قال تقرير بنك الكويت الوطني ان أسعار النفط الخام كانت مستقرة بشكل عام خلال شهر ديسمبر، لتنهي بذلك الربع الأخير من عام 2012 بشكل هادئ. وتراوح سعر خام التصدير الكويتي في نطاق ضيق ما بين 104 و108 دولارات للبرميل خلال الشهر وحتى بداية شهر يناير، مع انخفاض في النصف الأول من الشهر أعقبه ارتفاع فيما بعد.

واوضح التقرير ان سعر مزيج برنت تراوح بين 107 و113 دولارا للبرميل. وشهد الخام الإسنادي الرئيسي في الولايات المتحدة شهرا أفضل، إذ ارتفع خام غرب تكساس المتوسط من 85 دولارا في منتصف الشهر إلى 93 دولارا مع بداية شهر يناير. ونتيجة لذلك، بلغ الفارق بين مزيج برنت وغرب تكساس المتوسط أدنى مستوى له منذ شهر سبتمبر.

Ad

وأضاف "الوطني" أنه قد يكون من المفاجئ أن أسعار النفط صمدت نسبيا رغم المفاوضات المتقطعة على الهاوية المالية في الولايات المتحدة، والتي كانت قد هددت بدفع الولايات المتحدة إلى الركود في عام 2013، وذلك قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة مع نهاية العام. ولكن غياب صعود مريح للأسواق عكس الاعتقاد بأن مشكلة تمويل الدين الأميركي قد تأجلت بدل أن تكون قد حلّت، وعكس كذلك الهدوء الذي عادة ما يسود في التداولات في فترة نهاية السنة.

واشار الى انه من ناحية الإمدادت النفطية، لم تغيّر "أوبك" سياستها الخاصة بالإنتاج وأبقت على السقف الرسمي لإنتاجها البالغ 30 مليون برميل يوميا حتى اجتماعها القادم في شهر مايو. ورغم أن هذا كان متوقعا بشكل واسع وقد يكون قد ساعد على الحفاظ على استقرار الأسواق في المدى القصير، فان البعض يرى أن المنظمة قد تجنبت صعوبة الرد على التراخي المتوقع في أساسيات أسواق النفط هذه السنة مع الحفاظ على الوحدة بين أعضاء قلما يتفقون.

سنة بارزة

وأوضح التقرير أن سنة 2012 ككل كانت سنة بارزة بالنسبة لأسعار النفط الخام، فقد سجلت معظم أسعار الخامات الإسنادية متوسطا سنويا قياسيا. وجاء ذلك بسبب الأحداث الجيوسياسية، والإنتاج المخيّب للدول من خارج "أوبك" (ما عدا الولايات المتحدة الأميركية) وتراجع مستويات القدرة الإنتاجية الاحتياطية للمنظمة. فمثلاً، بلغ متوسط سعر مزيج برنت 112 دولارا للبرميل في 2012، أي أعلى بقليل من المعدل المسجل في 2011 والبالغ 111 دولارا. وكذلك ارتفع معدل خام التصدير الكويتي من 106 دولارات إلى 109 دولارات. وكان سعر غرب تكساس المتوسط هو الوحيد الذي لم يرتفع، إذ تراجع بمقدار دولار ليصل إلى 94 دولارا للبرميل بسبب النقص في القدرة التخزينية للولايات المتحدة الأميركية وقوة إنتاج أميركا الشمالية.

توقعات الطلب

وأشار التقرير إلى أنه رغم المناخ الاقتصادي العالمي الهش، تم رفع التوقعات لنمو الطلب العالمي على النفط في بعض الحالات خلال الشهر الماضي. فقد رفعت الوكالة الدولية للطاقة، مثلا، توقعاتها لنمو الطلب على النفط في عام 2013 من 0.8 مليون برميل يوميا (0.9 في المئة) إلى 0.9 مليون برميل يوميا (1 في المئة)، ويرجع ذلك بشكل جزئي إلى بيانات الإنتاج الأقوى من المتوقع لعام 2012.  وقد رفع ايضا مركز دراسات الطاقة الدولي توقعاته للنمو في عام 2013 من 0.7 مليون برميل يوميا (0.8 في المئة) إلى 0.9 مليون برميل يوميا (1 في المئة)، وذلك ارتباطا بنمو الطلب القوي في الدول التي تتمتع بأسعار مدعومة للطاقة المحلية. ولكن تجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام، رغم تحسنها عما سبقها، تبقى متواضعة مقارنة بالمستويات التاريخية وتأتي على خلفية نمو طلب ضئيل مماثل يتوقع أن يكون قد تم تسجيله في السنة الماضية.

إمدادات النفط

وذكر التقرير ان إنتاج الخام في دول "أوبك" الـ11 (أي باستثناء العراق) تراجع بمقدار 220,000 برميل يوميا في نوفمبر، وهو مقدار كبير، ليصل إلى 27.6 مليون برميل يوميا – وهو المستوى الأدنى الذي شهدناه لأكثر من سنة. وجاء حوالي 100,000 برميل يوميا من هذا التراجع من نيجيريا، حيث استمر تأثر الإنتاج بالفيضان الشديد في منطقة دلتا نهر النيجر المنتجة للنفط.

ولفت الى ان السعودية شهدت أيضا تقليصا في إنتاجها بمقدار 48,000 برميل يوميا، رغم أن الأرقام الحكومية الرسمية تشير إلى تراجع أكبر يفوق 200,000 برميل يوميا.  وتظهر بيانات أخرى من مصادر مباشرة تراجعا إضافيا من ليبيا (18,000 برميل يوميا) وإيران (13,000 برميل يوميا). فقد تأثر الإنتاج في ليبيا بالإضرابات والتظاهرات في مختلف الحقول النفطية وكذلك في مصفاة راس لانوف، مع توقعات بتأثر إضافي للإنتاج في شهر ديسمبر.  وفي الوقت ذاته، تستمر العقوبات بالضغط على الإنتاج النفطي الإيراني، الذي انخفض تقريبا بمقدار مليون برميل يوميا خلال السنة الماضية.

