يبدأ الهضم لحظة وضع الطعام في الفم والقيام بعملية المضغ. بعد اختلاط الطعام باللعاب وابتلاعه، يندفع إلى المريء ثم يصل إلى المعدة حيث يتحول إلى كتلة كثيفة بفعل انقباض جدار المعدة. بعد ذلك، تحوِّل العصارة المعدية الطعام كيماوياً إلى جزيئات، ثم يجتاز المعي الدقيق الذي يبلغ طوله بين ثمانية وتسعة أمتار.

Ad

 في هذه المرحلة، يمتص الجسم العناصر الأساسية من خلال جدران الأمعاء وتتجه الفضلات التي لم يمتصها الجسم والتي تكون على شكل سائل إلى القولون (الأمعاء الغليظة). وهذا ما يسمى بالكتلة البرازية.

والمعلوم أن البراز يصبح أكثر كثافة وصلابة تحت تأثير انقباضات عضلات القولون، وبعدها يصل إلى القسم النهائي من القولون ثم إلى المستقيم وعندها نشعر بالحاجة إلى الدخول إلى المرحاض.

وثمة شرطان أساسيان يجب توافرهما كي يكون مرور المواد المعوية طبيعياً:

الشرط الأول: وجود كمية كافية من الماء.

الشرط الثاني: وجود كمية كافية من الألياف الغذائية. والألياف هي عناصر مجهرية لا ترى بالعين المجردة موجودة في بعض الأطعمة ولا تتأثر بعملية الهضم. عند وصولها إلى القولون تمتص الألياف الماء، ما يؤدي إلى انتفاخها كالاسفنجة، فتعمل على إعطاء البراز الحجم والتماسك الضروريين لعبور معوي طبيعي.

هل تعاني الإمساك؟

عدم الدخول اليومي إلى المرحاض ليس مؤشراً على وجود إمساك، فكل إنسان له نظامه الخاص. يعتقد البعض أنه يعاني الإمساك لمجرد أنه لا يدخل يومياً إلى المرحاض وهذا اعتقاد خاطئ، فالإمساك يعني أن يكون البراز نادراً أو صلباً أو عندما يخرج بصعوبة. يتبرز بعض الناس بشكل عادي بلا صعوبة كل يومين أو ثلاثة، وهؤلاء لا يعانون الإمساك,

خروج براز قاس على شكل كتل أو حصى صغيرة يعكس دائماً نقصاً في الألياف الغذائية أو الماء. وعندما يرافقه بطء في المرور المعوي يمكن اعتباره إمساكاً.

هل الحالات كافة متشابهة؟

غالبية حالات الإمساك غير خطرة حتى تلك التي تخفي مرضاً ما في الجهاز الهضمي. ولكن من الضروري استشارة الطبيب المختص عندما يكون الكسل المعوي حديثاً أو مصحوباً بعوارض أخرى مثل أوجاع في البطن أو وجود عناصر غير طبيعية في البراز (دم، سائل مخاطي) أو هزال أو شعور بالتعب... وغيرها.

وثمة الإمساك المؤشر والإمساك المرضي. يحدث الأول نتيجة مرض ما في الجهاز الهضمي (البطء في المرور المعوي مؤشر إلى مرض ما). أما الثاني فهو مرض بحد ذاته ويشكل سبباً كافيا للاستشارة الطبية.

الإمساك العادي الذي يسمى بالإمساك الوظيفي هو الأكثر شيوعاً وينقسم إلى ثلاثة أنواع:

الإمساك الوهني: ينتج من نقص في قوة العضلات الموجودة في جدران القولون (الأمعاء الغليظة) فهي تتقلص أقل مما يجب لذلك تنتقل المواد الغذائية بسرعة أقل.

الإمساك الانقباضي: يعكس عملاً فوضوياً في القولون فيعكس انتقالاً سيئاً للمواد الغذائية وتصحبه غالباً آلام في البطن.

الإمساك النهائي: ينتج عن نقص في حساسية غشاء المستقيم المخاطي. في هذه الحالة، يفقد المريض شيئاً فشيئاً الإحساس بحاجته إلى دخول المرحاض رغم تجمع البراز في المستقيم. وأكثر المصابين في هذه الحالة هم من المسنين.

هل يتوافر علاج لجميع أنواع الإمساك؟

لا يتوافر علاج سحري قد يعيد الجهاز الهضمي في غضون ساعات إلى سابق عهده، اذ تتطلب المعالجة وقتاً طويلا مع الارتكاز على مقاييس عدة:

عادات يومية صحية.

ترك العادات القديمة.

عادات غذائية جديدة.

إعادة تأهيل الجهاز الهضمي ليعمل بشكل طبيعي، وذلك باتباع بعض القواعد البسيطة مثل (التوازن الغذائي، زيادة كمية الطعام المحتوي على الألياف، القيام بحد أدنى من التمارين الرياضية ).

