«إضعاف مؤسسات الدولة مصلحة إخوانية... والدستور فقد شرط التراضي بين المجتمع»

Ad

اعتبر خبير التخطيط السياسي مصطفى حجازي «الإخوان المسلمين» التي تحكم مصر، تنظيماً سياسياً جامداً يسعى إلى الحكم والبقاء فيه، مشدداً على أن الجماعة مصابة بالعمى التنظيمي.

وقال حجازي، خلال حوار مع «الجريدة»، إن الدستور هو حالة من التراضي بين طوائف المجتمع، مضيفاً أن هذا التراضي غائب في الدستور الجديد، وبالتالي فإنه فقد الشرط الأساسي له... وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

• بعد الثورة... أين المشكلة في مصر ومَن السبب فيها؟

- بعد الثورة حصل تغير في الوعي وتحول المجتمع من مفعول به إلى فاعل، ولكن المشكلة الآن هي الصراع بين الماضي والمستقبل، فالصراع ليس سياسياً ولكنه قيمي، بين الماضي الذي يمثله نظام مبارك ومن ينتمون إلى عقلية الماضي كالإخوان، الذين يريدون إحياء منظومة النظام السابق التي سقطت ولكن بوجه جديد وبمفردات تبدو مختلفة، وهذا كله يصطدم بالناس الذين يريدون الحكم بطريقة تفكير مختلفة وبمعايير للعدل والحرية والكرامة، ولكن من في السلطة لا يفهم هذا، فالأدوات القديمة لم تعد تصلح مع هذا الشعب الجديد في مصر ولا خارجها، لأنه تغير عالمي وليس مصريا أو إقليميا.

• ما تقييمك لعملية التحول الديمقراطي في مصر؟

- عملية التحول الديمقراطي للأسف تهتم بالشكل لا بالجوهر، فالأساس هو كيف أحرر المجتمع في مرحلة بناء القرار، ثم آخذ القرار الديمقراطي لأن سلامة العملية الديمقراطية تقتضي سلامة عملية صناعة القرار، وهذه شابها الكثير من التدليس والتزوير وتضليل وعي الناس، وهذه ليست عملية ديمقراطية سليمة، ولكنها عملية إجرائية سليمة، لأن جوهر الديمقراطية غائب، والأخطر أن هناك من يريد أن يغيِّبه ويبقيه على ما هو عليه.

• في رأيك "الإخوان" جماعة ثورية أم إصلاحية أم ضيقة الأفق؟

- الإخوان تنظيم سياسي جامد يسعى إلى الحكم والبقاء فيه، والتنظيمات المغلقة لديها سيكولوجية وقراءة خاصة لما حولها، وهي العمى التنظيمي، أي أنها ترى الحقائق من منظور ضيق جداً، بفرضية أن كل من خارج أسوار هذا التنظيم عدو لك، وإحدى مشكلات التنظيمات المغلقة هي كيفية التعامل مع الدولة ذاتها، لأنها لا تستطيع أن تذوب وتكون جزءاً من الدولة، وبالتالي ليس أمامها إلا أن تستعدي الدولة فضلاً عن كونها في حالة عداء مع شعوبها، وبالتالي فإن من مصلحتها إضعاف كل مؤسساتها، لذا ليس عجباً أن نرى استعداء الإخوان للأزهر والمحكمة الدستورية والقضاء والشرطة والجيش والإعلام والتعليم، فالتطوير لدى التنظيم يعني "تطويع" مؤسسات الدولة.

• هل تعني أن مصر ممكن أن تقبل "التطويع"؟

- ما أريد أن أقوله هو أن الاحتلال يمارس ثقافة الاستبداد ضد أبناء الوطن المحتل، بأن يعطي لنفسه حقاً أكثر ويضع نفسه في مرتبة أعلى وكل من يمارس هذا الأمر هو سلطة محتل، حتى لو لم يكن محتلاً خارجياً.

• كيف نستفيد من تجارب البلدان الأخرى للنهوض بمصر؟

- كل الدول التي نهضت كانت تعيش في لحظة صدق مع النفس، وهذا يلزم أن نحيا في مصر كمجتمع فيه حالة شراكة لا مغالبة، لكن حقيقة الأمر أنه توجد رغبة حقيقية في تثبيت الأوضاع الاستبدادية، وحين يقول الرئيس في خطابه الأخير إن أكثر من 60 في المئة من الشعب وافق على الدستور في حين نسبة المشاركة لم تتجاوز 32 في المئة من الهيئة الناخبة، فإن بقاء هذه الحالة سيؤدي إلى بناء واتخاذ قرارات وفقاً لهذه الحالة وهي الإنكار للواقع وعدم الاعتراف بوجود مشكلة ومحاولات الكذب على النفس.

• ما رأيك في الدستور الجديد؟

- أنا لا تعنيني الوثيقة في حد ذاتها، لأن الدستور هو حالة من التراضي بين طوائف المجتمع، وهذا التراضي المجتمعي غائب، لذلك فالدستور فقد الشرط الأساسي له.