بدأ الأحياء الأموات يتغلبون على مصاصي الدماء في الثقافة الشعبية منذ مدة، لكنهم أصبحوا أخيرًا الأكثر شيوعًا. The Walking Dead مسلسل على قناة AMC يتحدث عن قصة حب وغيلان تأكل اللحم، ويشكل أحد البرامج الأكثر نجاحًا على شاشة التلفزيون (سيُعاد بثه في 10 فبراير). كذلك بدأ أخيرًا عرض فيلم Warm Bodies عن شاب ميت حي يشعر بالوحدة (نيكولاس هولت)، يقع في حب إنسانة (تيريزا بالمر). فضلاً عن ذلك، ينضم براد بيت في شهر يونيو إلى هذه الطفرة مع World War Z، أحد أبرز الأفلام التي ينتظرها محبو السينما بفارغ الصبر. حتى إن هذا الهوس بلغ عالم الكتب، فقد فاز كولسون وايتهيد، كاتب حائز جائزة «ماكآرثر»، بثناء واسع من النقاد عن روايته المميزة عن الأحياء الأموات Zone One عام 2011.لعل هذه مجرد مرحلة عابرة، وقد ينتهي بنا المطاف إلى التصرف مثل راندال سكيفنغتون في مسلسل الأنيمايشن الفكاهي Ugly Americans. فقد تحول راندال إلى حي ميت كي يثير إعجاب فتاة، إلا أنه سرعان ما اكتشف أنها لم تعد تهوى الأحياء الأموات، بل المشعوذين. ولكن على غرار معظم النزعات، يبدو أن هذه النزعة تستمد قوتها من أعمق مكنوناتنا. في السنوات الأخيرة، تملكنا الخوف بسبب الإرهاب والحرب والانهيار الاقتصادي والكوارث البيئية، وهذا إن لم نذكر سوى القليل. وإن كنا نبحث عن مفرّ باللجوء إلى الأبطال الخارقين والسحرة الصغار، فربما نحاول مواجهة خوفنا عبر الاستعانة بالموتى الأحياء. تذكر غايل آن هورد، منتجة منفذة مسلسل The Walking Dead (كسر رقمًا قياسيًا الخريف الماضي بتحقيقه 11 مليون مشاهد): «أعتقد أن رد فعل الجمهور يرتبط بروح عالم يشعر فيه معظمنا أننا نرقص على حافة الهاوية. يخشى الناس أن تُسلب منهم غدًا حياتهم الأمينة المريحة. فماذا نصبح عندئذٍ؟ ماذا نغدو خلال هلاك العالم وما بعده؟».دمار الحضارةارتبط الأحياء الأموات بدمار الحضارة على الأقل منذ نزول فيلم جورج روميرو Night of the Living Dead إلى دور السينما عام 1968. اعتُبر هذا الفيلم بالأبيض والأسود، الذي صوّر بميزانية منخفضة وأدى فيه الممثل الأسود دواين جونز دور البطولة، رمزًا للعنصرية، الدمار النووي، حرب فيتنام، حتى الثورة الماركسية، إلا أنه مهد بالتأكيد الطريق أمام أجيال من أفلام الموتى الأحياء. فهم طبعًا موتى أحياء ينشرون العدوى، يتحركون ببطء، يأكلون اللحم، ويسيطرون على العالم. وإذا أردت ردعهم، فتذكّر كلمات العالم الخيّر في الفيلم: «اقتل الدماغ لتقضي على الغول».طوال سنوات، ظلّ الموتى الأحياء حكرًا على أفلام الرعب من الدرجة الثانية والجزأين الآخرين اللذين أخرجهما روميرو (Dawn of the Dead وDay of the Dead). ولكن عام 2002، ساهم فيلم داني بويل 28 Days Later في الترويج لهذا النوع من الأفلام بالخروج عن المألوف وتقديم أحياء أموات سريعين جدًا. حقق هذا الفيلم نجاحًا كبيرًا، فأدى إلى تصوير جزء ثانٍ بعنوان 28 Weeks Later، فضلا عن رواية مصورة وسلسلة قصص مصورة. لم يتجرأ كثر على الاستعانة بمفهوم الأموات الأحياء السريعين، غير أن فيلم بويل مهد الطريق أمام عصر ذهبي لهذا النوع من الأفلام.