يقول المثل "من لدغته الحية يخاف من الحبل"، وهذا ربما -وكما آمل- سبب إيقاف مواطن سعودي ذهب لولاية ديترويت في ميتشيغان، ومعه طنجرة ضغط، فقد أصبحت بعد تفجير بوسطن واحدة من بصمات تنظيم القاعدة، لأنها تنشر في موقعها الإلكتروني وصفة بعنوان "كيف تصنع قنبلة من مطبخ أمك؟".

Ad

السعودي، الذي أوقف ومعه قدر الضغط، قال إنه أحضر القدر لابن أخته الذي يدرس في أميركا، ويهوى طبخ الكبسة، وحين اكتشفت دائرة الهجرة والجمارك الأميركية أن هناك صفحتين من جواز سفره مقطوعتين، قال لابد أنهم "البزران" فصارت وقعة السعودي وقعتين، ولايزال محتجزاً وترفض المحكمة إخلاء سبيله وسيتعرض لمحاكمة.

كل ما آمله وقد تظنونه أنتم أيضاً أنه مبالغات أمنية سببها انفجار بوسطن الذي أعاد إلى الأذهان حادثة 11 سبتمبر برعبها وأحقادها وشهوة الانتقام. آمل ألا تتعدى الحكاية، إن شاء الله، قدر ضغط من أجل كبسة، وجواز سفر لعب به "الوغدان"، كما يقول خوالنا من البادية.

لكن السؤال هو هل يمكن الاستهتار بأمور كهذه؟ وهل يمكن القول بأنها عثرة من عثرات الجهل الشخصي؟ كيف استطاع راكب أن يركب طائرة الخطوط السعودية بصفحة جواز مشقوقة، فكلنا يعرف أن الخطوط السعودية تتأكد من وجود الفيزا في صفحة الجواز فكيف تغاضت عن الصفحتين المشقوقتين اللتين أوقعتا الراكب في الحرج، وكيف بعد أحداث بوسطن سمحت له بشحن طنجرة ضغط؟

اليوم نحن نرسل أبناءنا، وسياحنا في الغالب يختارون السفر لمدن أجنبية حتى وهم لا يجيدون لغتها أو بنصف لغة، وحتى من يجيد اللغة يتهاون في معرفة القانون وصرامته، وأنه لا يخضع لقاعدة "عندك واسطة أو خالي وزير ويمشي لنا الأمور الصعبة".

بعض أبنائنا المبتعثين تعثروا في مشكلات بسبب جهلهم بثقافة وقانون تلك البلاد التي لا تمزح في مثل هذه الأمور، خاصة في ما يتعلق بحياة الناس وأمنهم، الشاب السعودي الذي لاحق زوجته حين هجرته في الشارع العام وحاول قتلها وخنقها، يواجه اليوم محكمة جادة، وكفالته قدرها مليون دولار تدفعها الملحقية، بينما هو لا يجد ما يقوله أمام المحكمة إلا أن جريمته سببها "الشرف". شرف مين يا روح أمك؟ وهل تعرف أن محاولة القتل قد تتجاوز العشرين عاماً؟

الجهل الذي يقع فيه أبناؤنا مسؤولية المؤسسات الثقافية والأمنية التي تترك مبتعثينا، والمسافرين لجهلهم، فكل ما نحرص على تلقينه للطالب هو أن ينتبه كي لا يسرق منه الغرب دينه، رغم أن هذا آخر ما يفكر فيه الغرب، فهذا شيء يخصك، لكنه يفكر مئات المرات في أن يسرق مالك، ببيعك كل شيء قابل للبيع، للأسف، مبتعثونا لا يخضعون لدورة تثقيف، ليس نحن من يقدمها بل الطرف المضيف، من خلال السفارات الأجنبية ومراكزها الثقافية إن وجدت، فهي من يعرف جيداً قوانين بلادها، وبدلاً من أن يظن الزوج أن خنق زوجته في شارع عام هو شأن يخصه وحده، سيخبره قانون البلاد أن ما معه ليس صك ملكية، بل عقد زواج، وأن انتزاع ورقة من وثيقة هامة مثل جواز السفر لا يكون الجواب عليها "والله البزران". لماذا لم تجلس مع البزران طال عمرك وتفك نفسك من تهمة الإرهاب، بل وتزيد عليها بحملك طنجرة ضغط؟ ألم تشاهد الأخبار يا بو البزران الله يصلحك؟