Ad

عقد قسم العلوم بكلية العلوم الاجتماعية اليوم ندوة تحت عنوان "قضية البدون" حاضر فيها كل من وزير التربية وزير التعليم العالي السابق أحمد المليفي، والناشطة في قضايا البدون د. ابتهال الخطيب، والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية أستاذ العلوم السياسية د. فارس الوقيان، الذين شددوا على ضرورة منح الجنسية للمستحقين من هذه الفئة، خصوصا الذين شاركوا في الحروب العربية والذين قدموا إنجازات برهنت على حبهم وولائهم للكويت.

وفي البداية، تساءلت الناشطة في حقوق الإنسان د. ابتهال الخطيب عن تعريف المواطنة ومن الذين ينطبق عليهم مفهومها، هل هم الأقدم أم الذين خدموا أم الذين ولدوا على بقعة جغرافية معينة؟ ثم تساءلت عن تعريف الحق الإنساني ومن الذي يحرم منه؟ وأضافت اننا "نعاني في الشرق الأوسط عدم تعريف الإنسان، ومن ثم نضع خطوطا طويلة وعريضة ولا نتعامل من الجانب الإنساني أبدا".

عزل البدون

وقالت الخطيب إن "الحكومة اخترعت جملا وعبارات ضد البدون كعبارات: هؤلاء لا يتكلمون باللهجة الكويتية، إنهم دخلوا إلى الكويت أثناء الغزو وقطّعوا جوازاتهم"، مشيرة إلى أن الناس تداولوا مثل هذه العبارات إلى أن صدقها المجتمع، مستدركة "ولكن البدون كانوا في السابق يمارسون حياتهم الطبيعية وسطنا وكانوا مختلطين بنا، وكنا لا نستطيع أن نميزهم من الكويتيين إلى أن أتى عزلهم الدراسي والنفسي والاجتماعي كما هو حاصل اليوم".

وأضافت "من عام 1965 إلى عام 1985 كان البدون يعاملون ككويتيين، وفي عام 1959 كان يُسمَح للرحل منهم بالتنقل والدخول بدون أوراق ثبوتية، وفي عام 1983 صدر قانون يمنع هذا الأمر، فلا يسمح لأحد منهم بالدخول إلا بأوراق"، لافتة إلى أن "الدولة سمحت لهم بالدخول والخروج وأصبح هذا الأمر كالعرف وكانت هناك ثقة بهؤلاء البدو الرحل".

التخوف من التجنيس

وأشارت إلى أن "الكويتيين لديهم تخوف من التجنيس، وذلك لعملية التجنيس الكبيرة التي حصلت بين عامي 1967 و1971 حيث حصلت أكبر عملية تجنيس في ذلك الوقت وكانت كلها عمليات تجنيس سياسي، حتى أن بعضهم أرسلت لهم الجناسي وهم خارج الكويت، وهذا الأمر أدى إلى ظهور المزدوجين لدينا".

وتساءلت "هل يعقل أن تقول الجهات المسؤولة بالدولة عن البدون للكويتية المتزوجة من بدون اطلبي الطلاق كي يحصل أولادك على الجنسية؟ وهل يعقل أن تطلب ذات الجهات من المراجعين استخراج جوازات معلقة على جدرانها حتى يعدلوا أوضاعهم؟".

ثقافة عنصرية

ومن جانبه، قال الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والناشط في مجال حقوق الإنسان د. فارس الوقيان إن "الكويت شهدت في الفترة الأخيرة ثقافة عنصرية واضحة في المجتمع الكويتي"، مضيفا أن "الصحف الكويتية ساهمت في تشويه صورة البدون فجعلتهم مجرمين ومتخاذلين وليس لديهم ولاء ولا انتماء إلى هذا البلد"، لافتا إلى أننا "حين نستعرض انجازات هؤلاء فسنراها مليئة بالولاء والحب والعطاء لهذا البلد كمشاركاتهم في جميع الحروب، إضافة إلى انجازاتهم التي تعد مفخرة للكويت".

وأضاف الوقيان "حينما تسأل أي شخص معارض لتجنيس البدون عن هذه القضية يقول: إنه مع تجنيس المستحقين فقط. ونرد عليه بأننا جميعا مع هذا الأمر ولسنا مع تجنيس غير المستحقين، ولكن طالما أن هناك مستحقين فلماذا لا تبادر وتبرهن على إنسانيتك وتطالب بحق هؤلاء؟ وعندئذ يتراجع ولا يتحدث!".

