مع ازدياد عدد الفضائيات وازدحام البرامج على الشاشات وتسابق الإعلاميين على تقديم الأفضل الذي يجذب المشاهدين والضيوف على السواء، بات من الصعب تقديم أفكار جديدة غير مطروحة، مع ذلك تنجح برامج أكثر من غيرها، ليس لأن فكرتها جديدة، بل لأن الإعلامي الذي يقدمها يتمتع بأسلوب مختلف يعرف كيف يتعامل مع الضيف ويجعله يتفوّه بأمور لم يسبق أن كشفها على الشاشة رغم إطلالالته الكثيرة. لذا بات ميزان نجاح البرامج ليس في الفكرة بل في أسلوب المقدم الذي عليه أن يراعي تطور العصر من ناحية السرعة في التعبير عن أفكاره وفي التقديم، واحترام المشاهد الذي بات مع انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي يتمتع بثقافة شاملة. ما الوسائل التي بات لزاماً على مقدمي البرامج استخدامها لجذب المشاهد والضيف على السواء وعدم الوقع في فخ التكرار والنمطية؟ سؤال طرحته «الجريدة» على مجموعة من الإعلاميين وحصدت الأجوبة التالية. تلقائية واستفادة من التجاربأحمد عبدالمحسنماهر العنزيلا أحب التشويق والإثارة، وأقدم برامجي بشكل تلقائي لأن التلقائية سر النجاح، كذلك الثبات والاستمرارية في تقديم البرنامج»، يقول المذيع ماهر العنزي، ويضيف: «يبحث المقدمون في الوطن العربي عن التلقائية لأنها تريح المذيع، وتظهر شخصيته الحقيقية وتبعده عن التصنّع، وربما لأن الأساليب الأخرى والمثيرة لم تعد محببة».يلاحظ أن أكثر المذيعين نجاحاً هم الذين يقدمون البرامج بتلقائية ويبتعدون عن التصنع غير المرغوب لدى المشاهد، موضحاً أن مدارس التقديم كثيرة، «لكل مذيع أسلوبه المحبب، ولكن الطرق المباشرة والتلقائية تصل إلى الناس بصورة أكبر، وثمة أساليب أخرى تفضلها نسبة أخرى من الجمهور. من هنا على الإعلامي أن يجدد قدراته وألا يقف عند طموح معين. في النهاية، يأتي التقييم من الجمهور الذي يجيد التمييز بين المقدم الجيد والسيئ وأتمنى التوفيق للإعلاميين». أحمد الموسوي«في كل برنامج يقدمه، على الإعلامي أن يغير في أسلوبه ويجدده وألا يعتمد على نمط محدد وأن يستفيد من تجارب غيره»، يؤكد المذيع أحمد الموسوي موضحاً أن ثمة أنواعاً من البرامج: ترفيهية، مسابقات، سياسية وحوارية، رياضية... وعلى المذيع تغيير أسلوبه في التقديم والتعامل مع الكاميرا بطرق متنوعة، فلا يكون مَرحاً وهو يقدّم برنامجاً سياسياً، أو حازماً وهو يقدم برنامجاً للمسابقات... «لهذه النوعية من البرامج طابع خاص يجعل المذيع يتعايش مع أجوائها».يضيف: «على المذيع أن يتعامل مع البرامج الرياضية بأسلوب رياضي بحت والبرامج الشبابية بأجواء شبابية وبرامج المسابقات بأجواء مرحة... عموماً عليه أن يهيئ نفسه لأجواء هذه البرامج والابتعاد عن أي أمر خارجي كي لا يتأثر به أثناء عمله».