يبذل الناس قصارى جهدهم في ممارسة التمارين الرياضية للحفاظ على صحّة قلبهم وتقوية عضلاتهم، بينما يهملون دماغهم الذي يعتبر أكثر الأعضاء أهمية.

Ad

وظيفة الدماغ

الاهتمام بالقلب والرئتين اللذين يمدّان جسمنا بالسائل الأحمر وبالأوكسيجين لا يضمنان لنا أن الدماغ سيظل يعمل بشكل جيد. ونحن لا نتمكن من السيطرة والتحكم بالمحيط الذي نعيش فيه إلا من خلال دماغ يقوم بوظائفه بشكل جيد. فإذا أردنا تحريك أصابعنا يجب أن يعطي دماغنا الأمر، وحتى أعضاؤنا الداخلية مثل القلب والرئتين والكبد تعمل بحسب أوامر الدماغ. فعندما تُصاب ساق شخص ما بالشلل تكون المشكلة موجودة في دماغه لا في ساقه.

الكثير من الأشخاص الذين يُبتر أحد أطرافهم أو يفقدون إحدى حواسهم أو تستبدل كليتهم أو تجرى لهم عملية زرع قلب يظلون محافظين على نجاحهم في الحياة إذا ما ظل دماغهم يعمل بشكل ممتاز، ولا يترتب عليهم سوى التأقلم مع نمط حياتهم الجديد. ولكنّ أبسط تلف يصيب جذع الدماغ يسبّب غيبوبة دائمة تُفقد الشخص معنى حياته الحقيقي، فالحياة إذًا من دون دماغ يقوم بوظائفه بالشكل السليم لا تستحقّ أن تُعاش.

قدرات دائمة

وحده الدماغ لديه قدرة السيطرة على محيطنا وتطويره. ومدى قدرتنا على السيطرة هذه يعتمد على قدراتنا العقلية التي نطوّرها خلال حياتنا.

يُعتقد عمومًا أنّ قدرات الإنسان العقلية تتضاءل مع تقدّمه في السن. ويسأل كثيرون: «هل سأخسر قدراتي العقلية وأصبح كثير النسيان، فقط لأنني أتقدّم في السن؟»، والإجابة القطعيّة هي: «كلا». فخسارة الإنسان لقدراته العقلية خلال التقدم في السن ليست أمرًا محتومًا. وأخيرًا، برهنت دراسات عدة أن من الممكن أيضًا تحسين هذه القدرات. وعلينا أن نتخذ، وفي مرحلة مبكرة من حياتنا، خطوات وقائية تمكننا من الحفاظ على سلامة وتيرة عمل أدمغتنا وقدراتها خلال التقدم في السن. ويهدف الكتاب إلى عرض الأساليب التي تطوّر قدرات الدماغ الهائلة.

جوانب فيزيائية

دماغنا محميّ تمامًا داخل الجمجمة، ويجب أن نعلم أنّ الدماغ شيء مختلف تمامًا عن العقل. فالدماغ عضو فيزيائي محسوس، بينما العقل شيء وظيفيّ. يشكل الدماغ «الجهاز»، فيما العقل هو «البرنامج». توجد في الدماغ 100 بليون خلية عصبية. ودماغ الشخص البالغ يزن حوالى 1,4 كلغ وهو لا يشكِّل سوى 2 بالمئة من مُجْمَل وزن الجسم. وللدماغ ثلاثة أقسام رئيسة: الجذع والمُخيخ والمُخ.

الجذع: يقع مباشرة فوق العمود الفقري، والجذع أوّل جزء يتشكّل من الدماغ في الرحم. وفيه ثلاثة مراكز عصبية تساعد في السيطرة على حركة العينين وتنظِّم التنفس ودقات القلب وجريان الدم. باختصار، يؤمن جذع الدماغ ميكانيكية الجسم التي تمكِّنه من الحياة.

المخيخ: يقع خلف جذع الدماغ مباشرة، ويتحكَّم بحركة الجسم. إذا، يحتوي على ذاكرة الحركة وتسمى الذاكرة الحركية، أو ذاكرة العضلات. ومعظم الرياضيين المتميّزين يتمتعون بمخيخٍ متطور بشكل جيد جدًا.

المخ: تكوّن المخّ لدى الإنسان آخر مرحلة من مراحل تطوّر الدماغ الأخير، وهو الدماغ «الحقيقي» الذي ينبع منه التفكير والشعور.

