قال محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل ان بعثة خبراء صندوق النقد الدولي التي زارت الكويت أخيرا أعدت بيانا ختاميا حول التطورات الاقتصادية العامة حيث توقع زيادة معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي غير النفطي بشكل معتدل ليصل الى 3 في المئة في 2013.

وأضاف الدكتور الهاشل في تصريح لـ«كونا» ان البيان الختامي لبعثة خبراء صندوق النقد الدولي التي زارت البلاد بين العاشر والـ 24 من سبتمبر الجاري جاءت في اطار المشاورات الدورية الثنائية لعام 2013 بموجب البند الرابع من اتفاقية عضوية الكويت في صندوق النقد الدولي.

Ad

وذكر ان مقدمة البيان الختامي تشير الى استفادة الكويت من الأسعار المرتفعة للنفط في تحقيق فوائض مالية كبيرة في الموازنة العامة والحساب الجاري كما كان للتطورات السياسية المحلية الاخيرة تأثير معاكس على أوضاع المالية العامة والاوضاع الاقتصادية.

وقال الدكتور الهاشل «ان بعثة الصندوق ترى أن الاتفاق على وضع الخطة الانمائية على الطريق الصحيح والعمل على تحسين بيئة الاعمال والمناخ الاستثماري وتعزيز النمو في القطاعات غير النفطية تعتبر أمورا حيوية».

وأضاف ان البعثة أشارت الى ما شهده معدل التضخم السنوي في الكويت من تباطؤ ليصل ذلك التضخم الى نحو 3 في المئة خلال يونيو الماضي مقابل الشهر ذاته من عام 2012 كما أفاد بيان البعثة بأن الموازنة العامة حققت فوائض مالية مرتفعة وصلت نسبتها الى الناتج المحلي الاجمالي في عام 2012 الى نحو 33 في المئة مدعومة بارتفاع أسعار النفط وكميات الإنتاج.

وذكر الدكتور الهاشل ان بيان بعثة صندوق النقد الدولي أشار الى ارتفاع الانفاق العام بنحو 13 في المئة عام 2012 بسبب زيادة الحكومة للمرتبات والاجور بنحو 25 في المئة في ابريل 2012 في حين بقي الانفاق الرأسمالي الفعلي دون مستوى اعتمادات الموازنة مع تعطل تنفيذ المشاريع الاستثمارية نتيجة حالة عدم اليقين السياسي.

وفي مجال السياسة النقدية لفت الى تأكيد البيان أن هذه السياسة موائمة ومناسبة مع تحقق نمو في الائتمان المصرفي كما رأى البيان ان أوضاع السيولة حاليا داعمة لنمو الطلب على الائتمان حيث أشارت البعثة الى قرار بنك الكويت المركزي في أكتوبر 2012 بتخفيض سعر الخصم ليصل الى 2 في المئة وترتب عليه تراجع أسعار الفائدة على كل من الودائع والقروض.

ولفت في هذا الصدد ووفقا لبيان البعثة الى أن معدلات الرسملة المرتفعة واستمرار الربحية وانخفاض القروض غير المنتظمة والمخصصات المرتفعة لدى البنوك المحلية تساهم في المجمل في دعم الاستقرار المالي.

وقال ان بيان البعثة تطرق الى الرقابة الجيدة لـ»المركزي» على البنوك وتضمن الاشارة الى ان معدل كفاية رأس المال للبنوك المحلية بلغ نحو 18 في المئة (16 في المئة حسب الشريحة الأولى لرأس المال) في نهاية عام 2012 والاشارة الى انخفاض نسبة القروض غير المنتظمة في البنوك الكويتية الى نحو 4.4 في المئة في يونيو الماضي مقابل نحو 4.9 في المئة في نهاية عام 2012.

وتناول الدكتور الهاشل نسبة المخصصات لدى البنوك المحلية والتي بلغت حسبما قدرها بيان البعثة بنحو 105 في المئة في نهاية يونيو الماضي وان تلك البنوك تحتفظ بمخصصات كاملة مقابل مديونيتها على شركات الاستثمار المتعثرة الامر الذي يقلص مخاطر الائتمان والاستثمار لدى البنوك على قطاع تلك الشركات.

ولفت الى ترحيب البيان الختامي لبعثة صندوق النقد الدولي بدور «المركزي» في تعزيز التعليمات الصادرة عام 2012 لتقوية النظام المصرفي المحلي حيث اشار البيان الى ادخال نسبة التمويل المستقر محل نسبة القروض الى الودائع واصدار معايير الحوكمة ومسودة المبادىء التوجيهية لتنفيذ «بازل 3» ووضع معايير مشددة للمخصصات.

وقال الدكتور الهاشل ان البيان الختامي للبعثة أكد أهمية تعزيز استقلالية بنك الكويت المركزي وظيفيا ومؤسساتيا مع العمل على تعزيز معايير الحوكمة والمساءلة كما اشار البيان الى أهمية البناء على التقدم الحالي من اجل تحسين التنظيم والاشراف.