يعتبر الموسوي أن التعلم من الآخرين ليس عيباً بل هو ضروري حتى لا يقف طموح المذيع عند نقطة معينة، يقول: «أتعلم من الصغير قبل الكبير وأحاول أن أستفيد من التجارب التي يمر بها الإعلاميون، فعندما أكون في المنزل أشاهد برامج تلفزيونية وأتعلم أموراً جديدة من المذيعين وأضيف إليها بطريقتي الخاصة وأقدمها للجمهور. هكذا أستفيد من هذه التجارب، وأسعى إلى إضافة أي أمر يعجبني حتى لا أقلّد الآخرين وهذه طريقتي». ناصر العلي«من أهم صفات الإعلامي الناجح التجديد والتطوير في أداوته، أسلوبه، نوعية برامجه، أزيائه وشخصيته» يؤكد المذيع ناصر العلي، مشيراً إلى أن التجديد سمة الحياة عموماً ومطلوب خصوصاً في مجال العمل الإعلامي.يضيف: «الجمهور هو من يحدد نجاح المذيع من عدمه، وما دام يحب التجديد والتطوير في الأساليب وفي نوعية البرامج، على المذيع مواكبة هذا التطوير وتقديم ما يرضي الجمهور».يوضح أن التجديد ليس بالأمر الصعب، لذا على المذيع اعتماده في كل ما يتعلق بالتقديم، ودائماً ينجح المجددون وقلة تفشل لأنها تبتعد عن شخصيتها الحقيقة، لا سيما أن في عملية التجديد والتطوير يجب أن تبقى شخصية المذيع هي نفسها من دون تغيير.يشير إلى أن أهم طرق التجديد بالنسبة إلى المذيع هي التعلم والاطلاع على أساليب الإعلاميين، لا سيما أن لكل مذيع مهارة معينة يتميز بها عن باقي المذيعين، «فتعلم هذه المهارة الجديدة التي يتمتع بها غيرك بمثابة جهد يجعلك تقدم الأفضل، وعلى المذيع تعلم مهارات غيره من المذيعين، ثم التجديد في الأسلوب والطريقة يكون دائماً بعد هذا الإطلاع، ومن الضروري القراءة المستمرة والإطلاع على ما كُتب في المجال الإعلامي من دراسات وأبحاث، لكن يبقى الأهم اختيار ما يناسب شخصية المذيع نفسه».عفوية وبعد عن التجريحبيروت - ربيع عوادأروى«ضيوف برنامجي من الميادين كافة وفئات الفن المختلفة سواء من ناحية الغناء أو الثقافة وغيرهما وحتى المواهب}، تؤكد أروى التي تقدم برنامج {نورت مع أروى} على شاشة {أم بي سي}، مشددة في حديث إلى أحد المواقع الإلكترونية، سعادتها بالبرنامج، خصوصاً أنه يحصد نسبة مشاهدة عالية، نظراً إلى طبيعته وبعده عن التصنع ووفرة ضيوفه، ما يضفي تنويعاً على أجوائه.تضيف: {في الموسم الماضي غيّرنا طريقة الحوار مع الضيوف والألعاب، وهذا الموسم أدخلنا فقرة {جريدة نوّرت} التي تتنبأ بأحداث مستقبلية بعد 10 سنوات أو 20 سنة، كذلك خصصنا فقرة للمعجبين الذين سيربحون جوائز خاصة بالفنان الذي يحبونه}.توضح أنها تعمل على التطوير وإضافة فقرات جديدة، لافتة إلى أن بعض مقدمي البرامج يعتمدون على نجوم الصف الأول لينجحوا أو ينجحوا برامجهم، ويرفضون تقديم أي برنامج لا يستضيف نجوماً كباراً. {بالنسبة إلي، فمنذ بداياتي في {آخر من يعلم} انتهجت مع {أم بي سي} سياسة استضافة نجوم ومبتدئين من الميادين كافة}.شانتال سرور{ليست وظيفتي إحراج الضيف أو التطبيل له، بل كشف زاوية جديدة في شخصيته وحياته يجهلها الناس}، تقول مقدمة البرامج شانتال سرور التي تقدم برنامج {وحدك} على شاشة {أم تي في}، مشددة على أنها ترفض الحوار الذي يتضمن تجريحاً أو استهزاء بالضيف، ومؤيدة البرامج الحوارية الراقية التي تحمل جديداً واختلافاً.