تتعدد فئات النساء المنعزلات، من ضمنها المرأة المنعزلة الوحيدة التي تعيش حياةً منظمة ولا تخرج إلا نادراً، وتكون علاقاتها بالآخرين مختصرة وتجد صعوبات في التواصل معهم. ومن ضمن فئات النساء الوحيدات، تبرز المرأة المنعزلة غير الوحيدة التي تحيط نفسها بأشخاص وتبحث عن المتعة والتسلية والمشاعر، إلا أنها في أعماقها تعاني الوحدة أو على الأقل تشعر بها.كثيرات هنّ النساء اللواتي يعشن وحدتهن كلعنة أو إعاقة في مجتمعٍ يُثني على الحياة الزوجية والعائلية، وكأن من يعيش وحيداً يعيش نصف حياة. غالباً ما تجدين صعوبة في تحمّل الوحدة وتقبلّها لا سيما حين تُفرض عليك، إلا أنها تتحوّل إلى مصدر يغني حياتك حين تعتادين على التعايش معها. أشكال الوحدة تتعدد الأسباب التي ترمي المرأة بين براثن الوحدة، قد تكون عزباء أو منفصلة أو مطلقة أو أرملة أو عانساً (حتى وإن بات المصطلح غير مستعمل في الآونة الأخيرة)، إلا أن الأمور لا تتوقف هنا، فماذا عن النساء المطلقات اللواتي يعيشن مع أولادهن؟ وماذا عن اللواتي يعشن مع رجل لا يشعرن تجاهه بأي حب؟!بين الوحدة والانعزال من المهم أن تدركي أن الوحدة لا تعني ضرورة دراما ومأساة، بل استراحةً تفرضها الحياة. كثيرات هن النساء اللواتي يستفدن من هذه الفترة ليفكّرن في أحوالهن وحياتهن وتحليل ما وصلن إليه وبدء عملية سبر أغوار الذات. في حالةٍ مماثلة، تتجلى الوحدة بأبرز معانيها لأنها تشكّل عتبة حياة أخرى أكثر غنى وكثافةً، يسهل فهمها واستيعابها، من هنا يمكن القول إن المرء يعيش وحده من دون أن يشعر بالعزلة. تخيّلي النصر الذي تحققيه في حالات مماثلة!وسيلة للحمايةنادرات هنّ النساء اللواتي تفرض عليهن الحياة العيش وحيدات. انتهى عصر النساء المحاربات والخارقات والقويات اللواتي اكتسحن العصور الحديثة رافعات راية الاستقلال كرمزٍ للقوة والتفوق على الرجال! اليوم، تلجأ النساء إلى الوحدة كوسيلة للاحتماء والراحة، بعد مرحلةٍ صعبة تدفعهن إلى البحث عن السكينة. انظري من حولك ولاحظي النساء اللواتي يرغبن، بعد عذاب طلاق صعب، في العيش وحيدات في سلام مع ذواتهن ومقتنعات بحالهن. انتبهي إليهن كيف ينبضن بالتجدد والحيوية والحياة والجمال، وكيف تحوّلن إلى فراشات جميلة ملونة، خرجن بعد طول انتظار من سجن العذاب إلى الحرية والسعادة!ترى أولئك النساء في الوحدة حلاً لا غنى عنه لإرساء التوازن في حياتهن. يعشن كأنهن يمضين عطلةً طويلة، أوقات فراغ أو صمتاً مفيداً. فلا عجب في أن تعلن إحداهن أن تمضية أمسية أو اثنتين بمفردها في المنزل تعادل جلسة سباحة طويلة، أو أن ارتياد السينما أو المسرح بمفردها يفسح في المجال أمامها لتحليل مشاعرها وأحاسيسها. نعم صدقي، قد تكون الوحدة أحياناً إضافةً لا بدّ من أن تنعم بها المرأة من وقتٍ إلى آخر.لا وجود لنموذج فريد لم يختفِ مفهوم الزوجين بعد إلا أن المرء بدأ يميل تدريجاً نحو مجتمع يستثني العلاقة الفريدة النموذجية، لتحلّ محلها أنواع أخرى من العلاقات. إلا أن المرأة تسعى باستمرار إلى الحفاظ على مكانتها في المجتمع، لذا تشترط، لتدخل في علاقةٍ مع رجل، أن يحترم شخصيتها وحاجاتها.في الواقع، حين تمتلكين القدرة على العيش وحيدةً في إطار علاقةٍ تجمعك بالرجل، فأنت تتجنبين بذلك النكسات. فسواءٌ عشت وحيدةً أو مع آخر لا بدّ من أن تتمتعي أحياناً ببعض الوحدة، وهو أمر لا تطيقه النسوة اللواتي يعتقدن أن الحياة الزوجية تعني الانصهار التام بين الشريكين، هذا أحد أنواع المثالية، فالحياة غالباً ما تتشكل استناداً إلى العزلة حتى وإن كانت إلى جانب الآخر.