يؤدي توم كروز دور البطولة في الفيلم، وهو رجل قوي وصارم يتولى التحقيق في حادثة إطلاق النار. لكن نظراً إلى الوضع القائم، لا مفر من طرح السؤال الآتي: بعد أيام على حادثة إطلاق النار المأساوية في إحدى مدارس نيوتاون، كونيتيكت، هل سيكون رواد السينما مستعدين لدفع المال من أجل مشاهدة مجزرة أخرى ضد ناس أبرياء على الشاشة؟

نظراً إلى هذا الوضع الصعب، يواجه كروز لحظة حقيقة حاسمة. حين كانت شركة «باراماونت بيكتشرز» تستعد لإطلاق فيلم Jack Reacher تحول الرجل الذي كان منذ فترة قصيرة أهم نجم أفلام على شباك التذاكر إلى ممثل معرّض للفشل خلال فترة الأعياد في هوليوود. تشير استطلاعات الرأي خلال الفترة التي سبقت إصدار Jack Reacher إلى أن الفيلم قد يحصد 15 مليون دولار في عرضه الأول، وهي بداية باهتة بالنسبة إلى عمل كلّفت صناعته 60 مليون دولار.

Ad

لكن إذا كان التسويق الشفهي الذي يتم عن طريق أوائل الأشخاص الذين يحضرون العمل فاعلاً، قد يحقق فيلم Jack Reacher (مثل عدد كبير من الأفلام التي بدأت قبل عيد الميلاد) إيرادات عالية على شباك التذاكر خلال فترة الأعياد. لكن لا بد من تجاوز مصاعب كثيرة في المقام الأول.

لا يكفي أن يطلب كروز من الجماهير أن يتناسوا أخباره الشخصية، بعد أن كان جزءاً من أبرز طلاق بين المشاهير في السنوات الأخيرة، بل يجب أن ينجح هذا النجم القصير القامة في إقناع المعجبين بسلسلة Jack Reacher للكاتب البريطاني لي تشايلد بأنه مناسب لأداء دور جندي سابق أشقر وطويل القامة ويزن أكثر من 100 كيلوغرام.

كانت الضجة التي أثارها العرض التجريبي الأول في وسائل الإعلام الاجتماعية سلبية جداً لدرجة أن شركة Fizziology البحثية اعتبرت في شهر أكتوبر أن تلك الانتقادات هي الأسوأ على الإطلاق بحق أي ممثل ينتظر صدور فيلمه.

كتب أحد المعلقين على موقع المجلة السينمائية البريطانية Empire: «فيلم Jack Reacher فاشل وتوم كروز يبدو مخنثاً وغير مناسب للدور».

قد تكون معالجة هذه المسائل وإعادة التركيز على الفيلم أبرز مهمة بالنسبة إلى كروز حين يصل إلى الولايات المتحدة هذا الأسبوع لترويج الفيلم بعد أن حضر عروضه الأولى في الخارج. سبق وتلطّخ سجل كروز على شباك التذاكر هذه السنة بعد الفشل المفاجئ للفيلم الموسيقيRock of Ages. لقد نجح في إعادة إحياء سلسلة Mission: Impossible في شهر ديسمبر الماضي، ولكنه كان قد فشل في فيلم الحركة والكوميديا Knight and Day في عام 2010.

ثم تبرز مشكلة التنافس مع الأفلام الأخرى المعروضة. في عيد الميلاد، سيواجه فيلم Reacher ملحمة الانتقام Django Unchained للمخرج كوينتن تارانتينو والنسخة المقتبسة من العمل الموسيقي الذي يُعرَض في برودواي Les Miserables، وهما اثنان من أكثر الأفلام المنتظرة لعام 2012.

في الأسبوع الماضي، اعترف منتج Reacher دون غرانغر، ببعض المخاوف التي تنتابه: «هذا الوضع يقلقنا طبعاً. ترتكز هذه الأفلام على دراسات مكثفة تسبق مرحلة الإنتاج. لكن حين شاهدت شركة «باراماونت» فيلمنا، شعرت بأننا قد نقدم فيلم الحركة النموذجي لمن هم فوق عمر الثالثة عشرة في موسم الأعياد».

فجوة هائلة

ثمة أسباب وجيهة تنذر بنجاح فيلم Jack Reacher في الخارج. بعد أن حصد كلٌّ من فيلميKnight and Day و Mission: Impossibleإيرادات دولية عالية تفوق الإيرادات المحلية بثلاثة أضعاف، طلبت شركة «باراماونت» من كروز أن يسخّر كل طاقته لتسويق فيلم Reacher في آسيا وأوروبا.

