المرة الأخيرة التي شعر فيها المستثمرون بقلق جدي حيال إمكانية تسبب السياسات الداخلية الأميركية في حدوث تخلف عن السداد ربما كانت في فترة رئاسة أندرو جاكسون، أما الآن فقد يشعرون بقدر ضئيل من عدم اليقين. كنت أتحدث أخيراً الى شخص يراقب واشنطن عن كثب لصالح كبار المستثمرين الأجانب. وكما نفعل يحاول معظم زبائنه فهم الجدل الدائر حول مستوى سقف الدين في الولايات المتحدة. وقد أخبرني عن مستثمر سأله ما اذا كان سيعتبر تخلفاً عن السداد قيام وزارة الخزانة بدفع الفائدة النظامية ولكن دون دفع مديونيات دائنين آخرين.ويضيف، قال المستثمر انه يعتقد أن ذلك لن يكون مسألة مهمة، لأن البرازيل تفعل ذلك باستمرار. وأنا لا أعلم ما اذا كانت البرازيل تؤخر في الواقع دفعاتها الى الدائنين، ولكنني أعرف أن مقارنة الخزانة الأميركية بالبرازيل وفي سياق متصل ليس أمرا اعتياديا بل ولا حتى مقبولا! وحسب كارمن رينهارت وكن روغوف فإن تلك الدولة الأميركية الجنوبية أقدمت إما على التخلف عن السداد أو على اعادة هيكلة ديونها السيادية 9 مرات وكانت أحدثها في سنة 1986 – 1987.جنون ماليوبشكل ما، يقول هذا كل شيء عما تريد أن تعرفه حول الجنون المالي الراهن في واشنطن. ان الدولار الأميركي يعد عملة الاحتياط الدولية الرئيسية في العالم لأن الولايات المتحدة تتمتع بأكبر اقتصاد في العالم. ولأن الولايات المتحدة أيضاً واحدة من دول قليلة في هذا الكوكب التي لن يحتاج المستثمر الى القلق بشأن تعرضها الى مخاطر سياسية. نحن ليس لدينا انقلابات عسكرية، ولا نجري خفضا كبيرا في قيمة العملة، كما أننا نسدد فواتيرنا بانتظام.يوجد بالتأكيد خطر متعلق بمعدلات الفائدة. وهو موجود على الدوام. ولكن استبعاد أحد التباينات من المعادلة المالية – القلق من أن الولايات المتحدة لن تدفع ديونها لأنها لا تريد ذلك – هو سبب مهم يجعل سندات الخزانة الأميركية ملاذاً آمناً بالنسبة الى المستثمرين. وهم يعرفون أن في وسعهم الاطمئنان الى أموالهم هنا عندما يترنح اقتصاد العالم، أو حتى عندما تجعلهم بلدانهم في أوضاع مثيرة للقلق. وذلك، بدوره، أحد الأسباب التي تجعل معدلات الفائدة الأميركية قريبة من المعدلات المتدنية التاريخية حتى مع استعادة زخم الاقتصاد ومع ديون فدرالية تصل الى 17 تريليون دولار. وعلى الرغم من كل شيء، يستمر المستثمرون في شراء سنداتنا لأنهم يعرفون أهليتنا لذلك.قلق جديالمرة الأخيرة التي شعر فيها المستثمرون بقلق جدي حول امكانية تسبب السياسات الداخلية الأميركية في حدوث تخلف عن السداد ربما كانت في فترة رئاسة أندرو جاكسون. أما الآن فقد يشعرون بقدر ضئيل من عدم اليقين. وحتى لا نقع في خطأ، لنتذكر أنه عندما يصاب المستثمرون بعدم اليقين يدفع المقترضون الثمن.وكما لاحظ زميلي في مركز سياسة الضرائب دونالد مارون تخلفت الولايات المتحدة في سنة 1979 ولفترة وجيزة عن دفعات سندات الخزانة – تخلف غير مقصود تسببت به مواجهة حول حدود الدين وخلل في المكتب الخلفي. وقد تسبب ذلك المأزق المؤقت في رفع معدلات سندات الخزينة القصيرة الأجل بـ60 نقطة أساس خلال يوم واحد. ولم تكن تلك خطوة مؤقتة جدا، بل إنها استمرت لأشهر بعد ذلك.وحتى الآن، لا يبدو أن الأسواق تصدق أن الولايات المتحدة سوف تخرق حدود الدين هذه المرة. ولكن ثمة تلميحات الى حدوث شكوك في مدى جدية هذا الاعتقاد الراسخ في كون سندات الخزانة هي الملاذ الآمن في العالم. وقد ارتفعت تكلفة شراء التأمين ضد التخلف عن السداد – وكذا الحال بالنسبة الى كل المعدلات على أذونات الخزانة قصيرة الأجل تعبيرا عن هذه المخاوف. أضف الى كل ذلك أن هناك مستثمرا تجرأ على المقارنة بين الولايات المتحدة والبرازيل.(فوربس)
اقتصاد
حين تسوء الأمور في واشنطن إلى حد المقارنة بالبرازيل!
12-10-2013