مسار طويلتكمن المشكلة اليوم في أن العلاقات بين الرجل والمرأة تحدث بلمح البصر: يشتعل الحبّ بينهما، يتزوجان ويجريان اختبار حمل بالأنبوب فتجمعهما حياة مشتركة. من الطبيعي في حالات مماثلة ألا تدوم الحياة بينهما إلى الأبد.يقول أختصاصيو علم النفس أن الشابة، في مرحلة المراهقة، تترك منزل أهلها وتعيش لوحدها وتتابع دارستها وتتعرف إلى شبان كثر إن أرادت، ثم تتزوج وتنجب طفلاً أو طفلين، وتتجه نحو الطلاق لتجد نفسها وحيدة لبضع سنوات قبل أن تتزوج ثانية وتؤسس عائلة مركبة تنتهي بوفاة الزوج، فتصبح أرملةً وتعيش مجدداً لوحدها. هذه هي الحياة التي تعيشها نساء كثيرات حول العالم.أسطورة الأمير الساحريلاحظ اختصاصيون علم النفس ألا مكان اليوم لأسطورة الأمير الساحر، نظراً إلى استحالة العثور على المرأة المثالية أو الرجل المثالي، فكلاهما شخصية محض خيالية أو مجرد اختراع أو حلم أو رمز أخلاقي أو وهم بصري أو سراب صحراوي على غرار بابا نويل والسندباد.حين تقولين إنك تبحثين عن شخصٍ مثالي فيعني ذلك أنك تبحثين عن شخصٍ ممتاز، استناداً إلى المعايير المفروضة تحت تأثير الموضة أو الضغط الاجتماعي... لا شك في أنه بحث يدلّ على الغباء.يشير الخبراء إلى أن النساء في الماضي، كن يتطورن مباشرةً من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المرأة المتزوجة، إلا أن الصورة اختلفت اليوم فباتت المرأة تولي مرحلة الدراسة أهمية لذا زادت نسبة العازبات.لا وجود لمفهوم المثالية في عالمنا! بات الرجال والنساء، على حدّ سواء، مختلفين بشكل جوهري. رغبةً منها في وضع حد لوحدتها، لا بدّ من أن تنسى المرأة أمر الأساطير التي تمجّد المثالية والانصهار بين الجنسين. الحياة الزوجية هي قبل كلّ شيء شراكة لا بدّ من أن تقوم على أساس الرغبة والمتعة في المشاركة وفي الوحدة. خوف من الوحدة ماذا عن النساء اللواتي نقابلهن يومياً في الشارع ويلازمن الرجل خوفاً من الوحدة؟ لا داعي لإصدار أحكام سريعة، فلا شكّ في أن تصرفهن هذا ناتج من ماضٍ أليم. في مطلق الأحوال، لا بدّ من أخذ المثل القائل: «الوحدة خير من جليس السوء» في الاعتبار.عند سماع قصص عن نساء يعشن مع أزواجِ لاعتبارات اجتماعية أو مادية ولا يشعرن تجاههم بأي حب، تجدين نفسك بحاجة إلى انتقادهن أكثر من لومهن.للأسف لا تعيد هذه الفئة من النساء النظر في وضعها فخوفها من الوحدة يرميها في عزلةٍ رهيبة غالباً ما تؤدي إلى الاكتئاب. لو تمكنت تلك النسوة من المخاطرة، لعلمن أن الوحدة التي يخشينها قد تصلح لتكون طريقاً حقيقياً يؤدي في النهاية إلى الحرية والانفتاح وإلى حياة زوجية أكثر نجاحاً. لذلك، لا بدّ من أن يكون الطلاق الحلّ الذي تنشده النساء التعيسات، لكن للأسف لا يتجرأن على اعتماده.وحدة من وقتٍ إلى آخريشير المحللون النفسيون إلى أن النساء اللواتي يعشن الوحدة بشكلٍ سيئ، عانين نقصاً عاطفياً ناتجاً من انفصال مبكر عن الأم أو عذاب سفرٍ مهني أو رحلة استشفاء، أو عن أم كانت حاضرة جسدياً وغائبة نفسياً، فسيطرت صورتها على الأفكار المكتئبة والقلقة. أن تجدي نفسك وحيدةً يُنعش الألم الناتج من غياب الأم الأساسي، فتظهر حاجتك كشخصٍ بالغ إلى محبة الآخرين ووجودهم الجسدي.شخص مناسبتكمن مشكلة العصر الراهن في عدم العثور على توأم الروح بسهولة. كثيرات هن النساء اللواتي يعجزن عن العثور على نصفهن الآخر لأنهن يقبعن في روتين الحياة العادية: العمل، الحياة العائلية، الأصدقاء؛ أي في دائرة ضيقة. وإن لم يجدن فرصة للقاء الآخر أثناء سهرٍة أو حفلة زفاف أو نشاط رياضي، فمن المستحيل أن يلتقين به يوماً. في الحقيقة، لو تركتِ الأمور للقدر، قد يتركك تنتظرين طويلاً وهذا فعلاً ما يصيب نساء جميلات وذكيات وظريفات...