يظهر رد الفعل المحبب تجاه المأكولات الحلوة المذاق لأننا لا نأكل كمية كبيرة من المأكولات المصنّعة أو الحلويات الغنية بالسكر في منزلنا. ومن جهة أخرى، يميل الأولاد بطبيعتهم إلى تفضيل النكهات الحادة والحلوة أكثر من المراهقين الأكبر سناً والراشدين.

كتبتُ عن هذا الموضوع منذ فترة وناقشتُ العلم الكامن وراء الميل البيولوجي لدى الأولاد إلى تناول الوجبات الحلوة المذاق.

Ad

بما أن الأولاد في مرحلة النمو يحتاجون إلى مستوى أعلى من السعرات الحرارية نسبةً إلى وزن الجسم، ونظراً إلى صعوبة الحصول على السعرات الحرارية خلال فترات طويلة من تاريخنا التطوري، اعتبر الباحثون أن الأطفال الذين يحبون المأكولات الحلوة المذاق يتفوقون على من يفضلون أنواعاً أخرى. ومع مرور الوقت، كان ذلك التفوق كفيلاً بدفع الأطفال طبيعياً إلى تفضيل الأنواع الحلوة المذاق.

لكنّ إدراك ميل أولادنا إلى حب الحلويات لا يعني أننا نجيد التعامل مع هذه الظاهرة. في عالمٍ تتوافر فيه المأكولات الغنية بالسعرات الحرارية والسكر وتتراجع فيه القيمة الغذائية بسهولة وبكلفة متدنية مقابل تراجع استهلاك الفاكهة والخضروات الطازجة، يجب أن نستغل معرفتنا لهذا الذوق الموروث لدى الأطفال لصالحنا.

المنع لا يفيد

سبق واعتبرتُ أن منع الأولاد من أكل السكاكر لا يفيد، لكن لا يعني ذلك السماح لهم بتناول ما يريدونه. ثمة طريقتان أساسيتان يمكن تطبيقهما للتعامل مع ميل الأطفال إلى تناول الحلويات: الحرص على ملء خزائن المطبخ بخيارات بديلة صحية ومُشبِعة، وإعداد وجبات توفر مجموعة واسعة من المغذيات والأنواع الغذائية على أن تشمل كمية كبيرة من الفاكهة والخضار والبروتينات والحبوب الكاملة.

في المقام الأول، يجب التنبه إلى كميات السكر المضافة في المأكولات المصنعة. بدءاً من العصائر والألبان وصولاً إلى المقرمشات ومختلف أنواع الخبز، تحتوي المأكولات المصنعة على كميات كبيرة من السكر لكنها تأتي بأشكال مختلفة في أغلب الأحيان. يجب مراقبة الأغلفة الغذائية على المأكولات التي نشتريها. تحتوي مأكولات كثيرة (مثل صلصة التفاح أو اللبن) على سكريات طبيعية. هذه الأنواع ليست سيئة. بل يجب التنبه إلى كميات السكر المضافة والمشروبات والمواد المُحلّية التي يمكن أن تزيد نسبة السعرات الحرارية في طعام معين. يمكن التفكير عند الإمكان بشراء منتجات طبيعية وغير محلاة ثم إضافة بعض السكر أو الفاكهة أو المربى لتعزيز نكهتها تزامناً مع السيطرة على الكمية المستهلكة.

يمكن الاستفادة أيضاً من الخيارات البديلة للسكر المُصنّع أو الاكتفاء بتخفيض كمية السكر في الوصفات. على سبيل المثال، تعج شبكة الإنترنت بالوصفات التي تستبدل بعض أو كامل كمية السكر الموجودة في فطائر المافن أو البسكويت بفاكهة مجففة أو صلصة التفاح أو خيارات بديلة صحية أخرى. المافن الخالي من الغلوتين والسكر على الفطور مثال ممتاز على ذلك.

خيارات بديلة

يدور جدل في الحقل العلمي حول الادعاءات الصحية لمختلف المواد المُحلية الطبيعية والخيارات البديلة عنها. أثبت بعض الدراسات وجود منافع صحية للعسل، ويحتوي رحيق الصبار الخام على نسبة كبيرة من المعادن الموجودة في نبات الصبار. لكني أحب عموماً تناول المنتجات الطبيعية وغير المصنّعة قدر الإمكان: من المنطقي في نهاية المطاف أن ننمو بفضل المأكولات التي ساهمنا في زرعها. لذا نفضل في بيتنا العسل أو رحيق الصبار أو حتى السكر الأسمر على السكر الأبيض أو شراب الذرة الغني بالفركتوز.

لكن يبقى السكر سكراً بالنسبة إلى الجسم. في الحقيقة، يحتوي العسل والصبار على سعرات حرارية أكثر من سكر المائدة مع أننا نستطيع عموماً استهلاك كمية أقل منهما بسبب نكهتهما الحلوة ومذاقهما القوي. المهم أن نتذكر أن جميع المأكولات الغنية بالسكر كانت تُعتبر حتى فترة قريبة من المأكولات الفاخرة والمكلفة التي لم يتسنَّ لأسلافنا تناولها بوفرة. لذا من الأفضل أن نعدّل حميتنا الغذائية ونقلّص رغباتنا الناجمة عن ميول موروثة طبيعياً.

نعم، الأطفال يحبون المأكولات الحلوة المذاق بطبيعتهم لأن أجسامهم تحتاج إلى السكر أكثر من الراشدين. لكن لا يحتاج أي منا إلى كمية السكر (لا سيما السكر المكرر) التي نستهلكها اليوم.