أصدرت حركة "السلام الآن" الإسرائيلية تقريراً صادماً يستعرض تفاصيل سجل حكومة بنيامين نتنياهو في ملف الاستيطان طوال عهدها في السلطة (منذ أبريل 2009 حتى اليوم). يرتكز التقرير على إحصاءات وتقارير الحكومة الإسرائيلية الرسمية وأبحاث حركة "السلام الآن" الميدانية حول قيام حكومة نتنياهو باستعمال المستوطنات كأداة لإضعاف فرص إقرار حل الدولتين الواقعي لمعالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، رغم تأييد نتنياهو الشفهي لذلك الهدف.

تشمل أبرز استنتاجات التقرير:

Ad

• تكثيف عمليات البناء في شرق الجدار العازل:

على عكس الأفكار الشائعة، بدأ حوالي 40% من عمليات البناء الجديدة في عهد نتنياهو ضمن المستوطنات المعزولة الواقعة في شرق الجدار الفاصل الإسرائيلي في مناطق كانت ستصبح جزءاً حتمياً من أي دولة فلسطينية. يتعارض هذا السلوك بشدة مع مختلف العمليات خلال السنوات السابقة، حين حصل 20% فقط من عمليات البناء داخل المستوطنات الواقعة في شرق الجدار الفاصل.

• عدد قياسي من المناقصات لإطلاق عمليات استيطانية جديدة على المدى القصير والمتوسط:

بينما امتنعت حكومة نتنياهو عن إصدار أي مناقصات خلال أول سنتين لها في الحكم (نتيجة الضغوط من إدارة أوباما على الأرجح)، تخلّت هذه الحكومة نفسها خلال السنتين الأخيرتين عن ادعاءات ضبط النفس، ما أدى إلى صدور عدد قياسي من المناقصات، وقد كان ذلك العدد كفيلاً بمحو آثار "وقف الاستيطان الموقت" الذي دام 10 أشهر وفتح المجال أمام تكثيف عمليات بناء المستوطنات في السنوات المقبلة. في المحصّلة، أجرت حكومة نتنياهو بين 31 مارس 2009 ويناير 2013 مناقصات لبناء 5302 وحدة سكنية في القدس الشرقية. يركز جزء مهم من هذه المناقصات على المستوطنات (مثل إفرات وأرييل)، ما يُضعف بشكل مباشر احتمال تطبيق حل الدولتين.

• وابل من الخطط لبناء مستوطنات جديدة على المدى المتوسط والطويل:

طورت حكومة نتنياهو خططاً لبناء 8207 وحدات سكنية على الأقل في المستوطنات، بما في ذلك آلاف الوحدات الواقعة في المستوطنات المعزولة والنائية. تمهد الموافقة على هذه المشاريع لتكثيف عمليات بناء المستوطنات في السنوات المقبلة. أعدّت حكومة نتنياهو خططها وأعلنت نيتها عن تسريع الخطط لبناء مستوطنات كثيرة في القدس الشرقية. يشمل ذلك تسريع بناء المستوطنة E-1، ما يعني فعلياً قطع أوصال الضفة الغربية ومنع نشوء عاصمة فلسطينية قابلة للحياة في القدس الشرقية.

• إنشاء مستوطنات جديدة:

كانت حكومة نتنياهو أول حكومة منذ عهد إسحق شامير (1988- 1990) تتراجع عن هذا الالتزام وتنشئ مستوطنات جديدة في الضفة الغربية. فقد بنت 10 مستوطنات جديدة من خلال تشريع البؤر الاستيطانية غير القانونية، ومستوطنة جديدة أخرى عبر الموافقة على نشوء "حي" جديد في مستوطنة قائمة أصلاً ولكنها تُعتبر عملياً مستوطنة جديدة. كذلك، أعلنت الحكومة خططا لتسريع الموافقة على مستوطنة E-1 الجديدة (كانت الحكومات السابقة قد تعهدت بعدم بناء هذه المستوطنة). في القدس الشرقية، وافقت حكومة نتنياهو على بناء أول مستوطنة جديدة منذ عام 1997 (حين نشأت مستوطنة "هارحوما" في عهد أول حكومة يرأسها نتنياهو).