كما تناول تأكيد البيان ان قيام «المركزي» بتطوير اطار تحوطي كلي أكثر رسمية وشفافية أمر مرغوب به مع الاشارة الى أهمية دور «المركزي» في مجال الاستقرار المالي وتحديد اطار التنسيق لذلك والعمل على تعزيز استقلاليته جنبا الى جنب مع وضع الاسس القانونية لتحديد آلية وقيادة جهود تحقيق الاستقرار المالي لتولي مسؤوليات الحيلولة دون وقوع الازمات وادارتها ما يعزز القدرة على التعامل مع المخاطر النظامية.

ولفت الدكتور الهاشل الى توقعات بيان بعثة صندوق النقد الدولي أيضا بأن يشهد الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي للقطاعات غير النفطية في الكويت نموا بنحو 4.4 في المئة في 2014 مدعوما بالانفاق الرأسمالي الحكومي.

وعن التحديات التي تواجه الموازنة العامة قال الدكتور الهاشل ان بيان البعثة أكد أن وضع المالية العامة للكويت قوي ويوفر مساحة للحكومة لزيادة الانفاق الرأسمالي مع الاشارة الى الحاجة لاحتواء الانفاق الجاري خصوصا فاتورة الأجور والمرتبات وذلك لتوفير مصدات مالية في حالة تعرض أسعار النفط الى الهبوط ولمواصلة التوفير توخيا للعدالة بين الأجيال الحالية والمستقبلية.

وأشار في هذا الاطار الى أن البعثة قدرت السعر التعادلي لبرميل النفط الذي تتوازن عنده الموازنة العامة للسنة المالية 13/2014 بنحو 70 دولارا أميركيا للبرميل وقدرت البعثة ان تتجاوز جملة المصروفات العامة لقيمة الايرادات النفطية عند معدلات انتاج 2.98 مليون برميل في السنة المالية 17/2018.

وأضاف ان من شأن ذلك بحسب بيان البعثة رفع درجة المخاطر التي قد تنجم عن انخفاض متواصل لاسعار النفط وذلك نتيجة للزيادات الحادة مؤخرا في المصروفات الجارية وهي في معظمها التزامات من الصعب التراجع عنها اضافة الى محدودية الايرادات غير النفطية للموازنة العامة.

ولفت الى أن البيان تناول فاتورة الدعومات الكبيرة ضمن الموازنة العامة التي تقلل مجال الحركة للاستثمارات في البنية التحتية والاجتماعية حيث دعا بيان البعثة الى توجيه تلك الدعومات بدلا من تعميمها وضمان توفير شبكة أمان اجتماعي بما من شأنه المساهمة في تعزيز الكفاءة وتوفير مزيد من مساحة الحركة للمالية العامة في الاجل الطويل.

وعلى المديين المتوسط والطويل أشار الدكتور الهاشل الى تأكيد البيان أهمية الاستمرار في الحفاظ على حقوق الاجيال القادمة في الثروة النفطية حيث تشير تحليلات بعثة صندوق النقد الدولي الى ان توازنات المالية العامة لا تتسق مع متطلبات الانصاف بين الاجيال اذا استمر الانفاق العام على مساره الحالي.

وذكر ان البيان قدر الحاجة الى ضبط أوضاع الموازنة العامة بما يعادل نحو 8 في المئة من قيمة الناتج المحلي الاجمالي من خلال تخفيض نمو الانفاق الجاري وزيادة الايرادات غير النفطية للحد تدريجيا من العجز غير النفطي.

ولفت الدكتور الهاشل الى تأكيد بيان بعثة صندوق النقد الدولي أهمية البدء بتنفيذ التدابير المقترحة لاحتواء العجز غير النفطي في المدى القريب لان التأخير في تنفيذها يؤدي الى اتساع العجز ما يتطلب معالجات أكبر مستقبلا.

وتناول ما أكد عليه البيان من أهمية وأولوية التنويع الاقتصادي في مجالات يمكن أن توفر المزيد من فرص العمل للمواطنين الكويتيين وان الزيادة المطردة في القوى العاملة الوطنية تستدعي زيادة النمو في القطاعات غير النفطية والاستثمار في التعليم واجراء إصلاحات في سوق العمل.

وأضاف ان ذلك ووفقا للبيان يستدعي أيضا تحديد مجالات استراتيجية للتنويع الاقتصادي وضرورة تحسين بيئة الأعمال وتعزيز دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتنسيق مع القطاع الخاص في اقامة برامج تحسين المهارات وتعزيز جودة التعليم والتدريب المهني للمواطنين.

وأفاد بأن البيان تضمن الاشارة الى وجود العديد من التشريعات الجديدة التي لا تزال تحت التطوير بما في ذلك قوانين الافلاس والشفافية والمناقصات العامة والمنافسة كما لفت البيان الى التدابير المتعلقة بشطب الفائدة واعادة جدولة جزء من ديون الأسر.

وقال الدكتور الهاشل ان البعثة رأت في بيانها الختامي ان تلك التدابير أوجدت مخاطر أخلاقية لدى البنوك والمقترضين وتؤدي إلى نتائج عكسية لبناء ثقافة مالية فعالة وبيئة عمل ذات مصداقية وعليه ينبغي تجنب مثل تلك التدابير مستقبلا هذا.