اختتم الوفد الكويتي المدني زيارته لفلسطين المحتلة مؤخرا، حيث شارك في احتفاليات مؤسسة التعاون بمرور 30 عاما على تأسيسها، والتي عقدت اجتماع مجلس أمنائها في فلسطين للمرة الأولى، كما التقى الوفد خلال الزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض، وحضر وضع حجر الأساس لمتحف فلسطين في بيرزيت.

Ad

وزار الوفد مركز هدى المصري لعلاج السرطان للأطفال، الذي ساهمت لجنة «كويتيون لأجل القدس» في بنائه، والذي يعتبر المركز الأول والوحيد لعلاج هذا المرض في الأراضي الفلسطينية، إذ كانت الأسرة التي يصاب لديها طفل ترسله للعلاج في الأردن أو القدس أو مصر بسبب عدم تمكنها من مرافقته أو استحالة المراجعات اليومية بسبب حواجز قوات الاحتلال.

مؤسسات المجتمع المدني

من جانب آخر، تمكن الوفد من الالتقاء بعدد من مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية المعنية بالمقاومة السلمية للاحتلال الإسرائيلي عن طريق استخدام القوانين والمواثيق الدولية، وذلك بمساعدة مؤسسات المجتمع المدني العالمية المعنية بحقوق الإنسان والحقوق المدنية الأخرى للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، شمل اللقاء مؤسسة الحق ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، والائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس، واتحاد الجمعيات الخيرية في القدس، وجمعية زهرة المدائن لتنمية وتطوير المجتمع. حيث استمع الوفد الى شرح لعمل كل من تلك المؤسسات، كما تم التداول في كيفية التنسيق بين الجمعيات الكويتية ونظيراتها الفلسطينية لدعم صمود الشعب الفلسطيني في أرضه.

وخلال الفترة التي قضاها الوفد في الأراضي الفلسطينية تمكن من زيارة القدس المحتلة والصلاة في المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، كما زار كنيستي القيامة والمهد والمسجد العمري في بيت لحم والحرم الإبراهيمي في الخليل، إضافة إلى زيارته عددا من المدن والقرى كنابلس وطور كرم وعنبتا والبيرة وأريحا، فضلا عن زيارة بعض مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا في نكبة 1948 ونكسة 1967.

وحضر الوفد ضمن احتفالية مؤسسة التعاون حفلا للتراث الفلسطيني، وعشاء خيريا لجمع التبرعات لدعم أربعة مشاريع ستنفذها المؤسسة قريبا، وتم جمع مليون ونصف المليون دولار، بينما كان المستهدف جمع مليون دولار فقط.

المصالحة الفلسطينية

وعن المصالحة بين «فتح» و»حماس» قال الرئيس أبومازن إنه مستعد لتشكيل حكومة مؤقتة مدة ثلاثة أشهر تُجرى خلالها انتخابات رئاسية وبرلمانية وأخرى لمنظمة التحرير، رافضا أي تسوية لا تقبل بالانتخابات السريعة، مضيفا «نحن في انتظار موافقة حماس على ذلك».

إلى ذلك، أوضح الرئيس الفلسطيني أن قراره بطلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة كدولة شرفية جاء على الرغم من الضغوط الأميركية المباشرة، لأنه يرى في هذا القرار خطوة أولى لفتح مجالات دولية قانونية من خلال المؤسسات الدولية التي ستصبح فلسطين عضوا فيها، لافتا الى انه أعطى الجهود الأميركية مدة شهرين، مضى منهما شهر حتى الآن، لتحريك الملف وبدء المفاوضات بشكل جدي، مؤكدا أن «فرقا قانونية وسياسية فلسطينية تدرس جميع البدائل بعد انتهاء هذه المدة».

انطباعات

لا يوجد ما يكفي من المفردات لوصف مشاعر أعضاء الوفد وهم يطلون للمرة الأولى على مشارف المدينة المقدسة، مشاعر اختلط فيها الفرح بتحقيق حلم العمر بزيارة هذه الأماكن المحتلة بالحزن على ما جرى لها من احتلال وتقسيم وعزل وتشريد للشعب. فهذه الفرصة التي تحققت للوفد الكويتي لا يمكن لأهل الأرض من فلسطينيي الضفة والقطاع تحقيقها. فهي ممنوعة إلا على فلسطينيي 1948 الذين يعتبرون مواطنين لدولة الاحتلال.