وقال ان مجموع الإنتاج في دول "أوبك" (بما فيه العراق) انخفض إلى ما دون 30.8 مليون برميل يوميا، رغم ارتفاع الإنتاج العراقي. وارتفع الإنتاج في العراق قليلا بمقدار 11,000 برميل يوميا ليصل إلى 3.2 ملايين برميل في شهر نوفمبر، ليقارب القدرة الإنتاجية للفترة ما قبل الحرب الإيرانية – العراقية البالغة 3.4 ملايين برميل يوميا.  وتتطلع بغداد لإضافة 500,000 برميل يوميا إلى قدرتها الإنتاجية لهذه السنة، رغم أن هذا سيكون متوقفا على تحسين البنية التحتية بما فيها الأنابيب ومنشآت التخزين، وكذلك على حل النزاعات المتواصلة مع حكومة إقليم كردستان.

واضاف انه بعد ارتفاع إنتاج الدول من خارج "أوبك" بحوالي 0.8 مليون برميل يوميا في عام 2012، يتوقع أن يرتفع هذا الإنتاج بأكثر من مليون برميل يوميا هذا العام. ويتوقع أن يأتي أقل من ثلث هذا الارتفاع من سوائل الغاز الطبيعي لدول "أوبك". وسيقود إنتاج أميركا الشمالية على الأرجح هذا الارتفاع المتوقع في إنتاج الدول من خارج "أوبك" في عام 2013، مع توقع الوكالة الدولية للطاقة بنمو كبير مقداره 0.9 مليون برميل يوميا في الإنتاج النفطي للولايات المتحدة.  ولكن في المجموع، يتوقع أن يرتفع الإنتاج النفطي العالمي بقدر أكثر تواضعا هذا العام، حيث سيخفف خفض الإنتاج في "أوبك" من الإنتاج الأقوى للدول من خارج "أوبك".

توقعات الأسعار

وقال التقرير ان من المتوقع أن تضعف أساسيات السوق النفطي في بداية عام 2013 بسبب تأثير ارتفاع الإمدادات من الدول من خارج "أوبك" وتواضع الطلب العالمي. ولكن على الأرجح أن "أوبك" ستستجيب للتخفيف من حدة أي انخفاض كبير في الأسعار. وبناء على تراجع قدره 0.3 مليون برميل يوميا في الطلب العالمي على النفط في الربع الأول من 2013 مقارنة بالربع السابق، وبافتراض أن انخفاض الإنتاج في دول "أوبك" سيتم التعويض عنه بارتفاع أكبر قدره 0.8 مليون برميل يوميا في إنتاج الدول من خارج "أوبك"، فإن العرض سيستمر في تجاوز الطلب ويمكن أن ترتفع مخزونات النفط العالمية بحوالي 1.2 مليون برميل يوميا في الربع الأول. وفي هذه الحالة، يتوقع أن ينخفض سعر خام التصدير الكويتي بشكل طفيف، ولكنه سيبقى مدعوما عند حوالي 100 دولار للبرميل.

واشار الى انه بدلا عن ذلك، يمكن أن يكون الطلب على النفط أعلى من المتوقع، ما سيسمح لمنظمة بالمحافظة على إنتاجها عند المستويات الحالية. ولكن إذا ما أضفنا ارتفاع الإمدادات من الدول من خارج "أوبك"، فإن أسعار النفط ستظل تقع على الأرجح تحت ضغوط تنازلية. ووفق هذا السيناريو، سينخفض سعر خام التصدير الكويتي قليلا فقط، ولكنه سيبقى أعلى من 100 دولار للبرميل لمعظم هذه السنة.

وإذا، من ناحية أخرى، تجاوز نمو الإمدادات من الدول من خارج "أوبك" التوقعات، فإن الأسعار حينها ستنخفض على الأرجح بشكل أسرع. وفي هذه الحالة، سينخفض سعر خام التصدير الكويتي إلى أقل من 100 دولار للبرميل في بداية السنة. ولكن ذلك سيحفز "أوبك" للقيام بخفض كبير للإنتاج قبل منتصف السنة من أجل تفادي انخفاض الأسعار أكثر من ذلك.

ميزانية الكويت

وأشار التقرير إلى أنه مع بقاء ثلاثة أشهر فقط من السنة المالية الحالية، لا يوجد مجال واسع لسيناريوهات الأسعار المبينة أعلاه للتأثير بشكل كبير على ميزانية السنة المالية 2012/2013. وسيتراوح سعر خام التصدير الكويتي ما بين 104 و106 دولارات للبرميل هذه السنة، مقارنة بسعر 110 دولارات للبرميل في السنة السابقة، وإذا جاء المصروفات الفعلية أقل بنسبة 5 - 10 في المئة من مستواها المعتمد في الميزانية، كما نتوقع، وجاءت الإيرادات أعلى بكثير من مستواها المقدر في الميزانية، يمكن أن يتراوح فائض الميزانية هذه السنة ما بين 11.4 و13.1 مليار دينار، وذلك قبل استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة. وسيعادل ذلك 23 - 26 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2012. ورغم أن فائض الميزانية للأشهر الثمانية الأولى من السنة المالية قد بلغ 14.7 مليار دينار، فإنه يتوقع أن يتسارع الإنفاق في الأشهر الأخيرة، مخفضا بذلك من فائض الميزانية.