قبل 21 ديسمبر 2012 اعتقد البعض أن نهاية العالم ستكون في ذلك اليوم، وبدأت الأحاديث تتواتر بين الجميع علماء وشيوخاً وروحانيين والكل يدلي بدلوه ويقول رأيه، وهل فعلاً ستكون نهاية العالم؟ وماذا يجب أن نفعل؟ وما حقيقة ما سيحدث؟... إلخ.تذكرت ذلك وأنا أتابع الجميع يتحدثون عن 30/ 6 القادم وماذا سيحدث في مصر؟ فالبعض يراه زلزالاً مدمراً، وآخر يعتقده عرساً ديمقراطياً، وثالث يراه نهاية جماعة، وهناك من يتوقع سيطرة رئاسة... وحيث إنه لا يمكن لإنسان مهما كانت قدرته على التحليل السياسي وقراءته للمؤشرات الأولية وتخيله للرؤيا المستقبلية أن يدرك على وجه اليقين ما يمكن حدوثه فيصبح من حق من يشاء أن يقول ما يريد. في المقالين السابقين أوضحت نقطتين مرتبطتين بهذا اليوم، وذكرت أن من حق حملة "تمرد" التظاهر كما تشاء والمطالبة برحيل الرئيس، ولكن عليها قبل الادعاء بأن الرئيس لم يفِ بوعوده أن تسأل: هل قام المواطن بواجبه وأدى دوره، ليساعد الرئيس على الوفاء بما وعد أم حاول بكل الطرق منع الرئيس من الوفاء بما وعد به؟ وهل تستقيم والحال هكذا أن نطالب الرئيس بوعوده؟وفي المقال الأخير أوضحت أن رغبة المعارضة قي إسقاط النظام ورحيل الرئيس لا يمكن الاعتراض عليها، لكن لا يوجد دستورياً ولا سياسياً ولا ثورياً ما يسمى بانتخابات رئاسية مبكرة، وأن هذه الدعوة في حقيقتها تستغل معاناة المواطن ومشاكله اليومية في الترويج لها، وأنها لا قيمة لها ما لم يبادر الرئيس باستفتاء الشعب أولاً عليها، بل إن الرئيس- كما ذكر لي صديق قانوني- لا يملك دستورياً الدعوة لانتخابات مبكرة دون استفتاء الشعب!لا ينكر أحد الأخطاء الكثيرة التي وقع فيها الرئيس طوال السنة الماضية، ولكن ألم تكن خطايا المعارضة أكبر بكثير من أخطاء الرئيس؟ إن المشكلة الحقيقية التي تعانيها المعارضة- رغم وجود شخصيات لها كل التقدير والاحترام ولها خبرة طويلة في العمل السياسي- هي المراهقة السياسية... فهي تعتقد أنها وحدها من يملك العلم والمعرفة وغيرها لا يعرف شيئاً! كما أنها وحدها من تحب مصر وصادقة في حبها لا لشيء إلا لأنها تقول لا، وغيرها لا يحب مصر أو منافق في حبها لا لشيء إلا لأنه يقول نعم!وهذه حال غريبة عجيبة قريبة الشبه بالمراهق الذي دائماً "ما تسبق لاءه نعم" ويصبح رافضاً لكل شيء... ويدّعي العلم والمعرفة بكل شيء، ويتباهى بقدرته على اختيار الصواب، ودائما ما يرفض الحوار والنقاش والاستماع لآراء الآخرين تارة بدعوى أنه ليس في حاجة إليه وتارة بدعوى اختلاف الأجيال، وهذه نفس حال المعارضة التي تصر دائما على رفض الحوار (للمعارضة مفهومها الخاص عن الحوار فهي ترى أن الحوار هو الاستجابة لأوامرها لا الاستماع لآرائها) لأن رأيها هو الصواب دائماً، وأن الاختلاف بينها وبين الآخرين لا يمكن تجاوزه (تماما كاختلاف الأجيال عند المراهق)، وكانت آخر أحكام المعارضة ما ذكره أحد قيادييها بالأمس حين طالب مرسي بالاستقالة والاستماع لصرخة المواطنين، وأن البلاد في حاجة لمصالحة وطنية! فهل تستقيم المصالحة الوطنية مع المطالبة بإقصاء "الإخوان" وإعادتهم إلى الزنازين أو التضحية بهم في عيد الأضحى؟! هل هذا حديث عاقل للمعارضة أم حديث مراهقة سياسية؟وأسوأ ما تقع فيه المعارضة هو الاعتقاد بأن رفض المواطن لأخطاء الرئيس تعني موافقته على خطاياها فإذا كانت الجماهير لا تقبل استمرار مرسي فهي لا تتمنى أبداً وجود هذه المعارضة التي لم تقدم أيضاً طوال عام كامل أي شيء يخدم المواطن، واكتفت بالصراخ والعويل. ويبقى السؤال هل يكون 30/ 6 نهاية لمصر كما يتمنى ويسعد البعض أم يكون انطلاقة لمصر الجديدة... مصر يحترم فيها كل طرف الآخر ولا يرفضه ويسخر منه؟!***"إلى كل مصري لا تجعل كرهك لـ"الإخوان" أكبر من حبك لمصر ولا تجعل انتماءك إلى "الإخوان" أكبر من انتمائك إلى مصر"
مقالات
30/ 6... ومراهقة المعارضة
28-06-2013