يعاني مجتمعنا الشرقي تفشي الخلافات العائليّة وارتفاع نسبة الطلاق، نتيجة عدم وعينا للأمور التي ترافق الحياة الزوجية، أو سوء الاختيار، أو عدم الصراحة بين الطرفين في فترة الخطوبة وسعي كل منهما إلى التجمل أمام الآخر، أو تدخّل الأهل. حول السبل الكفيلة بالحدّ قدر الإمكان من الخلافات بين الأزواج يدور اللقاء التالي مع د. رحاب العوضي، استشاري الصحة النفسية وخبير العلاقات الأسرية والطفل. نلاحظ أن متطلبات الحياة المادية تقف عائقاً دون تفاهم بعض الأزواج، كيف تحللين هذه الظاهرة؟لا يدرك الشاب قبل الزواج متطلبات الحياة الزوجية وعندما يصبح تحت سقف واحد مع زوجته يفاجأ بشكل آخر للحياة لم يتوقعه، ويؤدي حب المظاهر هنا دوراً كبيراً، بمعنى أن الشاب يستدين مبلغاً باهظاً لينفقه على حفلة زفافه وتجهيز بيته بأثاث فاخر، فيعجز بعد الزواج عن تلبية حاجات بيته اليومية. في المقابل، تتطلع الفتاة إلى العيش مع زوجها بمستوى يفوق المستوى الذي تعيش فيه زميلاتها وإذا عجز عن تحقيق ذلك يقع الخلاف بينهما.ماذا عن التسرع وسوء الاختيار؟تختلف تصرفات الأشخاص واستجابتهم للموقف نفسه. ثمة زواج سريع ينتج منه انفصال وآخر تسبقه خطوبة ولا يدوم أيضاً. عموماً، اختيار الشريك بعجلة خوفاً من عدم الزواج أو طمعاً بماله يؤدي إلى الطلاق، كذلك قبول شخص فيه عيوب ظناً أنه قد يتغير يؤدي إلى طلاق.إلى أي مدى تعدّ فترة الخطوبة مهمة لإتمام أي مشروع زواج؟إلى حدّ كبير. للأسف، يستغلّها البعض في إنهاء أمور مادية فحسب مثل تجهيز المنزل بالأثاث، والاستماع إلى كلام الحب والأغاني، فيما في الواقع، إذا أردنا بناءً متيناً علينا وضع أساس قوي، ويتمّ ذلك في فترة الخطوبة للدور الكبير في المكاشفة والصراحة والتقارب المعنوي والعاطفي والعقلي، فإذا صارح كل طرف الطرف الآخر بصفاته أو ترك نفسه على طبيعته من دون تمثيل أو تجمل ينجح الزواج، تبقى المصارحة مفتاح الحياة الزوجية السعيدة.ألا تعدّ فترة الخطوبة فرصة لتحديد الأهداف والخطوات مستقبلاً؟بالطبع. الطرق المستقيمة هي أقصر السبل، فكلما زادت المصارحة والمكاشفة وكلما كان المرء أميناً مع نفسه في سرد عيوبه والاعتراف بها ولديه رغبة وطاقة لتغييرها، وكلما كان أحد الطرفين رفيقاً بنقل عيوب الآخر ليغيرها وداعماً للسلوك الإيجابي، كانت فترة الخطوبة الجسر الذي يعبر عليه المخطوبان إلى زواج سعيد.ثمة صعوبة في تغير أحد الطرفين بعد الزواج، لماذا؟رغبة كل طرف في فرض رأيه على الطرف الآخر واعتباره امتداداً له ومجرد تابع له، وعدم إحداث توازن بين ما يريده كل طرف، بالإضافة إلى الأنانيّة المفرطة والانشغال بالعمل أو الأولاد بما لا يترك مجالاً للتغيير.ما الذي يدفع الشخص إلى التغيير؟حب الشريك واحترامه ورغبة في بناء أسرة قوية.كيف يتخلى المخطوبان عن التجمل من دون جرح مشاعر أحدهما؟الخطوبة فترة إعداد لزواج سعيد إذا أوضح كل من الطرفين ماذا يريد من شريكه. كذلك يجب الحفاظ على شعور الآخرين ليس في الخطوبة فحسب إنما في مجالات الحياة كافة.يفرض بعض الأسر شريكاً على الشاب أو الفتاة، ما تأثير ذلك على طبيعة العلاقة بين الزوجين مستقبلاً؟في زمن التكنولوجيا والإنترنت لا يمكن إجبار الشاب أو الفتاة على شيء، وإن صادف أن حدث ذلك فتكون له عواقب وخيمة بعد الزواج. قد ترى الأسرة أن شاباً أفضل من غيره فتحاول فرضه على ابنتها. هنا أنصح الأهل بالتخلي عن النظرة المادية إلى الأمور والاكتفاء بالنصح والإرشاد وترك القرار لأولادهم تجنباً لحدوث مشاكل بعد الزواج.هل للتوافق الفكري والثقافي والعلمي والمادي دور في الحياة الزوجية الناجحة؟بالتأكيد، فمن يهوى الشعر والموسيقى يتعب إذا تزوج فتاة تهوى الطهو طوال اليوم، والشخص الاجتماعي يعاني إذا تزوج فتاة انطوائية، فيسيطر على حياتهما جفاء عاطفي. كذلك إذا تزوج الرجل من امرأة أغنى منه يصير تابعاً لها ولأهلها ولا يشعر برجوليته، لأنه لا يصرف على البيت وقوامة الرجل تأتي من الإنفاق على بيته.هل يستوعب الرجل في مجتمعنا المرأة ودورها؟بل على المرأة أن تستوعب الرجل، فهو يعمل ويجدّ ويشقى مع ذلك لا تتفهم الزوجة دوره أحياناً وتطلب أشياء باهظة وإن لم يستجب تحول حياة عائلتها إلى جحيم. فالزوجة هي مصدر الحنان والعطف والاهتمام وتبثّ السكينة والراحة النفسية في أسرتها وهي المدرسة التي تعدّ الأجيال.
توابل - علاقات
خبيرة العلاقات الأسريّة رحاب العوضي: المصارحة كي لا يقع الطلاق
19-03-2012