تعرّض عملية التصوير بالأشعة المقطعية الجسم لأشعة سينية، ويمكن لهذه الأشعة المؤينة إلحاق الضرر بالخلايا وتؤدي لاحقًا إلى مرض السرطان. لكن بالنسبة إلى الرجال المسنين، لا يشكّل التصوير بالأشعة المقطعية خطراً كبيراً، مقارنة بفوائده ومساهمته الكبرى في عملية التشخيص. الدكتور دوشيانت ساهاني بروفسور مساعد في كلية الطب في جامعة هارفارد ومدير قسم التصوير بالأشعة المقطعية في مستشفى ماساتشوستس العام، يذكر في هذا المجال: «المخاطر المرتبطة بالأشعة في حالة أي شخص تخطى الخامسة والستين من العمر ويخضع لتصوير للصدر أو البطن بالأشعة المقطعية تكاد لا تُذكر. فجرعات الأشعة منخفضة، فضلاً عن أن السرطان يحتاج إلى 20 سنة أو أكثر لينمو».رغم ذلك، يجب ألا تخضع للتصوير بالأشعة المقطعية إلا إذا كان ذلك ضروريًّا. وقد تتوافر لك أحياناً بدائل أخرى لا تعرضك للأشعة.يرتكز فهمنا لمخاطر التعرض للأشعة على دراسة تناولت الناجين من القنبلتين الذريتين في اليابان. يحتسب العلماء مخاطر الإصابة بالسرطان بناء على معدل الأشعة التي تعرض لها الناجون وعدد مَن أصيب منهم لاحقًا بالسرطان.تُقاس جرعة الأشعة خلال كل عملية تصوير بالأشعة المقطعية بالمليزيفرت (mSv). نتعرض جميعنا لمقدار ضئيل من الأشعة الطبيعية من الشمس، الأرض، وحتى بعض المواد الكيماوية الطبيعية في جسمنا. يبلغ متوسط أشعة الخلفية الطبيعية في الولايات المتحدة 3.7 مليزيفرت/سنويًّا. أما الخضوع لتصوير عادي للصدر بالأشعة السينية (من الأمام والخلف) فيعرض الإنسان لنحو 0.01 مليزيفرت، أي ما يعادل تقريبًا الكمية التي تتعرض لها طبيعيّاً.لكن جرعات التصوير بالأشعة المقطعية أعلى بكثير. فالخضوع لتصوير للصدر بالأشعة المقطعية يُعرضك لنحو 7 مليزيفرت. إلا أن الدكتور ساهاني يشير إلى أن الاستخدام الذكي لآلات التصوير الحديثة يحدّ من الجرعة ويخفضها إلى ما يُقارب 4 مليزيفرت. وإذا خضعت لتصوير للصدر بالأشعة المقطعية منخفض الجرعة يدوم 15 ثانية فحسب يكون الهدف منه البحث عن أي ورم سرطاني غير مكتشف، يتدنى معدل الأشعة إلى ما لا يزيد عن 1.5 مليزيفرت.متى تزيد الأمور عن حدها؟كلما خضعت لتصوير بالأشعة المقطعية، ارتفع معدل تعرضك للأشعة وازدادت معه المخاطر. تنصح الكلية الأميركية لعلم الأشعة بالحد من التعرض للأشعة الناجمة عن عمليات التصوير طوال الحياة بنحو 100 مليزيفرت. ويعادل هذا الخضوع لعشرة آلاف تصوير للصدر بالأشعة السينية أو ما يُقارب 25 عملية تصوير للصدر بالأشعة المقطعية.خلال التداوي من عدد من الأمراض المزمنة، خصوصاً السرطان، قد تتراكم كمية الأشعة التي تتعرض لها من التصوير بالأشعة المقطعية لتقارب حدّ المئة مليزيفرت. يعود ذلك إلى أن المريض قد يحتاج إلى صور عدة لمتابعة حالته وتحديد مدى فاعلية العلاج وما إذا كان السرطان قد عاود الظهور. في هذه الحالة، تفوق مخاطر السرطان الذي يعانيه المرض أي مخاطر قد يشكلها التصوير بالأشعة المقطعية.ما هي المخاطر؟تشمل مناطق الجسم التي تُعتبر الأكثر عرضة للإصابة بالسرطان نتيجة التصوير بالأشعة المقطعية الصدر، البطن، والحوض، حيث تكون الخلايا التي تنمو بسرعة أكبر أكثر تأثرًا بالأشعة. يبلغ خطر الخضوع لمرة لتصوير البطن بالأشعة المقطعية، التي تبلغ في هذه الحالة 8 مليزيفرت، 0.05%، أي ثمة احتمال من بين ألفين أن تُصاب بالسرطان. الآن، لنتأمل في خطر الموت نتيجة الإصابة بالسرطان، بغض النظر عن سببه. يساوي هذا الخطر واحداً من كل أربعة ويزداد مع التقدّم في السن. إذاً، لا يشكّل خطر الخضوع لتصوير بالأشعة المقطعية إلا إضافة بسيطة إلى معدل الخطر إن كنت مسناً.يعود ذلك إلى أن الأشعة تحتاج إلى عقود لتتطور إلى سرطان إن خضعت للتصوير بالأشعة المقطعية وأنت في منتصف العمر أو لاحقاً في الحياة. في المقابل، ما زال أمام الطفل أو الشاب سنوات طويلة قد يتحوّل خلالها التعرض المتكرر للأشعة المقطعية إلى سرطان.صحيح أن فوائد التصوير بالأشعة المقطعية في حالة الرجال البالغين، خصوصًا مَن تخطوا الخمسين، تفوق مخاطره، لكن يجب ألا يخضع أي رجل، حتى لو بلغ السبعين أو الثمانين من العمر، لتصوير بالأشعة المقطعية من دون سبب وجيه. يوضح الدكتور ساهاني: «علينا دومًا توخي الحذر عند استخدام الأشعة المؤينة. فإن لم يكن من داعٍ للتعرض لمزيد منها، فلمَ نكبّد المريض هذه المشقة؟». لا تخضع إلا لعمليات التصوير الضرورية واختر مراكز تصوير حديثة لا تُعرضك إلا للمقدار الأدنى المطلوب من الأشعة.
توابل
هل يسبب التصوير بالأشعة المقطعية السرطان؟
02-03-2013