نبضات القلب تتسارع أكثر وأكثر كلما انحدرت السيارة نحو الوادي حيث يزداد حجم قبة الأقصى وقبة مسجد الصخرة بلونها الذهبي، وفي الطريق ترى شارع الشيخ جراح (ابوعبيدة ابن الجراح) وشارع رابعة العدوية والمواقع التاريخية لصلاح الدين الأيوبي. وما إن وصل الوفد الى المسجد الأقصى حتى خيم الصمت على أعضائه فكل منهم يحاول تصديق اللحظة واستيعابها في الوقت الذي يريد زيارة كل ركن من أركان هذه الأماكن المقدسة بما فيها كنيسة القيامة التي تتميز بوجود أركان مخصصة لكل طائفة من الطوائف المسيحية.

وفي طريق مغادرة المسجد الأقصى لا يمكن للزائر إلا أن يرى التدمير المقصود بحجة التنقيب عن الآثار اليهودية، وهو تدمير قد يؤدي الى انهيار أجزاء من المسجد إذا ما استمر الحفر أسفله. كما لا يمكن لأي زائر أن ينسى للحظة واحدة أن هذه الأماكن المقدسة تحت الاحتلال المباشر، فأفراد الجيش والأمن الصهاينة في كل مكان وزاوية، كما أن للمسجد الأقصى 12 بوابة لا يسمح للفلسطينيين من سكان القدس والزوار إلا استخدام خمس منها فقط بينما السادسة هي التي تدخل منها القوات المسلحة في كل مرة اقتحمت المسجد، كما يستخدمها اليهود المتطرفون عندما يقررون دخول الأقصى.

زيارة بيت لحم

الطريق الى بيت لحم من رام الله يفترض ألا يتجاوز نصف الساعة إلا أنه وبسبب تقطيع المناطق الفلسطينية وعزلها وبناء الجدار العنصري ضاعف مسافة الطريق ثلاث مرات.

في بيت لحم حيث كنيسة المهد، التي ولد فيها السيد المسيح، يعجز العقل عن استيعاب كل المعلومات التي يتناقلها المرشدون السياحيون، ففي كل متر من هذا المكان المهيب قصص وأحداث تاريخية تكشفها أجزاء تم المحافظة عليها من أرضيات الكنيسة في قرون مضت حيث دمرت عدة مرات وأعيد بناؤها.

يتدافع الناس في صف طويل جداً للنزول الى البقعة التي ولد فيها السيد المسيح ثم يكمل المرشدون شرحهم لأركان الكنيسة وما يعنيه كل جزء منها.

وعند الخروج من كنيسة المهد باتجاه الساحة الكبيرة جداً ترى وبشكل جلي المسجد العمري، الذي بني بعد أن قرر الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الصلاة في تلك البقعة بعد أن زار الكنيسة كي لا يقوم المسلمون بتحويل الكنيسة الى مسجد، معطياً درساً تاريخيا لمتطرفي هذا الزمن الذي يحرمون أي علاقة مع المؤمنين بالأديان الأخرى.

الحرم الإبراهيمي

مدينة الخليل تشكل تجسيداً دقيقاً لتفاصيل الاحتلال الإسرائيلي وتقطيعه لأوصال المدن والقرى الفلسطينية المحتلة، فبعد مجزرة 1994 التي راح ضحيتها 29 قتيلاً وعشرات الجرحى من المصلين، عندما أطلق عليهم النار متطرف يهودي، وبدلاً من ضمان عدم حدوث مثل هذه المجزرة مرة أخرى، قامت سلطات الاحتلال باقتطاع 65 في المئة من الحرم ومنع الفلسطينيين والمسلمين من دخوله واعتبروه مقاماً خاصا باليهود.

أما البيوت الفلسطينية المحيطة بالحرم فقد تم احتلالها بالكامل وتحويلها الى نقاط أمنية وثكنات مددجة بالسلاح. وبالطبع لا يمكن لأحد الوصول الى الحرم إلا بعد المرور على نقاط تفتيش لا عد لها.

محلات الفلسطينيين مغلقة بالكامل في الشوارع الرئيسية، وهناك مناطق معزولة لا يمكن لأحد دخولها غير اليهود، أما بيوت الفلسطينيين فوق تلك المحلات المغلقة فقد تحولت الى سجون مسيجة شبابيكها «حفظاً للأمن»، لا يرى المار سوى ظلال ايد لأطفال لا قدرة لهم على النزول للعب بالقرب من محلات ذويهم.