تضيف: {أسمع دائماً أن برنامجي طبيعي لدرجة أن المشاهد يشعر بأنه موجود معنا في الاستوديو. ملّ الناس الحوار الروتيني الذي يسيطر على البرامج القائمة على ضيف واحد. ليس سهلا أن يبتكر المحاور جوّاً حوارياً جديداً يجذب المشاهد، وأن يجد مواضيع جديدة مع نجوم لهم إطلالات إعلامية كثيرة ولطالما تحدثوا عن حياتهم الفنية والإنسانية. يسألني كثر من ضيوفي: «ما من جديد نتحدث عنه فإلى ماذا ستتطرقين؟». تشير إلى أنها تؤمن بأن كل يوم يمر في حياتنا يحمل معه جديداً، ويستطيع المحاور، من خلال استطلاع حياة الضيف، التوقف عند نقاط جديدة ومهمة غابت عن ذهن المحاور الذي استضاف الضيف نفسه سابقاً، وتتابع: «لست بوارد استضافة أي فنان لاصطياده أو حشره في مكان لا يريده. ببساطة ما من ضيف ندم على استضافتي له، وهذا أمر أفتخر به، فأنا لست من المحاورين الذين يفخّمون بالضيف كي أسلط عليه سهامي وأحطمه. لكن لا يعني ذلك أن الحذر لا يكون موجوداً لديه».عن المحظورات شددت على أنها تخترقها من خلال أسلوب راقٍ وهادئ في الحوار ما يجعل الضيف يفصح عن أمور ومكنونات سبق أن رفض الحديث عنها.رابعة الزيات{ما من ضيف خرج بعد حواري معه وهو يشعر بالإساءة}، تؤكد رابعة الزيات التي تقدم برنامج {وبعدنا مع رابعة} على شاشة {الجديد}، مشيرة في حديث لها إلى أن أي برنامج نوعيته جيدة قد يستمر ثلاث سنوات وهو في ذروة نجاحه، ثم يحتاج إلى نبض جديد وروح جديدة.تضيف أنها ترفض تقديم أي مادة غير محترمة أو غير مقتنعة بها تماماً، أو غير أكيدة من أنها ستلاقي استحان الجمهور، موضحة أنها تعمل جاهدة على إضفاء أجواء من الراحة والعفوية على ضيوفها ليشعر المشاهد بالمتعة. وتلفت إلى أن {مهنتنا كإعلاميين تملي علينا الخوف على مشاعر الضيف. هم ضيوف وعلينا كإعلاميين أن نحترم من نحاورهم، ونراعي مشاعرهم، مع حق الاختلاف وحق السؤال الذي هو مشروع وطبيعي، وفي مقدورنا إرساء هذا التوازن، وإذا شعرنا بانزعاج الضيف في مكان ما، علينا التخفيف من جرعة الجرأة}.تشير إلى أن {الصراحة مطلوبة في البرامج الحوارية لتكون طبيعية وتحث الضيف على أن يُخرِج ما في داخله من مشاعر ومواقف، وحق الرد موجود، وهو قادر على الإجابة كيفما يحلو له}.تجزم الزيات بأنها بعيدة عن الصحافة الصفراء التي تصطاد في الماء العكر، وتجرّح بالضيف وتعرّيه لتحقيق {سكوب} إعلامي، وتنتمي إلى {مدرسة تحترم الضيف مع حق الاختلاف، وحقنا أن نمارس اللعبة التلفزيونية المشروعة}.تنوع وابتكار ومشاركةالقاهرة - بهاء عمرالإعلامي محمود سعد أحد أبرز مقدمي برامج الحوار حرصاً على التنوع في المحتوى، فلا يقتصر ما يقدمه على الأمور السياسية أو الشأن العام، بل يستضيف فنانين ومطربين لإبعاد الملل عن برنامجه وجذب أكبر شريحة من المشاهدين.يقدّم سعد نماذج ناجحة في المجتمع في مجالات الطب والهندسة... وحتى الأوائل في المدارس والجامعات، للخروج على صورة الـ {توك شو} النمطية التي تعرض صوراً سلبية في المجتمع فحسب.