• تشريع البؤر الاستيطانية غير القانونية- دعم عمليات البناء غير القانونية:

تخلت حكومة نتنياهو عن التزامات الحكومات السابقة بإزالة البؤر غير القانونية، فتبنت سياسة رسمية جديدة تدعم صراحةً بناء المستوطنات غير الشرعية. من خلال الإعلان عن هذه السياسة، شددت الحكومة على أنها لا تنوي إنفاذ القانون الخاص بالمستوطنين ما لم تُجبرها المحاكم على ذلك. كما أنها منحت المستوطنين الضوء الأخضر لفرض الوقائع ميدانياً بالشكل الذي يناسبهم، من دون إذن الحكومة أو الخضوع لإشراف أي جهة، ما ينتهك القوانين الديمقراطية التي تتبناها دولة إسرائيل.

• فتح باب الاستيطان في القدس الشرقية:

تتجاوز تحركات حكومة نتنياهو جميع الحكومات السابقة على الصعد المختلفة في ما يخص دعم توسيع الاستيطان في القدس الشرقية. في الأشهر الأخيرة، فتحت حكومة نتنياهو المجال أمام الموافقة على عمليات البناء والتخطيط في القدس الشرقية، ما أدى إلى سيل من الموافقات على نشاطات الاستيطان بما يفوق تلك الصادرة طوال عقدين. كذلك، يشير موقع معظم عمليات البناء المصادق عليها (في مناطق حساسة نظراً إلى تأثيرها في احتمال تطبيق حل الدولتين مستقبلاً) إلى أن حكومة نتنياهو تتعمّد استعمال قرارات الموافقة على الاستيطان في القدس الشرقية كسلاح لإضعاف حل الدولتين.

• سخاء استثنائي في تمويل المستوطنات:

واجهت حكومة نتنياهو جزءاً من الاضطرابات الهائلة داخل إسرائيل وركزت على الشكاوى المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والمسائل الاجتماعية والاقتصادية. خلال تلك الفترة، أظهرت الحكومة تعاطفاً محدوداً مع مطالب مواطنيها المقيمين داخل الخط الأخضر مقابل التعامل بسخاء استثنائي مع المستوطنين. وفق إحصاءات المكتب المركزي في وزارة المالية، وفّرت حكومة نتنياهو فائضاً بقيمة 3.7 مليارات دولار على الأقل لتمويل المستوطنات (ما كان ذلك التمويل ليصبح متوافراً لو كان المستوطنون يقيمون داخل أملاك إسرائيل).

• تدليل المستوطنين الخارجين عن القانون:

في عهد حكومة نتنياهو، بلغت أعمال العنف والنشاطات غير القانونية التي ارتكبها المستوطنون في الضفة الغربية والقدس الشرقية مستويات غير مسبوقة. شملت تلك الأعمال تحدي المستوطنين لحكم القانون، فكانوا لا يكتفون بالاعتداء على الفلسطينيين وأملاكهم بل إنهم استهدفوا أيضاً جنود الجيش الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية والمنشآت العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي. بدأت تلك الاعتداءات تحصل داخل إسرائيل أيضاً، فوقعت اعتداءات ضد الفلسطينيين في القدس الغربية وحصل استهداف عشوائي للمساجد والكنائس في أنحاء البلد. غطّت وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية تفاصيل هذه الأحداث التي شملت تهديدات بالقتل واعتداءات ضد حركة "السلام الآن"، وركزت وسائل الإعلام أيضاً على اعتبار رد حكومة نتنياهو غير فاعل في أفضل الأحوال.