في السوق القديم حيث الشوارع الضيقة جداً يلاحظ المار شبكاً حديدياً يغطي تلك الممرات وعن السؤال عن سبب وجوده، يقال لك إن البيوت في الأعلى احتلها مستوطنون وكي يجبروا السكان على ترك محلاتهم يقوم بعضهم برمي الحجارة والقمامة والقاذورات من أعلى، لذا وضع الشبك لمنع الصخور والحصى، أما القاذورات فيضطر الناس على تحملها.

في الحرم الإبراهيمي في الخليل ترى أضرحة سيدنا إبراهيم وزوجته سارة وأبنائه يعقوب وإسحق وزوجتيهما، إضافة الى اثر لقدم الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، عندما زار الحرم في رحلة الإسراء.

بالطبع تلك الأضرحة ليست سوى رموز فقط، فالقبور الفعلية توجد تحت أرضية المسجد على عمق 19 متراً.

نابلس

زيارة الوفد لنابلس كانت مفرحة لأنها تجسد المدينة الفلسطينية العريقة بكل معاني العراقة، فمن اسواقها الشعبية الى المقاهي ثم مصانع الصابون النابلسي ومحلات الكنافة النابلسية الشهيرة، وكل ما يحيط بتلك المدينة من تاريخ يتحدث عن عراقتها وفلسطينيتها.

الجدار والمستوطنات

على طول الطريق بعد أن تتجاوز قرية أريحا أو (ريحا) كما يحلو للفلسطينيين نطقها، يذهلك بشكل محزن جداً احتلال المستوطنين لجميع التلال المشرفة على ما حولها وتحويلها الى مستوطنات لا يسمح لغير الإسرائيلي دخولها رغم اعتراف إسرائيل بكونها أراضي فلسطينية محتلة. يطوق هذه المستوطنات جدار الفصل العنصري الشهير. وهو جدار لا يمكن لأي صورة فوتوغرافية أن تفيه حقه. ولا يعرف حجمه وارتفاعه الحقيقي إلا من يقف تحته ليراه الآخرون ضئيلاً جداً.

الجدار حول مناطق فلسطين الى كنتونات معزولة عن بعضها بعضا فهذه المناطق مقسمة الى A، وهي مراكز المدن والقرى الفلسطينية حيث تقع تحت السلطة الفلسطينية، ثم أطراف تلك المدن والقرى التي تسمى B وهي مناطق مشتركة الإدارة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل لكنها بالنهاية تحت السيطرة الإسرائيلية، أما بقية المناطق والمساحات الفاضية بين تلك المدن والقرى فهي C أي أراض فلسطينية تحت سيطرة الاحتلال. وهذه الأخيرة لا يسمح لمن يسكنها أو للسلطة الفلسطينية حتى بتنظيفها.

الجدار ليس أسمنتيا بكامله، فالأجزاء التي لم يبنَ فيها سيجت بأسلاك مكهربة، ولا يمكن عبور هذا الجدار إلا من نقاط تفتيش محددة. قد يمكث الإنسان فيها ساعات متتالية لعبورها، وهذا ما يفعله العمال الفلسطينيون الذين لا يجدون فرص عمل إلا في الأراضي المحتلة، تراهم في طوابير منذ الفجر، فإن دخلوا قضوا بقية يومهم في العمل بمقابل زهيد ليعودوا في آخر النهار إلى مخيماتهم أو قراهم.

مياه الفلسطينيين تباع لهم

من أغرب قصص العذاب الذي يتعرض له الفلسطينيون في أرضهم هو السيطرة الكاملة لحكومة الاحتلال على مصادر المياه بما في ذلك الجوفية. ففي المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية تصل المياه مقننة بكميات تحددها قوات الاحتلال بمقابل مادي، وفي حال تجاوز الفلسطينيون الكمية المحددة لهم قد يعاقبوا بقطع المياه عنهم. وما يزيد الشعور بالغبن هو أن مصادر تلك المياه من الأراضي المحتلة أصلاً. في المقابل يستخدم الصهاينة المياه بلا قيود أو تحديد للكميات.