فخ التكراربدأ الصحافي التلفزيوني المخضرم يسري فودة مسيرته المهنية كصحافي استقصائي في برنامجه الأشهر {سري للغاية} الذي قدمه لسنوات على شاشة {الجزيرة}، وأجرى فيه تحقيقات في دول مختلفة. وعندما انتقل إلى شاشة {أون تي في}، أكثر ما أثار قلقه السقوط في فخ نمطية البرامج التي تعتمد على استضافة ضيوف عدة يتحدثون في موضوع ما لبعض الوقت وينتهي الأمر، لذا حرص على تقديم تحقيقات استقصائية في برنامجه مستعيناً بفريق من صحافيي التحقيقات البارزين في الصحف المصرية.كذلك أسس وحدة للتحقيقات الاستقصائية التلفزيوينة تابعة لبرنامجه {آخر كلام} لتقديم تحقيق تلفزيوني، مرة كل شهر، يراعي المعايير المهنية ويستضيف معنيين بالقضية التي يتناولها التحقيق. وقد أعرب فودة عن أمنيته بأن ينتشر هذا اللون من التحقيقات في الوسط التلفزيوني المصري، لأنه يمثل قيمة رفيعة ومحترمة بعيدة عن الوقوع في فخ التكرار والتقليد.الإعلامي تامر أمين الذي يقدم برنامج {ساعة مصرية} على شاشة {روتانا}، يحرص على تقديم طريقة مبتكرة عبر برنامجه الذي يعتمد على تكرار الضيوف في الحلقات كافة، ورغم استغرابه شخصياً من فكرة البرنامج عندما عرضت عليه فإنه قرر المغامرة.يوضح أمين أن الجديد في البرنامج معرفة الجمهور بالضيوف مسبقاً، وبالتالي ينحصر اهتمامه بالقضية التي يناقشها المتحدثون لمدة ساعة، مؤكداً أن هذا التصور ربط المشاهدين بالبرنامج، وباتوا ينتظرون اختلاف الضيوف الذين يمثلون توجهات سياسية متنوعة ومتنافرة.اعتبرت الإعلامية منى الشاذلي انتقالها من شاشة {دريم} التي كتبت شهرتها عبر برنامجها {العاشرة مساء} الذي قدمته لسنوات، إلى شاشة {إم بي سي مصر}، نقلة مهمة في مشوارها، لذا حرصت في الحلقات الأولى على استضافة جمهور يشاركها الحلقة ولكن تم الاستغناء عنه في الحلقات التالية.سر النجاحأعطى الإعلامي الساخر باسم يوسف درساً في فن الابتكار بوصفه سر النجاح، لا سيما أن المتتبع لمسيرته يدرك كيف جذب انتباه المشاهد منذ إطلالته الأولى على الـ {يوتيوب} مروراً بطلته التلفزيونية على شاشة {دريم} ثم على {سي بي سي}، ذلك أن البرنامج أقرب إلى الاستعراض الذي يتفاعل معه جمهور حي وليس القابع خلف الشاشات فحسب. ما زال يوسف يفكر في تصور جديد، كما أعلن عبر صفحة البرنامج، يناسب المرحلة الجديدة ليعود من خلاله إلى جمهوره.الإعلامية مفيدة شيحة التي تقدم برنامج { الستات ما بيعرفوش يكدبوا} بمشاركة الفنانة منى عبد الغني والإعلامية أميرة بهي الدين، توضح أن فكرة تقديم برنامج يهتم بشؤون المرأة ليست جديدة، لكن يكمن الابتكار في تقديم ثلاث سيدات للبرنامج ومشاركتهن في مناقشة القضايا، فبدا كأنه {قعدة ستات} يتحاورن في قضايا شتى، تماماً كما يحدث في الحياة اليومية عندما تجتمع مجموعة من الصديقات ويتحدثن في كل شيء. تضيف شيحة: {حرص فريق العمل على أن نشارك كمقدمات في فقرات البرنامج مثل فقرة الطبخ على الهواء مباشرة، ونبدي رأينا وأفكارنا بشأن المأكولات، ما شكَّل ألفة بيننا وبين المشاهدين}.
توابل - مزاج
دليل الإعلامي إلى قلب المشاهد... مهنيَّة وعفويَّة وتجديد
05-10-2013