانونية أو تعديلها أو إنهائها.

وتوضح أن العقد الالكتروني يخضع في تنظيمه، على غرار العقد التقليدي، للقواعد والأحكام العامة التي تنظمها النظرية العامة للعقد عموماً، وبذلك يطبق عليه قانون التجارة الكويتي والقانون المدني لعدم وجود تنظيم قانوني واضح لذلك، مشيرة إلى أن العقد الإلكتروني يختلف عن العقد التقليدي بوسيلة إبرامه، فهو يبرم بين شخصين غائبين باستخدام وسائط إلكترونية حديثة، بانتظار تشريع قانون التجارة الإلكترونية التي فرضت نفسها في التعاملات الدولية لما فيها من سهولة في التعامل.

إثبات عبر الكتابة

ترى حمادة أن أبرز المشاكل التي يواجهها المتعاملون في العقود والمعاملات الإلكترونية هي تحديد القانون الواجب التطبيق والإثبات، مع العلم أن صعوبات كثيرة تعتريه من الناحية التقنية نظراً إلى حداثة هذه التكنولوجيا وتعقيدها، والمكر والدهاء والحيلة وصفات أخرى يتسم بها أصحاب المعاملات الإلكترونية غير المشروعة، عبر استعمال تقنيات معلوماتية عالية الكفاءة، تساعدهم على طمس أي عمل غير مشروع، وبسرعة فائقة، ومحو آثاره الخارجية الملموسة.

تعرّف حمادة الإثبات بأنه إقامة دليل أمام القضاء بالطرق التي يحددها القانون على صحة واقعة قانونية يدّعيها أحد طرفي الخصومة وينكرها الطرف الآخر، وتؤدي الكتابة دوراً في مجال الإثبات، لكن يبدو أنها إحدى الأفكار القانونية التي يصعب تعريفها، بحسب حمادة، فلفظ الكتابة ينصرف إلى أوسع معانيه ويشمل كل ما يحرر من دون اشتراط شكل ما أو وجود توقيع، ويمكن تعريف الكتابة بأنها مجموعة الرموز المرئية التي تعبر عن القول أو الفكر، ويمكن أن تتم بأي وسيلة أو بأي لغة.

تشير حمادة إلى أن الكتابة تحتلّ المرتبة الأولى بين أدلة الإثبات والأكثر شيوعاً بين الأفراد والأفضل لهم لإثبات معاملاتهم المختلفة، إذ يمكن، عن طريقها، تحديد مركز الشخص بوضوح على نحو يتنافى مع ما قد يطرأ من نسيان أو موت الشهود، وقد اعتمد المشرعان الكويتي والمصري الإثبات بالكتابة.

كتابة إلكترونية

الكتابة الإلكترونية، برأي حمادة، مسألة جديدة لم يتناولها المشرع الكويتي، إلا أنها قد تؤدي دور الكتابة التقليدية نفسه، ما دام من الممكن أن نقرأها، وكانت تدلّ بوضوح على مضمون التصرف القانوني، ومدونة على دعامة إلكترونية تضمن لها الاستمرارية وتخوّل الأطراف الرجوع إليها عند الضرورة، وتضمن عدم التعديل في بياناتها على نحو يوفر للمتعاملين الأمان والثقة.

تطالب حمادة بالإسراع بإصدار تشريعات تعترف بالكتابة الإلكترونية لتضع حداً للغموض والجدل الذي يكتنف هذا النوع من الكتابة، ولمواكبة التطور الهائل في مجال تقنيات الاتصال عن بعد، «خصوصاً أن الأمان الممنوح لهذه المعاملات يتوقف على التقنية التي يستخدمها الأطراف، وقد استطاع هذا التطور التقني أن يولد هذا الأمان ويحظى بثقة المتعاملين في مجال التجارة الإلكترونية»، مشيرة  

إلى ضرورة مجاراة وزارة العدل لهذا التطوّر، عبر إنشاء إدارة خاصة بالمعاملات الإلكترونية لتوثيقها وتوفير الثقة بين المتعاملين.