مؤسسة التعاون

لم يفاجأ الوفد الكويتي في قدرة مؤسسة التعاون على إدارة المشاريع التنموية التي ينفذونها في فلسطين المحتلة لمعرفتهم بتاريخ هذه المؤسسة العريقة وبمؤسسيها ومن خلفهم من الناشطين في دعم صمود شعبهم في فلسطين، لكن أن يفكر المنظمون لاحتفال المؤسسة بمرور ثلاثين عاماً على تأسيسها بكل التفاصيل الدقيقة والصغيرة لكل عضو من أعضاء الوفد الكبير

(من كل دول الشتات الفلسطيني) وأن يتعامل المنظمون مع كل فرد وكأنه هو وحده ضيف الشرف فهذا كان أبعد من أن يفكر به أو يتوقعه أحد، فأغلبية المشاركين لهم تجارب في كثير من المؤتمرات وفي مختلف أصقاع العالم حيث تتوافر الإمكانات لإقامة تلك المؤتمرات، أما أن تقوم المؤسسة بهذا الترتيب الرائع في مدينة رام الله في فلسطين المحتلة بينما أغلب أعضائها ومجلس أمنائها خارج فلسطين، فهذا كان يكفي دليلاً على كفاءة ونجاح مؤسسة التعاون.

لقاء أبومازن بالوفد الكويتي

التقى الوفد الكويتي ووفد مؤسسة التعاون الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء الجمعة 12 أبريل 2013، حيث أبدى الرئيس اعتزازه بما تقوم به مؤسسة التعاون من مشاريع تنموية بفلسطين، مثمنا دورها في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني لمواجهة آلة الاحتلال الموغلة في القسوة في ظل هيمنة اليمين الإسرائيلي الذي لا يؤمن بالسلام.

وأبدى الرئيس عباس اعتزازه بالعلاقات الفلسطينية- الكويتية التي تزداد قوة وتماسكا مع الأيام، معبرا عن مدى سعادته لافتتاح سفارة دولة فلسطين بالكويت.

وأعرب عن تفاؤله باحتمالات تحريك الملف الفلسطيني من جانب الإدارة الأميركية، لافتا إلى اهتمام وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي قال إنه التقاه عدة مرات خلال زياراته للمنطقة، إضافة إلى اتصالاته هاتفيا حتى خلال زيارته للصين، موضحا أن تفاؤله حذر، لأنه لا يتوقع حلولا قريبة بسبب تعنت الموقف الإسرائيلي، مستدركا «لكننا نأمل أن تتصرف الإدارة الأميركية مع هذا الملف بحسم كما فعل رؤساء أميركيون سابقون منهم رزوفلت وجورج بوش الأب»، مشيرا إلى أن «الإدارة الإسرائيلية لا تفهم إلا لغة الحسم».

وفي ما يتعلق بحق العودة أكد الرئيس أبومازن أن «الإدارة الفلسطينية لم تتخلَّ عن هذا الملف، لكنها تنظر له بواقعية تحاول من خلالها الإجابة عن أسئلة تدور في حدود الممكن تحقيقه»، مبينا ان أحدا لا يملك حق التخلي عن الحقوق الفردية في عودة اللاجئين سواء كانوا مهجرين في الداخل الفلسطيني أو في الشتات، موضحا «لكن من يقبل بحقه في العودة فعليه أن يعلم أنه سيصبح مواطنا إسرائيليا بكل ما يعنيه هذا الأمر من تبعات، إذ سيصبح مواطنا لدولة إسرائيل التي لا يمكن ان يتم حل للقضية الفلسطينية دون الاعتراف بوجودها».

وأشار إلى أن هذه الإشكاليات دفعت السلطة الفلسطينية إلى التفكير في طرح بدائل لمن لا يرغب أن يصبح مواطنا إسرائيليا كقبوله التعويض المادي بديلا عن العودة.

 سلام فياض: الكويت في ذاكرة كل فلسطيني

أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض رغبته في الاستقالة التي كانت أشيعت صباح يوم لقائه الوفد الكويتي ووفد مؤسسة التعاون.

وقال فياض إن «فلسطين وشعبها يستحقان أفضل حكومة في العالم، ولا مبرر للقبول بأقل من ذلك»، مضيفا «لا أتوقع أي حل يستحق الانتظار في ظل هذه الظروف الدولية والإقليمية، لذا أنا تارك»، مؤكدا أن «العلاقات الكويتية- الفلسطينية عميقة لما للكويت في قلوب الفلسطينيين من محبة، ولما لها من مكانة في ذاكرتهم جميعا».

أعضاء الوفد

نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الهلال الأحمر الدكتور هلال الساير، وزوجته مارغريت، ورئيس جمعية الخريجين سعود العنزي، وعبدالعزيز الملا رئيس لجنة «كويتيون لأجل القدس» وعضو مجلس أمناء مؤسسة التعاون وهانيا العريقي عضو لجنة «كويتيون لأجل القدس» ولجنة «مقاطعة إسرائيل»، إضافة إلى عضو مجلس إدارة جمعية الخريجين مشاري الحمود.