تساهم الإلكترونات التي تتمايل حول نواة الذرة في تحديد طريقة ترابط الذرة مع غيرها، لكن يصعب تثبيتها كما يعرف العلماء. بفضل نظرية الكم التي تعتبر أن الجزيئات الضئيلة تتواجد في أماكن متعددة في الوقت نفسه، لا يمكن تحديد مكان تواجد أي إلكترون بدقة. أفضل ما يمكن فعله هو تحديد احتمال تواجده في نقطة معينة.

لا تتوافر جميع المواقع بالتساوي: يمكن أن تقبع الإلكترونات حصراً على مسافات معينة من النواة، وتتوقف تلك المسافات على حجم الطاقة التي يحملها الإلكترون. في المبدأ، يمكن استعمال الدالة الموجية للكشف عن مستويات الطاقة في أي ذرة أو جزيئة، مع أن هذه العملية لم تُطبَّق عملياً إلا على أبسط العناصر: ذرة وجزيئة الهيدروجين (تتألف من ذرتَي هيدروجين مترابطتين معاً).

Ad

لكن كيف يمكن التقاط صورة لجسم مماثل؟ يؤدي قياس موقع إلكترون واحد إلى "انهيار” الدالة الموجية، ما يحتّم اختيار موقع محدد، لكن لا تعكس هذه العملية وحدها وجود تلك الدالة بشكل كمي وطبيعي في الذرة. تقول أنيتا ستودولنا من معهد {فوم} في أمستردام، هولندا: {يصعب قياس الدالة الموجية. إنها أجسام كمية مدهشة وهي تغير مظهرها أثناء مراقبتها}.

قرر فريقها التقاط صورة عبر استعمال تقنية كان يحلم بها العلماء منذ 30 سنة وهي عبارة عن مجهر كمي. بدل التقاط صورة لذرة واحدة، ابتكروا عينة من مجموعة ذرات. هذا ما يزيل الطبيعة الكمية من كل إلكترون ذري، ما يجبره على اختيار موقع محدد من تلك التي يُسمَح له بالبقاء فيها. يمكن القيام بذلك عبر كمية كافية من الذرات وسيعكس اختيار كل موقع احتمالات الكم التي تحددها الدالة الموجية.

صنع فريق ستودولنا شعاعاً من ذرة الهيدروجين وصعقه بجهازَي ليزر منفصلين، ما شغّل إلكترونات الذرات بكميات محددة. ثم قام حقل كهربائي بدفع الإلكترونات المشحونة بعيداً عن نواتها نحو جهاز رصد على بُعد نصف متر تقريباً.

أصدرت الإلكترونات موجات أنتجت نمطاً متداخلاً على جهاز الرصد. كان النمط عبارة عن انعكاس للمسافات الفاصلة بين مستويات الطاقة في ذرة الهيدروجين، كما اتضح في الدالة الموجية، إلى جانب حلقات مشرقة حيث تتواجد الإلكترونات وممرات مظلمة حيث تغيب تلك الإلكترونات. تقول ستودولنا: {يمكن اعتبار تجربتنا أداة تسمح بالنظر داخل الذرة ورؤية ما يحصل فيها}.

تذكّرنا النتيجة بجدل مثير للاهتمام: هل الدالة الموجية الموجودة في الذرة هي موجة ملموسة وحقيقية أم جزء مفيد جداً من الرياضيات؟ يجيب تيري رودولف من {إمبريال كوليدج} في لندن: {عند رؤية صور مماثلة، كيف يمكن أن يشك أحد td حقيقة الدالة الموجية؟}. يعمل راهناً على إثبات ذلك ولكنه يؤكد على ضرورة إجراء اختبارات إضافية للإجابة عن ذلك السؤال بشكل حاسم.

يقول كريستوفر سمينك من جامعة أوتاوا في كندا: {يتطرق الموضوع إلى نظام أساسي في مجال الفيزياء الكمية. يمكن استعمال التقنية لدراسة ذرات أكبر حجماً. نظراً إلى بساطة ذرة الهيدروجين، تعمل كمعيار للذرات أو الجزيئات المتعددة الإلكترونات}.