ألياف غذائية

الألياف الغذائية فضلات الأغذية النباتية التي لا تهضم، ونجدها في الفواكه والخضروات والمواد النشوية والحبوب. والألياف مهمة جداً لحسن أداء الأمعاء فعند اتصالها بالماء تنتفخ كالإسفنجة وتساهم في تشكيل براز سهل الخروج من خلال تأثيرها على حجمه وصلابته. كذلك تسرع الألياف في سير عملية الهضم.

كلما زادت نسبة الألياف الغذائية في الطعام كلما أصبح وزن البراز كبيراً وكلما تسارع عبوره المعوي. بينما يؤدي انخفاض نسبة الألياف الغذائية إلى نتيجة عكسية.

هل يؤدي جميع الألياف الغذائية الدور نفسه في تفريغ الأمعاء؟

تتعدد أنواع الألياف الغذائية وتتنوع فاعليتها على المرور المعوي، وثمة أنواع عدة منها:

السليلوز: نجدها في الفواكه والخضروات، وهي أكثر الألياف توافراً في الطبيعة.

الإميسليلوز: نجدها في الحبوب، خصوصاً في نخالة الحنطة (القمح).

البكتين: نجدها في التفاح وفي الحمضيات.

اللينين: قليلة التأثير في المرور المعوي ونجدها بكميات كبيرة في بعض الثمار كالموز والأجاص والخوخ وفي بعض الخضروات كالهيلون والكرات.

لبعض الألياف فاعلية كبرى في التأثير على المرور المعوي. والواقع أن الأميسليلوز أكثرها تأثيراً وفاعلية لقدرته على امتصاص الماء بسهولة، لذلك يعتبر فاعلاً في معالجة الإمساك. ويمتص السيليوز الماء بكمية أقل، لكننا لا نستطيع تجاهله أو التقليل من أهميته في معالجة الإمساك.

كيف نزيد كمية الألياف في الغذاء؟

ثمة ثلاث قواعد يجب اتباعها لإغناء النظام الغذائي بالألياف:

القاعدة الأولى: استبدال الطحين الفاخر المكرر بالطحين الكامل, والتأكد من ذلك عند شراء الخبز والرز والمعجنات.

القاعدة الثانية: تناول الخبز المخلوط بالنخالة.

القاعدة الثالثة: الإكثار من تناول الفواكه والخضروات.

هل للألياف تأثيرات أخرى في الجسم؟

تشكل الألياف أساس الغذاء الصحي المتوازن لجميع الأشخاص حتى لمن لا يعاني الإمساك. ومن هذه التأثيرات والفوائد ما يلي:

الكولسترول: النباتيون الذين يعتمدون في غذائهم بشكل أساسي على نباتات تحتوي على نسبة عالية من الألياف تكون نسبة الكولسترول عندهم منخفضة مقارنة مع الأشخاص الذين يتناولون غذاء عادياً. لذلك ينصح من يعاني من ارتفاع نسبة الكولسترول بتناول الكثير من الألياف (نخالة، حبوب كاملة، فواكه وخضروات).

حصى المرارة: مؤلفة غالباً من الكولسترول لذلك يوصى المرضى المصابون بها باتباع نظام غذائي غني بالألياف، يساعد على الحماية من تكونها.

الالتهاب المعوي: مرض يصيب الأمعاء ويظهر غالباً في النصف الثاني من حياة الأشخاص الذين يفتقر نظامهم الغذائي إلى الألياف بشكل كاف.

سرطان القولون والمستقيم: أثبتت الدراسات التي أجريت على هذا النوع من السرطان دور الألياف في الوقاية منه، لا سيما الموجودة في النباتات الطبيعية مثل الخضروات والفواكه ونخالة القمح.

ما علاقة الماء بالإمساك؟

يؤدي الماء دوراً حيوياً للحفاظ على صحة الجسم ويساعد الأجهزة الحيوية في القيام بوظائفها. كذلك يساعد الكليتين على التخلص من الرواسب والأوساخ المتراكمة في الجسم، ويؤدي دوراً مهماً في عمل الجهاز الهضمي عند اتصاله بالألياف الغذائية لتشكيل براز ذي حجم وتماسك مناسبين. ينصح بشرب حوالى ليترين إلى ليترين ونصف الليتر من الماء يومياً.

ما أهمية التمارين الرياضية؟

تشكل التمارين الرياضية الحليف الطبيعي لنظام صحي جيد، وهي عامل رئيس في معالجة الإمساك كالماء والألياف الغذائية. تقدم التمارين الرياضية المنتظمة للجسم طاقة لا يمكنه الاستغناء عنها، فقد خلق الله الانسان ليمشي ويركض ويتحرك بشكل طبيعي، لذلك من المهم تحريك أجسامنا وممارسة الرياضة اليومية ولو لفترة قصيرة.

Prof-aljarida@hotmail.com

Twitter: @PROF_RN

Facebook: Rabah AL-najadah