أنا رجل في الخامسة والثمانين من عمري، وأعاني متلازمة التنقيط الأنفي الخلفي (postnasal drip) منذ طفولتي. قبل سنوات، خضعت لفحوص وشخص الأطباء أنني أعاني التهاب الأنف غير التحسسي. لجأت إلى بعض الأدوية والرذاذ لأحدّ من العوارض إنما من دون جدوى. أشعر أن علي دوماً أن أمخّط وأتنحنح. هل من نصائح أستطيع اتباعها لأنعم بالراحة لفترة ساعة على الأقل؟

من الصعب جدّاً التحكم في مشاكل الأنف الدائم الجريان ومتلازمة التنقيط الأنفي الخلفي (فرط في التصريف الأنفي يؤدي إلى نزول هذه الإفرازات في الحلق). صحيح أنها قد لا تُعتبر مشكلة طبية خطيرة، إلا أن هذه العوارض تؤثر سلباً في نوعية حياة الشخص. ويعتمد العلاج الناجح عادة على تحديد السبب الكامن وراء المشكلة.

Ad

صحيح أن عوارضك ربما لم تتبدّل طوال سنوات، ولكن من الممكن أن مسار العوارض قد تغيّر بمرور الوقت. قد تختلف الأسباب المحتملة لمشاكل الأنف الدائم الجريان ومتلازمة التنقيط الأنفي الخلفي مع تقدّم الشخص في السن.

على سبيل المثال، في حالة المرضى الأصغر سنّاً، قد يعود جريان الأنف الدائم، فضلاً عن عوارض أخرى مثل الاحتقان والعطس، إلى الحساسية (الأرجية)، وتُعرف هذه الحالة بالتهاب الأنف التحسسي. أو كما ذكرت، فقد يكون السبب التهاب الأنف غير التحسسي. يرتبط هذا النوع من الالتهاب بأسباب مختلفة، مثل الانزعاج من الدخان أو التهاب الأنف الحركي الوعائي (vasomotor rhinitis)، أي فرط تأثّر بطانة الأنف بالروائح والحرارة وأحوال الطقس. ثمة حالة أيضاً تُعرف بالتهاب الأنف غير التحسسي الإيوزيني تسبب عوارض شبيهة بالتهاب الأنف التحسسي إنما من دون وجود عوامل مسببة للحساسية.

بالإضافة إلى ذلك، قد ترتبط مشاكل الأنف الدائم الجريان ومتلازمة التنقيط الأنفي الخلفي بالتهاب الجيوب الأنفية المزمن. في هذه الحالة الشائعة، تلتهب الجيوب المحيطة بالمسالك الأنفية وتتورم. ويعاني بعض مرضى التهاب الجيوب الأنفية المزمن من لحميات تزيد الوضع سوءاً. كذلك إذا كان جريان الأنف يصيب أحد المنخارين دون الآخر، فقد يشكّل ذلك إشارة إلى خلل في تركيبة الجسم، مثل تسرّب السائل النخاعي. وحين تشمل العوارض عرقلة تدفق الهواء، من الضروري أخذ مشاكل أخرى في الاعتبار، مثل انحراف الحاجز الأنفي.

تسبب هذه المشاكل كافة والأمراض جريان الأنف الدائم ومتلازمة التنقيط الأنفي الخلفي في حالة المسنين. ولكن ثمة حالات إضافية كثيرة قد تؤدي إلى هذه العوارض مع التقدّم في السن.

على سبيل المثال، يشيع «ثر الأنف التذوقي» (gustatory rhinitis) بين المسنين. وتبدأ عوارض هذا النوع من التهاب الأنف غير التحسسي مع تناول الطعام. فيُصاب المريض بحالة مضاعفة من جريان الأنف الذي نختبره عندما نتذوق طعاماً كثير التوابل. كذلك من الشائع أن تؤدي تقلبات طفيفة في درجات الحرارة إلى جريان الأنف في حالة المسنين.

يرجع الإحساس بالتنقيط الأنفي الخلفي عند مسنين كثر إلى جفاف مسالك الأنف. وقد يكون هذا تأثيراً جانبيّاً لأحد أدوية ضغط الدم المرتفع، اضطرابات النوم، مشاكل المثانة، وغيرها. ومن الممكن أيضاً لتناول كميات كبيرة من القهوة أو الشاي أو عدم شرب مقدار كافٍ من الماء أن يؤديا إلى جفاف الأنف لدى المسنين. في الختام، من الممكن أن يخطئ الطبيب في التشخيص ويعتبر بعض أنواع ارتجاع المريء (gastroesophageal reflux) متلازمة التنقيط الأنفي الخلفي.

تتوافر علاجات فاعلة لكثير من هذه الحالات. لكن تحديد العلاج الأفضل يرتبط بتشخيص الحالة بدقة.

بما أن تشخيص إصابتك بالتهاب الأنف غير التحسسي مرّ عليه بعض الوقت، فقد يكون من الأفضل أن تطلب من الطبيب إعادة تقييم حالتك. اقصد طبيباً متخصصاً في أمراض الأذن والأنف والحنجرة أو في الحساسية واضطرابات الأنف وجيوبه. وبعد أن يقيّم الطبيب حالتك الطبية بشكل شامل ودقيق، فسيتمكن من منحك النصائح بشأن الطريقة الفضلى للتحكم في هذه العوارض المزعجة.

الدكتور خوان غوارديراس، طبيب أذن وأنف وحنجرة/حساسية