قانون إقصاء

وأشار إلى أن "قانون الجنسية الكويتي يعد بمنزلة قانون إقصاء كبير للمواطنين وشرائح المجتمع، فأول إقصاء فيه هو الاقصاء الديني، فحسب المادة 4 من لا ينتمي إلى الدين الاسلامي لا يحصل على الجنسية، وهناك إقصاء اجتماعي للمرأة الكويتية، إذ في المادة 3 أي كويتية متزوجة بغير كويتي أو بدون لا يحق أن تمنح زوجها ولا أولادها الجنسية، وهناك اقصاء تاريخي بعد أن تم حديد الوجود في الكويت بـ1920 كأساس لمنح الجنسية الأولى".

وتابع: "أصبح قانون الجنسية في الكويت أداة لتصفية الحسابات الاجتماعية، فضلا عن الخطاب العنصري الكاره للآخر"، لافتا إلى أن "الدولة التي تقف ضد البدون هي دولة عنصرية وخطابها خطاب الكراهية، أما الذي يؤيد قضية البدون فهو الذي يحب الكويت ويريد الاستقرار والتعايش".

وأوضح أن "هناك من يخشى أن تحل قضية البدون بمنح الجنسية لهؤلاء، فالاسلاميون يرون أن معظم هؤلاء ينتمون إلى المذهب الجعفري، والإخوان الحضر والسنة يرون أن هؤلاء أغلبيتهم من البدو وواحنا متوهقين فيهم بالانتخابات وغيرها، فلا يريدون تجنيسهم حتى لا يزيد عدد البدو"، مشيرا إلى أن "المفهوم العلمي والثقافي للمواطنة مختف في مجتمعنا تماما".

وقال الوقيان: "أحترم الشخص الذي يتحدث بالأرقام، ولا أحترم الشخص الذي يصف الكويتيين بمماليك جدد أو مرتزقة أو أنهم (بزارين المعارضة)، فلنحترم كرامات الناس جميعا، ونعامل البدون كبشر على الأقل ولا نعاملهم ككويتيين، ولا نعاملهم لأنهم شاركوا في حربي 1967 و1973 وغيرهما من الاعمال الجليلة التي قدموها للبلد، ولا نقول النكتة المضحكة أن هؤلاء أحفاد حزب البعث".

قضية سيادية

ومن جانبه، قال وزير التربية وزير التعليم العالي السابق أحمد المليفي إن "قضية غير محددي الجنسية هي قضية خطيرة على كل المستويات السياسية والاجتماعية فيجب حلها حلا حاسما"، لافتا إلى أن "الجنسية الكويتية هي قضية سيادية وجوازية للسلطة التنفيذية".

وأضاف المليفي "لا شك أن هناك استحقاقا للجنسية، وأن هناك أخطاء ارتكبتها الدولة، وبالتالي لابد من تجنيس المجموعة التي تستحق التجنيس"، لافتا إلى أن "كل دول العالم يوجد بها مهاجرون، ودائما الدولة المستقرة تجلب المهاجرين، وهذا الأمر حدث في الكويت نظرا للاستقرار السياسي والاجتماعي وبحبوحة الرزق التي تعيشها".

وأوضح أن الجنسية الكويتية قامت على أساس الولاء، مشيرا إلى أن "البدون في عام 1965 كان عددهم 51466، وفي عام 1970 أصبح 39465، وفي عام 1975 قفز العدد إلى 124333، وهذه القفزة غير طبيعية نتيجة الهجرة التي تسببت فيها الأوضاع التي حدثت في إيران والعراق، وذلك بعد تغير النظام في العراق إلى البعثي، وبدأ يرسل ذيوله إلى الدول المجاورة ومنها الكويت، وأيضا في عام 1980 قفز العدد إلى 178918، وأما قبل الغزو العراقي للكويت فكان العدد 219943، وفي عام 1992 تراجع العدد إلى 116 ألفا".

وأضاف: "قدمت إلى مجلس الأمة مشروع قانون لحل مشكلة البدون، وذكرت أن هناك أولوية للمستحقين كالشهداء الذين استشهدوا في الغزو العراقي على الكويت، والذين شاركوا في حرب تحرير الكويت أو الحروب العربية، والذين عملوا في شركات النفط، وفق شروط تنطبق عليهم القوانين، وألا تكون صدرت بحقهم أحكام مخلة بالشرف وأن يكون لديه وجود عام 1965".

وأشار المليفي إلى أن "هناك عددا لا يتجاوز 70 في المئة حسب التصريحات التي وردت بأن لديهم بياناتهم معروفة، إذن يفترض أن الموجودين بصورة غير مشروعة أن تتوقف كل الخدمات التي تقدم إليهم حتى يعدلوا أوضاعهم"، لافتا إلى أننا "لسنا ضد الإنسانية، فقد قدمت مقترح المحفظة التعليمية والصحية لتدريس ومعالجة كل طفل مريض من فئة البدون وغيرهم".