السماح بالتخاصم القضائي في قانون الجنسية يساهم في حل المشكلة أكد أستاذ العلوم السياسية والخبير في مجال حقوق الإنسان د. غانم النجار أن حل قضية "البدون" يكمن في تجنيس المستحق منهم فورا والتعامل بإنسانية مع الآخرين، مضيفا أن "العزل الاجتماعي الذي يحدث مع هذه الفئة ينقلنا إلى صيغ مرعبة تشابه الصيغ الموجودة في بعض دول التمييز العنصري".وطلب النجار السماح بالتخاصم القضائي في قانون الجنسية، مشددا على أن حق التقاضي مكفول للجميع ومن بينه التجنيس، مشددا على أن المجتمع كله فشل في حل هذه القضية.وأضاف النجار خلال الندوة التي أقامتها مجموعة الـ29 في مقر الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية بالخالدية مساء أمس تحت عنوان "البدون في مهب الريح" أن أحد مؤشرات الفشل في حل قضية البدون ما حدث في جلسة مجلس الأمة اليوم (أمس)"، مشيرا إلى أن اختيار عنوان الندوة كان من اقتراحه حيث ان مشكلة "البدون" حقيقة ولكن هناك إصرارا من قبل المجتمع على أنه يمكن حلها خلال سنة.وقال إن "البدون" حتى العام 1986 كانوا يعاملون معاملة الكويتي، مشيرا إلى أن قرار اما أن يكون كويتيا أو غير كويتي المقصود به التضييق على هذه الفئة، لافتا إلى أن الأرقام الرسمية تتحدث عن 34 ألف بدون ممن لديهم إحصاء 65 وهو الإحصاء المذكور فيه قانون الجنسية ونحو 69 ألفا من غير حاملي إحصاء 65.الاتجار بالبشروأوضح د. غانم النجار أن الكويت صدرت مصطلح البدون للعالم، حيث ان كثيرا من دول العالم يستخدم هذه الكلمة، مشيرا إلى أن مصطلح البدون يدخل في مفهوم الاتجار بالبشر حسب مفهوم القانون الدولي.وعرض النجار لمشاكل وأرقام البدون في العالم، مؤكدا أن عددهم في بنغلادش يبلغ نحو 800 ألف شخص وفي سورية نحو 350 ألفا معظمهم في منطقة القامشلي والحسكة ومعاملتهم أسوأ من البدون في الكويت، لافتا إلى أن نحو 48% من سكان لاتفيا (إحدى جمهوريات البلطيق) بدون، مشيرا إلى أن مشكلة البدون في الكويت أسهل بكثير من هذه الدول ولا يوجد مشكلة لهؤلاء، مضيفا أن عملية إدماج البدون في المجتمع الكويتي سهلة للغاية فقد عملت هذه الفئة في أماكن حساسة بالدولة ومن بينها الجيش والشرطة بل وكان منهم أناس يعملون في الاستخبارات.وأضاف إن "حادثة محاولة اغتيال المغفور له الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد كشفت لنا بالصدفة أن حارسه الشخصي وطاقم الحماية الخاص به من فئة البدون، وهذا يعني أن هناك تدقيقا وفحصا شديدا لهذه الفئة". وضرب مثالا بزملاء له من غير محددي الجنسية كانوا يدرسون معه في القاهرة ضمن بعثة رسمية من الدولة، مشيرا إلى أنه حينما صار وقت الغزو كثير من البدون ممن يعملون في الجيش دافعوا عن الكويت.وأضاف أن الجهاز التنفيذي للبدون يقرر مصير وحياة البدون بدلا من أن يكون جهازا مساندا للسلطة التنفيذية، مشيرا إلى أنه يفاجأ من كثير من طلابه في الجامعة ممن في سن العشرين أو أقل بأن لديهم معلومات مغلوطة حول أن البدون أناس أتوا إلى الكويت بعد الغزو.خدمات جليلةوانتقد د. غانم النجار عبارة "الخدمات الجليلة" معتبرا أنها تثير البلية ويجب الاستعاضة عنها بالحالات الاستثنائية التي يحق من خلالها للدولة التجاوز عن الشروط الموضوعة للحصول على الجنسية، كاشفا عن توجه لإنشاء مركز قانون بالتواصل مع الأمم المتحدة بهدف مساعدة المحامين وتسهيل عملهم والعمل على التحرك بسرعة في حال أي طارئ للدفاع عن البدون.وتساءل النجار: هل يعقل أن إعطاء شهادة ميلاد أو وفاة لهذه الفئة أمر صعب وعسير لهذه الدرجة؟، مشيرا إلى "أننا أمام ورطة وجزء منها يتم حله بالوعي المجتمعي وجزء آخر يحل بالموقف"، مشيرا إلى أن عدم حل هذه القضية تدمير للمجتمع، وان الحل يحتاج إلى موقف والناس ليس لديها استعداد لاتخاذ هذا الموقف، والوعي لدى الناس زاد بهذه القضية.