قال نائب رئيس باراماونت، روب مور: «لم تعد السوق الأميركية اليوم تعتمد على شهرة النجوم كما يحصل في السوق الدولية. نتوقع أن يحقق الفيلم نجاحاً أكبر خارج الولايات المتحدة، وهذا ما يبرر الاستعانة بتوم كروز في فيلم مماثل».

كسب كروز منذ عام 2005 حقوق اقتباس كتاب One Shot (تاسع كتاب ضمن سلسلةJack Reacher التي حققت أعلى المبيعات للكاتب البريطاني لي تشايلد)، لكن يصر المخرجون على أن اختيار كروز لأداء هذا الدور لا يشبه ما حصل على الساحة السياسية حين اختار ديك تشيني نفسه للترشح إلى جانب جورج بوش الإبن في الانتخابات الرئاسية.

في الحقيقة، لم يكن هذا النجم متأكداً في البداية من صحة أن يؤدي الدور بنفسه نظراً إلى الفجوة الهائلة بين شخصية ريتشر وكروز. يصف تشايلد شكل ريتشر باعتباره «قوياً مثل الصخر... وله يدان عملاقتان وقبضة بحجم كرة القدم!».

لكن بدأت شركة «كروز/واغنر للإنتاج» عملية التحضير للفيلم وحاولت في عام 2010 الاستعانة بكريستوفر ماكويري، كاتب السيناريو الذي تعامل بشكل متكرر مع كروز. قام هذا الكاتب الحائز جائزة أوسكار (عن فيلم The Usual Suspects) بكتابة وإنتاج فيلم التشويق Valkyrie الذي يتمحور حول الاغتيالات في الحقبة النازية وكان من بطولة كروز في عام 2008، وقد شارك أيضاً في كتابة فيلم Mission: Impossible — Ghost Protocol.

لكن كان لِماكويري تحفظاته على اقتباس كتاب تشايلد ونقله إلى الشاشة. قبل أن يتولى هذه المهمة، أصر على تولي إخراج مشروع Reacher إلى جانب كتابة السيناريو، مع أنه كان قد أخرج سابقاً فيلماً واحداً حقق خيبة أمل على شباك التذاكر في عام 2000 (The Way of the Gun).

عائقان

اعترف ماكويري خلال محادثة هاتفية من لندن قبل أيام على عرض الفيلم الأول: «كنت أشك في أن يبصر هذا المشروع النور. لم أكن أعلم أنني بلغتُ مرحلة مهمة في مسيرتي المهنية لدرجة أن يوافق توم على المشاركة في فيلم من إخراجي. يكفي أن نذكر ثلاثة أسماء تعاون معهم وأن نضيف اسمي إلى اللائحة لملاحظة الفرق».

لكن يُقال إن الأفلام تبصر النور لأن أحد المشاركين نسي أن يرفض المشاركة! فاجأ كروز ماكويري حين وافق على المشاركة، وتفاجأت شركة الإنتاج أيضاً بعد مقابلة رئيس قسم الإنتاج في «باراماونت»، مارك إيفنز. بعد أن طرح ماكويري سيناريو قوياً، برز عائقان فقط أمام بدء مرحلة إنتاج الفيلم: هوية الممثل الذي سيؤدي دور جاك ريتشر وكلفة الفيلم.

بعدما أدرك ماكويري وغرانغر أن هوليوود تفتقر إلى الممثلين الشقر والأقوياء وأصحاب العيون الزرقاء الذين يتمتعون بالنجومية الكافية لإنجاح أي فيلم، قررا تجاهل طول شخصية ريتشر. ثم أعدّا رسماً بيانياً عن بطل الفيلم وأضافا سمات أخرى إلى الشخصية: السحر، الفصاحة، قوة البنية الجسدية.

سرعان ما تقلصت الخيارات المتاحة ولم يبق إلا اسم واحد: كروز!

بعد أن أقنع ماكويري وغرانغر المنتج بأنه النجم المناسب في نهاية المطاف، رفض كروز المشاركة ما لم يحصل على موافقة لي تشايلد. اجتمع غرانغر وماكويري مع الكاتب على العشاء وتوقعا حدوث نقاش طويل لتبرير الأسباب التي دفعتهما إلى اختيار بطل فيلم Top Gun لأداء دور البطولة. يتذكر ماكويري أنهما أرادا إقناعه باختيارهما ولكنه أجابهما بكل بساطة: «أنتما تتكلمان عن توم كروز. لماذا قد أرفض أن يؤدي أهم نجم في العالم الشخصية التي ابتكرتُها؟».

رغم التشكيك بحجم الإيرادات التي قد يحققها Reacher، يأمل كروز وصانعو الفيلم وشركة الإنتاج بإنشاء سلسلة ثانية لنجم Mission: Impossible الذي يملك حقوق اقتباس 17 كتاباً من سلسلةJack Reacher. قال ماكويري: «العرض جاهز. كل ما ننتظره الآن هو الطلب!».