أكد المحاضر في قسم الاقتصاد بجامعة الكويت د. عباس المجرن أهمية الاقتصاد المبني على المعرفة وهو المعتمد على نتاج التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل الذي شهدته صناعة الالكترونيات وعلوم الفيزياء والفضاء والاتصالات، لافتا إلى ان بعض الدول المتقدمة نجحت في توظيف وتطوير المعارف ومعطيات التطور العلمي على أساس «اقتصاد المعرفة» كونه موردا إنتاجيا تفوق أهميته الموارد التقليدية كرأس المال والعمل والعرض والطلب.

وبين المجرن ان ما يسمى بالاقتصاد المعرفي بات قطاعا إنتاجيا رائدا قائما بذاته في العديد من الاقتصادات حيث ان هناك مشكلة في توصيف هذا المفهوم الجديد من الاقتصاد، لافتا إلى انه تم توصيف «اقتصاد المعرفة» وفق منظمة التعاون والتنمية «او.اي.سي.دي» على انه إنتاج سلع وخدمات ذات قيمة مضافة عالية بسبب محتواها المعرفي مع وجود معايير تعليمية عالية وكثافة الموارد البشرية في العلوم والتكنولوجيا ومهارات القوى العاملة.

Ad

وأشار المجرن إلى ضرورة ان تقوم الدول العربية لاسيما الكويت بتمكين هذا النوع من الاقتصاد بشكل اكبر في مرافقها العامة والخاصة «إذ لا بد من قياس الاقتصاد من خلال منظور معرفي يستطيع ان يقيس الاقتصاد وأداءه بشكل دقيق».

وذكر ان المفوضية الأوروبية وضعت منهجية تدعى «لائحة الابتكار الأوروبي» باعتباره القياس الأكثر واقعية للاقتصاد موضحا ان الاقتصاد المعرفي يعتمد على عدد خريجي كليات العلوم والهندسة وعدد المتعلمين تعليما عاليا والإنفاق العام على قطاع التطوير والأبحاث وحصة الصناعات متوسطة وعالية التكنولوجيا في الاقتصاد العام.

إشكالية التنمية

وأفاد المجرن ان إشكالية التنمية في الاقتصاد الكويتي هو الاعتماد على مصدر شبه وحيد للدخل وصعوبة احداث تحول جوهري في هيكل النشاط الاقتصادي مع وجود قيود تقليدية على القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية، مستدركا انه بالرغم من ذلك فان سياسة التنمية البشرية عبر 6 عقود من عمر النفط حققت نقلة كمية ونوعية ملموسة وفرت الخبرات الوطنية المتميزة في عدة مجالات، ولكن هذه السياسة في الوقت الحاضر تواجه خطر الإخفاق والسبب هو تدني مدخلات ومخرجات العملية التعليمية.

وأوضح ان «اقتصاد المعرفة» يشكل خيارا استراتيجيا حقيقيا للكويت وهو يختلف من حيث بنيته عن الاقتصاد القائم حاليا، فهو لا يبحث فقط عن مركز مالي مرموق بل يبحث عن العلماء والباحثين والمبدعين والمبتكرين وهذا النوع من العمالة يندر الحصول عليه في ظل سياسة التعليم الحالية، مشددا على ضرورة تبني ودعم مبادرة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بالتعاون مع جامعة لندن للاقتصاد التي طرحتها عام 2010 والتي كشفت عن الحاجة الملحة لفهم شامل حول الاقتصاد المعرفي وتطبيقه سريعا للتخلص من المشكلات التي يعانيها الاقتصاد نتيجة اعتماده المفرط على النفط.

وبين ان المطلوب حاليا هو البدء بعملية إحداث التغير الثقافي والاجتماعي المطلوب وإعادة ترسيخ قيم المجتمع الكويتي الأصيلة من احترام قيم المشاركة في البناء والتعلم والعمل واحترام مبدأ تكافؤ الفرص، مضيفا انه يجب ان تعطى الأولوية القصوى لإصلاح بنية النظام التعليمي بكافة مراحله وانتقاء مناهج وطرق تعليم تتبنى أفضل ما لدى البلدان المتقدمة في مجال التعليم وإطلاق فرص البحث العلمي والتطوير وحفز الابتكار.

ولفت المجرن إلى انه يجب إلزام كافة مؤسسات التعليم بتطوير العملية التعليمية من خلال استخدام التقنيات الخاصة بنظم المعلومات والاتصالات وتطبيق نظم الجودة الشاملة في مختلف المراحل التعليمية، مؤكدا ضرورة إيجاد نظام تقييم علمي فعال لتصنيف المعاهد والمؤسسات التعليمية مع توفير بيئة تنظيمية قوية في قطاعي الاتصالات والمعلومات وتعزيز فرص النمو والمنافسة والشفافية في هذين القطاعين، حيث ان من الضروري توفير تشريعات منظمة وشفافة ومفعلة لحماية حقوق الملكية الفكرية بما يسهم في نمو أنشطة الابتكار والإبداع في الكويت.