تبعاً لهذه الظروف، ظهرت وسائل جديدة للقاء بين الجنسين: إعلانات صغيرة، وكالات تعارف، سهرات خاصة للعازبين والعازبات، منتديات ومواقع إلكترونية... عموماً، نجحت النساء الوحيدات المستقلات والمتعلمات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 35 و50 عاماً في حياتهن المهنية، وكأنهن يسددن ثمن النجاح الاجتماعي بالوحدة!إعلان الشبكة العنكبوتية تساهم النساء في تغيير صورة إعلان طلب التعارف ويعرضن أنفسهن تماماً كالرجال علماً أن العرض لا يقتصر على الناحية الجسدية. اليوم، تمرّ الجاذبية عبر المزاج والمتعة والحوارات، ويتجلى الأمر في تأمين التوافق بين الإمكانات الاجتماعية والعثور على أذواق مشتركة.أتاحت الشبكة العنكبوتية فرصةً أمام الأشخاص للتخلص من العزلة، إذ يعترفون أنهم يمضون ساعات طويلة من الليل يتصفحون الشبكة. علاوةً على ذلك، قدّمت أنماطاً جديدة من التبادل، إذ بات بالإمكان إرسال صورة أو تقديم وصفٍ دقيق أو مناقشة أو محادثة مباشرة مع شخص في الطرف الأخير من العالم وكأنه حاضر في الطرف الآخر من الشارع حيث نقطن.من حسنات الشبكة العنكبوتية أنها تسمح بتخطي الكبت. فحين يعجز الآخر عن رؤيتك ويجهل حقيقتك، يمكنك أن تخبره بكلّ ما يخطر ببالك حتى أفكارك الحميمة. هنا، وبسحر ساحر، يلتقي شخصان يتركان الحرية الكاملة للاوعيهما بالحديث. بالطبع، لا يُعتبر الحديث الافتراضي هذا إلا خطوةً أولى. تبعاً لذلك، لا بدّ من إجراء اتصالات واللقاء وجهاً لوجه وفتح المجال ليُعجب الواحد بالآخر.إن أدركت بعد قراءة هذا المقال أن لوحدتك طعماً جديداً، فهذا دليل على صحة ما ورد فيه. تأكدي أنك تستحقين السعادة إلا أنها، على غرار غيرها من المبادئ والمفاهيم المجردة، لا بدّ من الحصول عليها شيئاً فشيئاً عبر اختبارات تفرضها الحياة. غداً، قد تنضم نساء أخريات إلى نساء اعترفن بابتسامة كبيرة أنهن يعشق وحدتهن.خذي بيدك!من السهل أن تلغي الوحدة من حياتك حين تريدين ذلك فعلاً، وكثيرة هي الأمثلة التي تؤكد ذلك. فتشي في محيطك عن نشاطات تلائمك وتأكدي أنك، تبعاً لشخصيتك، ستجدين نشاطات تناسبك كجلسات اليوغا أو الرسم.قومي بتمرين بسيط يومياً كأن تقولي في اليوم الأول صباح الخير لكلّ من تقابلين، وفي اليوم الثاني، اطلبي خدمة من أشخاص كأن تستدلي على محل أو شارع، في اليوم الثالث، اشتري باقة من الزهر أو علبة مربى وقدّميها إلى جارتك كمقدمةٍ للتعرف إليها. ستلاحظين في غضون فترةٍ زمنية بسيطة أن لعنة الوحدة حلّت عنك وتركتك بسلام.طريقتانيشير الخبراء إلى طريقتين يمكن اعتماد إحداهما لتتعلمي كيف تبقين وحيدة: اعتادي مراقبة نفسك، حللي ما يحصل، قيّمي مشاعرك ودوّني الأفكار السلبية التي تُزعجك وتذكري دائماً أن الهروب من المشكلة لا يجدي نفعاً، عوضاً عن ذلك، فتّشي في ماضيك عن الظروف التي اختبرت في خلالها الوحدة وسببت لك الحزن والخوف، علّك تستعيدين البصمة العاطفية والمخطط المعرفي السابق الذي يعيد نفسه في الحاضر. • اجبري نفسك على البقاء وحيدةً في منزلك لممارسة نشاطٍ معين يعجبك كالاستماع إلى موسيقى جاز، إجراء بعض الاتصالات، الغناء، الرسم.... بذلك ستربطين الوحدة بعاطفة إيجابية. تكفيك في البداية بضع دقائق من الوحدة، وشيئاً فشيئاً تعتادين على الأمر. لكن في حال استمريت في رفض الوحدة قد يتطوّر الأمر إلى أحد أنواع الرهاب.• تأكدي أن تمضية بضع ساعات من دون أن يسيطر عليك الخوف سيمنحك مزيداً من الثقة بالنفس والتفاؤل، بعد ذلك، ستحتاجين إلى اختبار ظروف أخرى حساسة كالذهاب إلى السينما أو تمضية عطلة لوحدك لتتخطي خوفك من الوحدة وتعتادي عليها.
توابل - علاقات
لا أحتمل البقاء وحدي!
18-07-2013