"مجلس المداولة الأولى" يحتاج إلى إعادة النظر في آلية التشريع لا شك أن عدم التريث في اقرار القوانين، كان له انعكاسات كبيرة، سواء ما يتعلق في فهم المواد أو في التطبيق، فهناك العديد من القوانين التي أقرت في عجالة، وباتت في النهاية حبيسة الأدراج، نتيجة عدم القدرة على تطبيقها بشكل عملي على أرض الواقع، فخطة تنمية بـ 37 مليار دينار، وقانون الخصخصة، وانشاء شركات مساهمة لانشاء محطات المياه والكهرباء، والمدن العمالية، كلها قوانين أقرت في عجالة وباتت حبيسة الأدراج.مسألة عنادهل مسألة التشريع اصبحت مسألة "عناد" حسب ما اعلن وزير الكهرباء والماء أم أن رغبة الأغلبية الجامحة في الانجاز التنموي بوقت مبكر جعلتهم يتناسون المحاور المهمة في اقرار القوانين أم أن هدفهم هو اقرار القانون في المداولة الاولى ثم تصحيح الاعوجاج في المداولة الثانية؟يرى مراقبون أن لهفة الأغلبية على اقرار القوانين من أجل مخاطبة الشارع بسجل انجازاتها، تدفع المجلس بقصد أو بدون قصد، الى تجاوز بعض النقاط الهامة، والمحورية في القوانين، وهو ما يدفع ثمنه في النهاية المواطن، ما يؤدي كما هو حادث الان الى تحميل نواب كثر المجلس مسؤولية ذلك، وان كانت شهية النواب مفتوحة نحو اقرار القوانين فهذا أمر صحي، أما أن يكون ذلك على حساب جودة القانون فإن هذا هو غير الصحي بالمرة، لأن المواطن في النهاية يريد العنب لا الناطور.مجلس المداولة الأولىكرس المجلس الحالي عرفا متمثلا في اقرار القانون المنظور في المداولة الأولى، بغض النظر عن اية اعتبارات أخرى، سواء في ما يتعلق بمدى امكانية تطبيقه على أرض الواقع، أو بجودة الصياغة، أو كذلك بمدى وجود اتفاق حكومي - نيابي حوله، فنهج المجلس هو اقرار القانون أولا في المداولة الأولى، ثم بعد ذلك تنظر هذه الاعتبارات في المداولة الثانية، مع أن العكس هو الذي يجب ان يكون، فالقانون لا يقر في المداولة الأولى، الا بعد أن يكون قد حصل على النقاش اللازم والمستفيض، وحظي على اتفاق بنسبة كبيرة بين الحكومة والمجلس، والأهم أن يكون قابلا للتحقيق، ثم بعد ذلك تنظر التعديلات، التي يجب ألا تغير من جوهره، الا أن القانون يقر في المداولة الأولى بشكل ثم يقر في الثانية بشكل آخر.سلق القوانينالأمثلة كثيرة على نتائج "سلق القوانين"، فلا يخفى على أحد قانون العمل في القطاع الأهلي الذي تسبب الاسراع في اقراره الى سوء تفسير بعض مواده، وكذلك قانون المعاقين، في ما يخص صرف اخر راتب كان يحصل عليه المسؤول عن المعاق، الذي تم تفسيره من قبل التأمينات على أنه خاص بالراتب الأساسي، بينما المشرع كان يقصد اجمالي الراتب، كذلك بعض المواد الخاصة بعمل المرأة، التي وصلت الى درجة اتهام نواب بالتزوير.قانون المناقصات العامة مثال اخر، فرغم تحفظ الحكومة عن أغلبية مواده، وحاربت في بداية الجلسة من أجل ارجاع التقرير الى لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية للنظر في التعديلات الجوهرية، التي قدمتها على القانون قبل اقراره في المداولة الأولى، والاستماع الى الجهات الحكومية المعنية بالقانون، الا أنها من باب التعاون مع "الأغلبية" وافقت عليه في المداولة الأولى.حسب اللائحة فإن باب النقاش قد أغلق في هذا القانون، وعند نظره في جلسة 24 ابريل فإن المجلس يكتفي فقط بمناقشة المواد التي قدم بشأنها تعديلات، على الرغم من انه لم يفتح في الأساس، على الأقل من أغلبية النواب، الذين صبت نقاشاتهم في أمور أخرى لا علاقة لها بالمناقصات، وكان حديثهم تكرارا لـ "كلامهم المحفوظ" عن النهج الحكومي ومحاربة الفساد وتعيين القياديين.وحسب المنطق فإن أغلب الأعضاء الذين صوتوا بالموافقة على القانون يجهلون أغلبية مواده التي تزيد على 80 مادة، والتي لم تتل خلال الجلسة، على اعتبار أن التقرير مثبت في المضبطة، وهو ما يعتبره عدد من النواب مخالفة صريحة للائحة، التي تنص على تلاوة مواد القانون، وهو ما اعلن عنه النائب عدنان عبدالصمد.وقبل المناقصات لا يخفى على المتابعين قانون انشاء المدينة الطبية، الذي شهدت مناقشته انتقادات حتى من مقرر لجنة الشؤون الصحية والاجتماعية والعمل محمد الكندري نفسه، وهو المعني في الاساس بالدفاع عن القانون، المعد من قبل اللجنة، والذي تم اقراره في المداولة الأولى دون أن تأخذ اللجنة فيه رأي الحكومة، ومن المؤكد أنه سيشهد تعديلات جوهرية عليه قبل اقراره في المداولة الثانية تغير القانون بشكله الحالي بنسبة تقترب من الـ 100 في المئة... فهل المجلس في حاجة الى إعادة النظر في الية تشريع القوانين أم أن المسألة هي مسألة "عناد"؟
آخر الأخبار
تحليل برلماني: "قوانين" تنجز "سلقاً" ثم تموت في الأدراج!
06-04-2012