وشدد على ضرورة أن يعي الجميع المخاطر الإنسانية والقانونية والأخلاقية لهذه القضية، وأن من مصلحة البلد حلها، مشددا على الاستمرار في التوعية والمواجهة لكي يعرف الناس أن هناك مشكلة حقيقية.توظيف البدونوحول توظيف البدون أكد النجار أنه من المناصرين لموضوع توظيف البدون في مختلف جهات الدولة، معتبراً التوظيف حقا من حقوق هذه الفئة، مؤكداً أن البدون يحتاجون الى حل شامل وأن الحلول الجزئية ليست كافية، لافتاً الى أن أغلب العاملين في قضية البدون متطوعون ولا يعملون تحت إطار جهات أو أحزاب لدعمهم، مشيراً الى تحركات بعض الوزارات القديمة التي سعت الى تجنيس عدد من أبناء البدون على اعتبارات تصنيفية كالشهادات الدراسية، مطالباً النواب بإصدار قوانين لحل هذه القضية، متوعداً في الاستمرار بمتابعة ودعم قضية البدون دون رجعة.تعاطف كبيرمن جانبها أكدت نائبة رئيس الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان مها البرجس أن قضية "البدون" جذبت تعاطف شريحة كبيرة من المجتمع بشكل وصفته بـ"غير الطبيعي"، مشدداً على أن موضوع الجنسية شديد الحساسية وأن ليس المجتمع بأكمله يتقبله، لافتاً إلى أن هناك فئة غير متضامنة سواء مع المستحقين للجنسية أو غيرهم، داعية إلى التفاؤل والسعي وراء العمل على حل القضية.وشكرت القائمين على هذه الندوة، مشددة على أن جمعية حقوق الإنسان لديها فريق كامل من المحامين مستعد للعمل في دعم القضية في أي وقت، مطالبة في الوقت ذاته بالتنسيق في عملية الاتصال بهؤلاء المحامين والتعامل مع جهة واحدة فقط في عرض القضايا، مؤكدة أن كل محام قادر على تحمل قضية عن شخص واحد فقط نظراً لأشغالهم وأعمالهم. معلومات مغلوطةقالت عريفة الندوة د. ابتهال الخطيب إن "مجموعة 29 تأتي من المادة 29 من الدستور وقضيتنا الأساسية هي الإنسان"، مشيرة إلى أن القضايا الإنسانية هي محور جميع أنشطة المجموعة.وأضافت أن المجموعة تخطط لتنظيم عدة نشاطات تستعرض قضية البدون، متوجهة بالشكر إلى الجمعية الثقافية النسائية الاجتماعية وتعاونها من اجل تنظيم هذه الندوة، مؤكدة أن الشارع الكويتي مغيب عن قضية البدون وكثير من المعلومات التي تطرح حول هذه القضية مغلوطة ونفس الكلام عن هذه القضية يتكرر منذ 30 عاما.وأوضحت أننا نشعر بأن هناك معلومات كثيرة عن هذه القضية يجب أن تصل الى الشعب الكويتي، مشددة على أن الندوة لا تستهدف شخصا أو مؤسسة معينة.حقوق البدون والمجتمعرأى رئيس لجنة الكويتيين البدون احمد التميمي أن هذه القضية اتخذت منحى جيدا بانضمام شرائح متنوعة من أفراد المجتمع ومؤسساته الأهلية للمطالبة بحقوقهم التي تعول حاليا على أفراد المجتمع أكثر من مجلس الأمة والحكومة التي تعتبر ابنا عاقا للدستور الرحيم الذي يكفل حقوق الإنسان وحقوق البدون.وأوضح التميمي في مداخلة له أن الخلل يكمن في عدم تطبيق الدستور والقوانين الخاصة بالبدون، معتبرا أن الفكر العنصري الذي دخل البلاد في عام 1986 دفع إلى عزل البدون عن المجتمع.أما الناشط السياسي د. فهد سماوي فاعتبر أن قضية البدون تحتاج إلى الوعي الذي تم الحصول عليه بالفعل والدليل على ذلك مجموعة المشاريع بقوانين التي قدمتها الكتل النيابية بدءا من كتلة العدالة والشعبي والتنمية ومشروع رئيس مجلس الأمة احمد السعدون وهذه المشاريع بمجملها تشير إلى أن قضية الوعي متوفرة والحاجة الآن إلى وقفة قانونية جدية، داعيا الى مؤتمر شامل يجمع مشاريع القوانين المختلفة المقدمة من الكتل النيابية والخروج بمشروع متكامل لمناقشته في جلسة خاصة ينتج عنها حل هذه القضية بالمجمل.
آخر الأخبار
النجار: حل قضية البدون يكمن في تجنيس المستحقين فوراً والتعامل بإنسانية مع الباقين
29-03-2012