الدماغ يولّد الكهرباء

تعمل خلايا الدماغ على الكهرباء، ولديه طاقة كهربائية كافية لإضاءة مصباح كهربائي بقوة 25 واتًا. وتوجد في الدماغ حوالى 100 خلية عصبية، وكل خلية عصبية تمثِّل بحدّ ذاتها كمبيوترًا يُنتج وينقل النبضات الكهربائية. كل خلية عصبية قادرة على التواصل مع آلاف الخلايا العصبية الأخرى، إذ ترسل كل واحدة منها النبضات الكهربائية إلى آلاف الخلايا وتتلقّى في الوقت نفسه النبضات الكهربائية من تلك الخلايا. وهذا يعني أنّ نبضةً كهربائية (أي إشارة كهربائية) واحدة مُرسَلة من إحدى الخلايا العصبية، يمكنها أن تصل بسرعة هائلة إلى ملايين الخلايا العصبية الأخرى وتؤثِّر عليها. وإنّ كل خلية مُتميِّزة عن غيرها من الخلايا العصبية، إذ تختلف كلُّ خلية اختلافًا بسيطًا في أنماط ردود فعلها، وتميُّزُها هذا  يجعل من الدماغ شبكةً كهربائية مُعقَّدة إلى درجةٍ تفوق الخيال. ففي كلّ ثانية تتطاير النبضات الكهرومغناطيسية الدماغية في جميع الاتجاهات.

وبِحسب الأكاديمية الوطنية للعلوم، في الولايات المتحدة الأميركية، الدماغ البشري الواحد لديه عدد من الاتصالات المُحتَمل حدوثها بين خلاياه يفوق عددَ الجزيئات الذرية الموجودة في الكون.

قُدرات لا حدود لها

من بين جميع الموجودات في العالم، يُشكِّل الدماغ كيانًا معقَّدًا إلى درجةٍ خيالية. فحتى أكثر الكمبيوترات دِقَّةً لا يمكن أن يوازي في قدرته على تخزين المعلومات وهضمها، قدرةَ دماغ شخص عادي. ولسوء الحظ، لا أحد يستخدم كلّ طاقة دماغه. حتى العباقرة لا يستخدمون سوى جزءٍ صغير من طاقتهم الدماغية. كلّ إنسان يستخدم دماغه، ولكن لم يحدث مرةً أن استخدم أيُّ شخص طاقة دماغه كلها.

تطوير الطاقة الدماغية

يقدّم الكتاب تشكيلة من الطرق التي ترفع طاقة الدماغ فتجعلها خارقة. وتحسين هذه الطاقة لا يتوقف عند أي مرحلة من العمر، والمهم أن تؤمنوا أن باستطاعتكم أن تكتسبوا المزيد من القدرة الدماغية، فإذا كنتم سعداء وكنتم تنظرون إلى الحياة بايجابية فإن دماغكم سيظل يتمتع بالنضارة والصحة.

ينبغي على من يريد تطوير دماغه أن يكون إيجابيًا تجاه نفسه فيقتنع أن طاقة دماغه تتحسن يومًا بعد يوم وأن عقله يعمل بكفاءة، وأن ذاكرته قوية. وبهذا التصريح الذي يدخل إلى العقل الباطن يتأهل الدماغ ليتعلّم ويتذكر.

ولكن علينا ألا ننسى أن تناول الكحول ولو بكميات قليلة عامل سلبي لأنه يسمّم الخلايا العصبية ويبلّد الحواس. لكن الروائح والعطور يمكن أن تؤثر في أدمغتكم بطريقة فورية محفزة للشعور بالسعادة أو بالاشمئزاز. أما الذي يعاني ضغط دم مزمناً ويبدأ عنده ظهور تدهور بارز في الذاكرة العامة والنشاطات العقلية فعليه اتخاذ الخطوات اللازمة لضبط ارتفاع الضغط.

لا تحتاجون بعد قراءة هذا الكتاب سوى البدء بخطوات بسيطة والمثابرة عليها، وستندهشون بعد وقت قصير من التغييرات التي ستظهر في حياتكم.

تدابير لتحسين الطاقة الدماغية

• التيقظ: يكون الدماغ محفزًا بشكل كبير عندما نكون واعين لأفكارنا ومشاعرنا وأعمالنا. كلّما تنبهنا للأحداث التي تحصل في الزمن الحاضر، سهُل علينا استذكارها في المستقبل.

• التمارين العقلية: صمّمت التمارين لاستثارة خلايا الدماغ وهدفها تحفيز العقل واللهو والمتعة، وقد أوردها المؤلف في نهاية الكتاب.

• الإرضاع من الثدي: يوفّر التغذية الجيدة كما يؤمن التواصل النفسي الممتاز بين الأم وطفلها، وحليب الأم أفضل غذاء معروف للدماغ.

• التأمل: تساعد رياضة التأمل الإنسان على الوصول إلى حالة إنتاج موجات ألفا فيعمل الدماغ بفاعليه كبرى، واليوغا أحد أفضل التمارين.

• الغذاء: يؤدي الغذاء دورًا رئيسًا في تعزيز قوى الدماغ، وقد قدّم المؤلف عرضًا مسهبًا لنوعية الأطعمة التي تسهم في التطوير.

• التمارين الرياضية: تحسّن التمارين الرياضية جريان الدم إلى الدماغ، ما يساعد في تسريع عمل الدماغ.