قمة المنامة التي كانت القمة الثالثة والثلاثين لمجلس التعاون الخليجي، أعطت رداً واضحاً لقلق إيران الخفي واعتداءاتها العلنية، فأغلبية وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي لم يخفوا أن إيران مصدر إنعاش للفتن السياسية في المنطقة وعدم استتباب الأمن فيها، وأن نشاطاتها النووية تضع المنطقة في خطر، أخص بالذكر وزير خارجية البحرين الذي قال: "من يشتمنا نشتمه"، في إشارة إلى تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لبلاده ومحاولتها خلق الفتن والخلافات السياسية فيها.

لكن السؤال هو: هل من شأن هذا الموقف إنهاء اللعبات السياسية الخطيرة لإيران في دول الخليج؟ هذه اللعبات ليست بجديدة، بل ترجع إلى بداية ثورة الشعب الإيراني التي سيطر عليها الملالي، فحولوها إلى شبح متسلط عليه، بل صاروا خطراً على الحياة السياسية في المنطقة برمتها.

Ad

اللعبة السياسية لإيران بدأت من قيام الخميني بتصفية معارضيه السياسيين والإفتاء بالجهاد الإسلامي ضد الكرد، الذين هم في معظمهم مسلمون سنّة، والعمل على تصدير الثورة الإسلامية إلى دول العالم والبلدان الإسلامية، وبالأخص الدول العربية.

النظام الحالي ومنذ سيطرته على الحكم في إيران يعمل على تأسيس إمبراطورية فارسية على حساب شعوب المنطقة، وهو يخصص أموالاً طائلة من قوت الشعب الإيراني لنيل هذه الغاية، كذلك فهو يصرف أموالاً طائلة لتغيير الانتماء المذهبي إلى الطبقة الفقيرة من الطائفة السنّية في إيران والمنطقة.

لذا نرى أن قمة المنامة اتخذت موقفاً واضحاً أكثر من ذي قبل، ويجدر بالدول المشاركة في القمة أن تضع نصب أعينها نقاطاً مهمة عدة، وأن تتخذ بشأنها مواقف وقرارات واضحة وجريئة، من بينها:

(1) تغيير "مجلس التعاون الخليجي" وتحويله إلى "اتحاد دول الخليج"، كما جاء في مقترح العاهل السعودي، من شأن ذلك تقوية البلدان الخليجية وتوحيد خطابها السياسي وقوتها العسكرية في المنطقة لمواجهة التهديدات الخارجية وحفظ الأمن والاستقرار الداخليين للدول الأعضاء في الاتحاد.

(2) يجدر بـ"مجلس التعاون الخليجي" أن يكف عن سياسة الدفاع والمحافظة على دوله ضد مخاطر إيران واتباع سياسة أكثر جرأة، لأن إيران دولة لا تحترم القوانين والمواثيق والقرارات الدولية والإقليمية ولا تحترم مبدأ الجيرة.

(3) الخطر الأكبر يتمثل بالبرنامج النووي الإيراني الذي يثير جدالاً مستمراً في المجتمع الدولي، ويشكل خطراً عارماً على دول المنطقة بالأخص دول الخليج، فحريٌّ بها اتباع دبلوماسية أقوى، والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتنسيق مع أميركا ودول الغرب لتشديد العقوبات على النظام الإيراني، والعمل على سد النقص الحاصل في مجال النفط لدى بعض الدول نتيجة مقاطعتها لإيران، ولا يمكننا أن نغض النظر عن أهمية دور المملكة العربية السعودية في هذا المجال، إذ يتعين على دول الخليج الاتفاق بشأن مقاطعة إيران اقتصادياً.

(4) كما يتبين مما جاء في القمة أن إيران لا تكف عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ونرى واضحا أن النظام السوري لم يتبق من قوته شيء، والذين يواجهون الثورة السورية هم من الحرس الثوري وجيش القدس الإيرانيين، فساسة إيران وبصورة علنية لا يهابون أي تهديد دولي أو إقليمي، ويذهب يوميا المئات من السوريين ضحايا لما يرتكبونه من مجازر، لذلك فإن الوقت مناسب أكثر من ذي قبل لأن تمسك دول الخليج بورقة المعارضة الإيرانية بشتى انتماءاتها.

(5) يجدر بالإمارات العربية المتحدة أن ترفع دعوى للمحكمة الدولية لاستعادة جزرها المحتلة من قبل إيران والمطالبة بتعويضات مقابل الأضرار الاقتصادية التي لحقت بها من جراء الاحتلال.

حددت قمة المنامة المخاطر وأبرزت موقفها وزجت بأول "كرت" لمواجهة مخاطر النظام الإيراني على المنطقة، وقد كان الأكراد الإيرانيون أول من عارضوا النظام وقدموا في هذا المجال تضحيات جساماً، وناضلوا طويلاً ضده، فهم يعتبرون أنفسهم شركاء في مواجهة النظام الإيراني الراهن، ولتكن دول الخليج على يقين أن الأكراد هم شركاء في الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها في الحاضر والمستقبل وسيمثلون أفضل شريك في تلك المواجهة.

* ناشط سياسي معارض-كردي