يؤكد دانيال دريزنر، بروفسور في جامعة تافتس ومؤلف كتابTheories of International Politics and Zombies (نظريات السياسات الدولية والموتى الأحياء) أن ثمة سببًا لهذه الظاهرة. فقد أظهرت أبحاث دريزنر أن نحو ثلث أفلام الموتى الأحياء صورت بعد اعتداءات 11 سبتمبر. كذلك يكشف تحليل النزعات على «غوغل» أن البحث عن عبارة «أموات أحياء» بدأ يزداد باطراد بعد الأزمة المالية عام 2008. لذلك يقول دريزنر: «تعكس أفلام الرعب عمومًا المخاوف التي تملكت الناس في تلك المراحل. وفي حالة الأموات الأحياء، يظهر جليًّا أنهم يخشون الدمار والهلاك».يتوصل دريزنر (يتناول في كتابه طرق تفشي وبأ الأحياء الأموات وفق النظريات السياسية المختلفة) إلى خلاصة مطمئنة نوعًا ما، مفادها أن غالبية سيناريوهات الأفلام مبالغ فيها، لأنها تركز على السلوك الحيواني للناجين بدل قدرتهم على التكيّف. ويضيف: «تميل الكتب عن الأحياء الأموات إلى التشكيك في الإنسانية، لذلك تتحوّل أفلام الأحياء الأموات إلى نوع من الشرك الفكري: إن شاهد الناس الكثير من هذه الأفلام، فسيفكرون في أنهم هالكون لا محالة».لكن Warm Bodies، فيلم رومانسي فكاهي عن الأحياء الأموات أخرجه جوناثان ليفين، قد يشكّل استثناء. على غرار 28 Days Later، يكسر هذا الفيلم قاعدة أساسية لأنه يدور حول ميت حي له مشاعر. يذكر ليفين (36 سنة)، الذي تشمل أعماله السابقة الفيلم الكوميدي عن مرحلة البلوغ The Wackness وفيلم 50/50 عن معركة رجل مع مرض السرطان، أن Warm Bodies يتناول المواضيع عينها عن الشباب والعزلة والحب.يضيف ليفين: «أظن أن العبرة من كون هذا الشاب حيًّا ميتًا أنه يلتقي بتلك الفتاة الجميلة ويقع في حبها، بيد أنه لا يستطيع التعبير لها عن مكنونات قلبه، فيشعر أنه الخاسر الأكبر في العالم. يرمز هذا الأمر إلى الخجل، الكآبة، وشعور المرء أنه أسير جسمه».لكن فيلم ليفين يثير التساؤلات في شأن مستقبل الأموات الأحياء. ازداد مصاصو الدماء شعبية لأنهم فقدوا كثيرًا من خصائصهم كمصاصي دماء. ففي أفلام Twilight، مثلا، لا يشربون حتى دمًا بشريّا. فهل يُعقل أن يتبدّل الأموات الأحياء بفقدانهم هم أيضًا بعض مميزاتهم؟يذكر جوناثان جيمس، مؤسس مجلة الرعب DailyDead.com على شبكة الإنترنت: «من الصعب تصوير فيلم رومانسي جدّي عن الأحياء الأموات، لكني أعتقد أن البعض سيحاول، وربما يحاول أيضًا تصوير عدد أكبر من أفلام الأموات الأحياء المخصصة لمن عمرهم 13 سنة وما فوق. نتيجة لذلك، سنبتعد تدريجًا عما قدّمه جورج روميرو. لكننا لن نتمكن من الابتعاد كثيرًا».
توابل - Movies
الأموات الأحياء مستمرون
02-02-2013