تواصلت المراسلات بعد توقيع اتفاقية الحماية بتاريخ 23 يناير 1899 بين الشيخ مبارك والمعتمدية البريطانية في البحرين بوشهر، وكانت الرسائل تنقل بشكل سري، والمؤتمن على نقلها هو النوخذة عبدالله الإبراهيم المعجل الذي كان يستخدم سفينة الشيخ مبارك المسماة "مشرف". ففي تاريخ 16 ذو الحجة من نفس العام، أرسل الشيخ مبارك رسالة أخرى يفيد فيها الوكيل الإخباري في البحرين بأنه استلم رسالتين منه إحداهما بتاريخ 25 ذو القعدة والأخرى بتاريخ 4 ذوالحجة قام بتسليمهما عبدالله الإبراهيم المعجل (ذكرنا سابقا أنه كان يلقب بالسمكة) عند عودته من البحرين، لكنه لم يشر إلى محتوى الرسالتين بل ذكر أنه اطلع على ما فيهما وكان مسروراً بمحتواهما. وإليكم النص كما ورد في الرسالة:

Ad

"بسم الله تعالى.... جناب الأفخم بهي الشيم الأخ محمد رحيم ابن المرحوم عبدالنبي صفر المحترم دام بقاه،،

غب الافتقاد عن عزيز خاطركم العاطر والمزاج السليم الباهر،، نحن نحمد الله تعالى في أحسن حال، لا زلتم كذلك، وثانيا أخي مكاتيبكم المؤرخاة 25 القعدة و4 الحج بيد عبدالله الابراهيم وصلن إلينا وتلونا الجميع فرحين بغالي سلامتكم التي هيا عندنا راس المطالب، فنسأل عالم الوجود ان يبقيكم وان لا يخلينا من وجودكم. ذكرتم ان نعرفكم عن أحوالنا، لله الحمد والمنة أحوالنا على ما تحبون، و... من كل جانب ربنا يديم لنا ولكم التوفيق المئبد (المؤبد) بمنه وكرمه والمأمول على الدوام أن لا تقاطعونا أخبار سلامتكم السارة مما يلزم شرفونا به، ونبلغ السلام للأعز لديكم ومنا الإخوان والأولاد يسلمون، ودمتم سالمين والسلام 16 ذوالحجة 1316هـ.    مبارك الصباح"

والرسالة لها بقية لكنها غير موجودة عندي. أما الرسالة الثانية وهي أيضا من الشيخ مبارك الى الوكيل الإخباري في البحرين فإنه يؤكد فيها إرسال عبدالله الإبراهيم إلى البحرين ويؤكد على بعض ما ورد في الرسالة التي سبقتها، وهذا نصها:

"طلبتو مجي عبدالله الابراهيم لطرفكم وعرفناكم انه بالسفر وحالا وصل طرفنا وتوجه لطرفكم لكن يا محب المعهودة (المعاهدة) الرباط يكون على ما عرفناك وبغير ما يكون ذلك ما يصير شي وعبدالله نهايتا (نهاية) يكون نقال خبر منكم والاوفق بالكتابة منكم أخير عن لا ينتسا (لا ينسى) بعض كلام. فيا محب إننا عرفناكم انه مجيئكم قبل ان يتبين الذي صار ما نشوف موافق وجنابكم جزيتم عنا خير. البوصلات والمكاتيب المؤرخات في 22 شوال وفي 3 القعدة 1316 بشرتنا وآنستنا أن الأمور اجت على الإرادة يعني بحسب ما حكينا معكم شفاها لما كان مبينين اللي نريد، فيا محب أنا ما جيت هالريع محاذر من احد أبدا بل محبة لهم بحسن سيرتهم وحميتهم فان شاء الله على موجب محبتي لهم اني أرى منهم طيبت الخاطر والاطمئنان على جميع ما أبديت لك، وبالله ثم بك الكفاية".

 ونلاحظ تأكيد الشيخ مبارك على الموضوع ذاته الذي أشرنا إليه في الحلقة السابقة وهو قوله إنه ليس مضطراً إلى توقيع الاتفاقية مع الإنكليز، ولديه خيارات أخرى لضمان أمنه واستقرار حكمه، ولكنه يفضل التعامل مع البريطانيين لسمعتهم الطيبة ومساندتهم لحلفائهم، كما أنه يفيد الوكيل الإخباري للإنكليز في البحرين بأنه ليس هناك حاجة لزيارة المقيم البريطاني في بوشهر للكويت قبل الاتفاق بشكل واضح على الشروط النهائية للاتفاقية.