أكد مدير الملتقى الثقافي الروائي الزميل طالب الرفاعي الأهمية الثقافية والفكرية للدكتور خليفة الوقيان، لما قدمه من نتاج أدبي منوع ينهل من الشعر والكتابة التاريخية والتنوير، متوقفا عند محطات مضيئة من سيرته الذاتية، مستعرضا مجموعة من أعماله الأدبية.

Ad

بدوره، شدد د. خليفة الوقيان، خلال استضافته في الملتقى الثقافي، على أن دور السلطة أكثر من سلبي تجاه هذا التمدد الأصولي في الكويت، فهي مهادنة أو متحالفة، وفقا للظرف الذي تعيشه البلاد، معتبراً أن الفكر المتشدد ليس نتاجا محليا.

وأكد د. الوقيان أهمية تنظيم جلسات نقاشية يتم فيها تبادل الأفكار والرؤى، لاسيما أن «الشباب يمتلكون أساليب لم نمتلكها، ربما نكون نحن من الجيل الذي يعرف كل شيء عن شيء واحد، أما هم فيعرفون شيئا عن كل شيء». مدللا على ذلك بالحراك الشبابي الذي يحدث في الوطن العربي.

وأشار إلى أن المبدع ليس نجارا يصنع إبداعاً وفقاً لرغبات الآخرين، ثم سرد تفاصيل مشهد رآه في أحد المراكز التجارية، ويتضمن هذا المشهد شبه السريالي نظرة تسبر أغوار شرائح المجتمع، لاسيما ان مكونات المشهد غير متجانسة شكلاً ومضموناً وتشمل بعض التناقضات.

وعن تفاصيل المشهد، قال إن ما شاهدته يلخص المأزق الثقافي الذي نعيشه في الكويت والوطن العربي والعالم الإسلامي، خصوصا أن النموذجين يمثلان ثقافتين تعيشان معاً ربما يفصل بينهما عشرة قرون.

مكونات المجتمع

ومن منظور تحليلي ممزوج بتجربة ثرية وخبرة عميقة في البحث والدراسة، قدم الوقيان رصدا لمكونات المجتمع، متسائلا عن قدرة هذه الشرائح على العيش في مجتمع واحد بلا صراع؟ وفي تجوال تاريخي قدّم ايضا ملامح من حوادث مهمة تؤكد سماحة الدين ودعوته إلى قبول الآخر والتعايش معه بأمن وسلام.

واستذكر تفاصيل حادثة ذهاب الشيخ عبدالله النوري والشيخ عبدالعزيز حمادة -مفتي الكويت آنذاك- والشيخ أحمد الأثري إلى الكنيسة لتهنئة المسيحيين بحلول العام الميلادي، وكان ذلك في الخمسينيات من القرن الفائت.

وتابع ان طبيعة الكويت لم تكن تتلاءم مع دعوة الوهابيين، وربما تكون هذه الدعوة ملائمة في مكان آخر وقد هاجمها الكويتيون، وهذا الرفض كان ينبع من علماء الدين في الكويت، مستشهدا بمواقف بعض الشيوخ ومنهم مساعد العازمي الذي صرح بعدم ملاءمة الدعوة الوهابية للحياة الكويتية.

محطات مضيئة

وحول موقف الكويتيين من الفنون، اعتبر الوقيان ان الكويتيين انسجموا كثيراً مع هذه الفنون، ولم يتلمسوا أي تعارض بين الدين والغناء والموسيقى والتشكيل والمسرح، مدللا على ذلك ببعض المواقف الموثقة تاريخيا سواء في جهد حمد الرجيب في حفظ التراث الفني وتنظيم فعاليات غناء ورقص شعبي أو معرض الفنان التشكيلي معجب الدوسري الذي باركه بعض شيوخ الدين آنذاك، كما أورد ملامح من المحاولات المسرحية في عام 1924 حينما قدم عبدالعزيز الرشيد عرضاً ينبذ التطرف والتشدد، ويبرهن على ضرورة تدريس العلوم العصرية.

وبشأن منع المفكرين والكتاب من دخول الكويت، استذكر حادثة منع الكاتبة بدرية البشر من دخول الكويت، وقبلها منع نصر حامد أبوزيد مستغربا قرارات المنع، مبينا أن هذا المنع دفع إلى الإحجام عن دعوة بعض الكتاب والمفكرين، سواء من جهات حكومية أو مؤسسات خاصة، خروجا من هذا المأزق، ومن رحم هذه الأجواء تشكل ارتداع ذاتي لدى الناشرين فارضاً حدودا رقابية على بعض العناوين.

وعن الوسطية في الكويت، ذكر أنها «مفهوم نسبي فما هو وسطي في منطقة بريدة ليس وسطياً في جدة، لكن الوسطية في الكويت ألا تكون إرهابياً أي لا تقتل، واما أن تحرم كل شيء فهذا لا يؤثر على الوسطية».

تخاذل السلطة

وعقب ذلك، فتح باب النقاش، وشدد الأديب إسماعيل الفهد على أن السلطة تخاذلت عن أداء مهامها، ما أدى إلى انفراد الجماعات الدينية باتخاذ القرارات.

أما القاصة نورا بو غيث فقد اعتبرت أن وسائل الإعلام ساهمت في الترويج للوسطية، ولفتت د. نجمة إدريس إلى الغربة التي يعيشها المواطن بسبب التناقضات الكبيرة.

من جانبه، شدد إبراهيم المليفي على ضرورة تحديد هوية الدولة للوصول إلى حلول للمشكلات التي نعانيها، وتساءل الكاتب فهد الهندال عن المثقف الحقيقي، وقال الكاتب طلال الرميضي إن انتخابات مجلس الأمة ساهمت في تقسيم المجتمع، معتبراً أن ثمة أفكارا دخيلة ساهمت في ذلك.

من أقواله

• منع رقص الفتيات ضمن الأغنيات الشعبية أفرز نتائج سلبية ومناظر مخجلة، إذ فرضت زيادة جرعة التشدد في البلد محاولة سد الفراغ، لكن هذا التعويض كان مؤذياً جداً لأن فن الرقص الشعبي للفتيات وليس للرجل.

• تعريف الثقافة صعب وتعريف المثقف أصعب جداً، لأن البدوي في الصحراء لديه ثقافة مرتبطة بمكانه وزمانه، لكن ربما المثقف من يحمل رؤية وليس من يقدم معلومات.

• يجب أن يدفع الفكر بالفكر، وليس بشيء آخر يبين تفاهته.

• المتشددون يمتلكون قدرة على ترهيب المعتدلين، لكن الساكت عن الحق شيطان أخرس.

• وسائل الإعلام ساهمت في تسويق الفكر المتشدد على نطاق أوسع.

• ثمة «وسطيون» في الكويت لكن يخشون الإرهاب الفكري الممارس ضدهم.

• مع غياب المنهجية لمؤسسات الدولة حتما سيكون الحبل على الغارب.

• خيبات مجلس الأمة ساهمت في تقسيم المجتمع، وثمة أفكار دخيلة ساهمت في ذلك.