لم تكد الحكومة تمضي قدماً في استيفاء الإجراءات الدستورية والقانونية لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية ببطلان انتخابات مجلس 2012، حتى وجدت نفسها أمام جدل دستوري آخر، ومعضلة سياسية أخرى عنوانها قانون الدوائر الانتخابية.ويرى الخبير الدستوري د. محمد المقاطع أن قانون الانتخاب الحالي غير دستوري نظراً لأن الناخب يصوت لأربعة مرشحين من أصل عشرة، وهو ما أسماه بالتصويت الجزئي. وعلى طاولة مجلس الوزراء ثلاثة سيناريوهات لحسم المسألة، أولها إجراء الانتخابات وفق النظام الحالي، والثاني الأخذ بآراء مستشاريها بإصدار مرسوم ضرورة بتعديل القانون، والأخير هو اللجوء إلى المحكمة الدستورية للفصل في دستورية القانون.يعتبر السيناريو الأول الأسهل، لكنه قد يكون الأكثر كلفة على العملية الديمقراطية، فإجراء الانتخابات وفق القانون الحالي سيجعل من حكم المحكمة الدستورية ببطلان الانتخابات سيفاً مصلتاً على المجلس المقبل إذا ما صحت آراء الخبراء الدستوريين وأيدتها المحكمة بعدم دستورية القانون.فبطلان الانتخابات سيعيد الحكومة إلى المربع الأول في الأزمة، ويدخل البلد في فراغ دستوري، بحيث يبطل المجلس وفي الوقت ذاته يبطل قانون الانتخاب، ومن جهة أخرى سيعود بالسلب على المشاركة الشعبية، فهذا يعني انتخابات برلمانية ثالثة في أقل من سنة مما سيؤدي إلى عزوف المرشحين والناخبين عن المشاركة.أما السيناريو الثاني المتمثل بإصدار الحكومة مرسوم ضرورة بتعديل قانون الانتخابات فهو لغم سيفجِّر الساحة المحلية غير المستقرة أساساً من جديد، ويعيد أجواء ساحة الإرادة بحسب ما أعلنه أكثر من عضو في كتلة "الأغلبية" المُعارِضة، كما أنه محل رفض من معظم القوى السياسية الليبرالية والدينية.وأي تعديل بمرسوم ضرورة لن يخرج عن التالي: خمس دوائر انتخابية مع عشرة أصوات للناخب، أو عشر دوائر انتخابية وخمسة أصوات للناخب، أو خمس وعشرون دائرة مع صوتين للناخب.ويبقى السيناريو الأخير لجوء الحكومة إلى المحكمة الدستورية للنظر في دستورية القانون الحالي أولاً قبل إجراء أي انتخابات، فإن أيّدت المحكمة دستورية وسلامة القانون الحالي فإن مخاوف الحكومة ستتبدد، وإن حكمت بعدم دستورية القانون فإن الحكومة تكون قد حصّنت أي مرسوم ضرورة قد تصدره بشأن الدوائر بحكم "الدستورية".
أخبار الأولى
تقرير سياسي: سيناريوهات الحكومة للتعامل مع ملف الدوائر
25-07-2012