قد يكون بات نوعا من السلوك المعتاد في بكين، ان ترسل أطفالك الى المدرسة وهم يرتدون أقنعة واقية من الغازات (يكلف الواحد منها حوالي 60 دولارا)، وقد يضع المقتدرون أجهزة تنقية هواء تكلف نحو 1000 دولار للغرفة الواحدة.ويتمثل المنتج الآخر المنشود في وضع أغطية مضغوطة فوق الملاعب الرياضية في المدارس، بحيث يتمكن الأطفال من اللعب في الخارج، والتعبير اللطيف لذلك هو «القبة الرياضية» وليس «قبة التلوث». وهناك من يبيع الهواء النقي في علب، لكن لا يوجد اثبات علمي بعد لمدى نجاح تلك الآلية. وبينما تبدو بكين ملوثة الهواء، كما تعلو سحب من كتل السخام العديد من المدن الصينية الاخرى، فإن الطريق الى التخلص من هذا التلوث ليس كذلك. وفي غالب الأحيان تتم مقارنة هذا الوضع بقذارة لندن في الخمسينيات من القرن الماضي أو ثمانينيات لوس أنجلس.ويشير أحد كبار أنصار حماية البيئة في الصين الى أن بكين تواجه عاصفة حقيقية، فقد تسبب احراق الفحم ودخان المعامل في «ضباب» لندن، كما أدت الانبعاثات غير المقيدة من السيارات الى انتشار سحابة سوداء فوق لوس أنجلس، وتواجه بكين اليوم المشكلتين في آن واحد.وكما وثقت ادارة معلومات الطاقة الأميركية في تقريرها بتاريخ 29 يناير الماضي، فإن الصين تحرق في الوقت الراهن ما يقارب الكمية التي تحرقها بقية دول العالم مجتمعة، وقد تضاعف استهلاك الصين من الفحم ثلاث مرات خلال عقد من الزمن، وهو يزداد بحدة، كما أن نصف ذلك الاستهلاك تقريبا يستخدم في مصانع طاقة كبيرة، حيث يتم تنظيم الانبعاثات بشكل متزايد، لكن النصف الآخر يحرق في منشآت صغيرة يصعب الإشراف عليها بما في ذلك المنازل.وكان الطقس أحد أسباب السخام في بكين في الشهر الماضي، حيث تصادف أن كان فصل الشتاء واحداً من الفصول الأكثر برودة في شمال الصين خلال ثلاثة عقود، وبينما تحولت المناطق المركزية في بكين الى الغاز الطبيعي في التدفئة فإن العديد من العائلات لاتزال تحرق الفحم خارج العاصمة.وبخلاف مدينة شنغهاي الساحلية وجنوبي شنجن، التي تتسم بطقس دافئ لا يتطلب الكثير من احراق الفحم، فإن جغرافية بكين تعمل ضدها الى حد كبير، فهي بشكل أساسي الوعاء الذي يلتقط التلوث الصادر من المناطق المحيطة.وقد اجتذب دور انبعاثات السيارات أخيراً اهتماماً متزايدا أيضا، بما في ذلك وسائل الإعلام التي تخلت أخيراً في يناير الماضي عن الاستعارة المتمثلة في كلمة «ضباب»، واستبدلتها بكلمة تلوث كما هي الحقيقة. وأشارت «شنغهاي سيكيوريتيز نيوز» في 23 يناير الى أن «الكبريت العالي في البترول تجاوز 15 مرة المستويات الأوروبية»، ووفقاً لمكان أخذ المعايير فإن انبعاثات السيارات يمكن أن تسهم بنسبة تراوح بين ربع ونصف ذرات التلوث التي يقل حجم قطرهاعن 2.5 ميكرومتر في المدن الصينية.وحسب فانس واغنر، وهو كبير باحثي المجلس الدولي حول النقل النظيف الذي يتخذ من أميركا مقراً له، والموظف السابق في مركز بحوث سياسة انبعاثات السيارات في بكين، فإن ما نعرفه على وجه التأكيد هو انه مع التقديرات التي تشير الى توقع انطلاق 20 مليون سيارة جديدة على الطرقات في سنة 2013 فإن «السيارات هي المساهم الكبير والمتنامي في التلوث، وان تطبيق رقابة أكثر صرامة على نوعية الوقود على نطاق الدولة هو الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تحسن جودة هواء بكين، وتمكنه في نهاية المطاف من بلوغ المقاييس الدولية».* (بلومبرغ)
اقتصاد
استهلاك الطاقة في بكين جعلها كلندن الخمسينيات ولوس أنجلس الثمانينيات!
09-02-2013