يعيش أزواج كُثر حياة زوجية صعبة وقاسية بسبب الغيرة الشديدة، وهي شعور لا يرتبط بجنس الإنسان، رجلاً أو امرأة، فكلاهما يمارس الغيرة إنما بدرجات متفاوتة ومختلفة. في لقائها مع «الجريدة»، تؤكد الباحثة في العلاقات الإنسانية شيماء فؤاد أن الغيرة مطلوبة لإنعاش مشاعر الحب. ما تصوركِ لمفهوم الغيرة الزوجية؟سنظل نتحدث عن الغيرة ما دام الحب موجوداً، لأنها من معالِمه وحق عاطفي، شرط أن تكون في حدودها الطبيعية المعروفة التي لا تخلّف وراءها مشكلات.كيف تحددين الغيرة وسببها؟رغبة في الاستئثار بالمحبوب ليكون لك وحدك كعاطفة وجسد، وسببها خوف من فقدان العاطفة أو تحويلها إلى شخص آخر.أيهما أكثر تفاعلاً مع مشاعر الغيرة: الرجل أم المرأة؟لا يوجد معيار ثابت. الرجل والمرأة كلاهما يغاران، لكن لا يمكن تحديد أيهما يغار بشكل أكبر، إلا أن المرأة ربما تُظهر انفعالات أكثر من الرجل.قلتِ إن الغيرة مطلوبة، لكن ما حدودها برأيكِ؟الهدف الأول من الغيرة الحفاظ على العلاقة، وأي غيرة تكون نتيجتها فقدان العلاقة أو تكسيرها تتعدى الدرجات الطبيعية لها، لذا أقول إن الغيرة تمر بمراحل ثلاث: طبيعية تحافظ على الحب، زائدة يكون فيها انفعال زائد، أي يكون سبب الغيرة بسيط ولكن الشخص ينفعل أكثر من اللازم، ويرجع ذلك إلى طبيعة شخصيته، فقد تكون ثقته بنفسه قليلة أو غير ناضج بقدر كافٍ عاطفياً، ما يجعله غير متزن أو عصبياً. تتطلّب الحياة المشتركة أن يكون الطرف الآخر (زوجة أو زوج) صبوراً وهادئا.أما المرحلة الثالثة فهي مرض الشك الذي يجعل الزوج يفتش حقيبة زوجته أو يستحلفها أنها لم تقابل فلاناً أو كذا، ويحتاج هذا الشكل من الغيرة أو المرض إلى علاج، والحياة مع هذا النوع من الأزواج صعبة جداً.هل تفيد الغيرة الحب والحياة الزوجية أم تضرّ بهما؟هي مفيدة وتنعش الحب والمشاعر، لكن في مداها الطبيعي غير المُسبب للمشكلات.كيف يعلم الزوج أن زوجته تغار عليه؟تطرح الزوجات غالباً أسئلة وتلميحات مباشرة، ويمكن أن تصل إلى حد منع الزوجة زوجها من التعامل مع أشخاص بعينهم، وهذا دليل كاف على أن الزوجة تغار.هل تظهر مؤشرات الغيرة في فترة الخطوبة؟في فترة الخطوبة، يكون الطرفان خائفين من فقدان بعضهما البعض، لذا تكون الغيرة في أعلى درجاتها وتخفّ وطأتها بعد الزواج. إذا لاحظ أحد الخطيبين أن الشريك يغار بشدة قبل الزواج إلى حد الشك، أنصحه بفسخ الخطبة لأن الحياة الزوجية تبنى على الثقة، فإذا انعدمت أو بمعنى آخر بدأ الشك ينخر في أعمدتها، سينهار الزواج آجلاً أم عاجلاً.كيف يتعامل الزوج مع زوجته الغيورة والعكس؟يعرف معظم الأزواج الأمور التي تثير غيرة الزوجة أو الزوج، بالتالي لا يقومون بأفعال أو سلوكيات تثير الطرف الآخر، لأن تعمّد إثارة الغيرة يسبب مشاكل مثل تشويه العلاقات الاجتماعية وقطعها وسوء الظن والضغط النفسي وتوابعه.هل تؤثر الغيرة بين الزوجين على الأبناء؟ترسّخ الغيرة الطبيعية عند الأبناء فكرة الحب، أما الغيرة الزائدة عن الحد فتُرسِخ لديهم فكرة الشك، وأن أحد الطرفين غير منضبط أو مائل إلى السفور أو الخيانة في طبعه، فيظن الأبناء أن الخيانة من طبع النساء كافة والرجال كافة.ما الوصفة التي تقدمينها لحياة زوجية سعيدة؟تبدأ الحياة الزوجية السعيدة في مرحلة ما قبل الزواج. يجب أن يكون لدى الشخص وعي بقدسية الزواج وبمفهومه ومسؤولياته وأنه ليس رومنسية وشهر عسل ومتعاً جسدية، بل هو تزاوج روحين وقلبين وعقلين وعائلتين وجسدين. إذاً لا بد من الوعي بمفهوم الزواج ودور الرجل والمرأة ومتطلباتهما واحتياجاتهما الأولى، ووضوح واجبات كل طرف وحقوقه.الاختيار المناسب أحد أسس نجاح العلاقة الزوجية أيضاً، وهنا أنصح بالتكافؤ بين الطرفين في طبيعة التفكير والمبادئ والطباع وفي الدرجة التعليمية والمستوى الاجتماعي، لأن عدم التكافؤ يحدث فجوة تتسع كلما تقدمنا في الحياة الزوجية وقلّت مساحة الرومنسية ووقعت مشاكل.ما نصائحك للزوجين لاستمرار الحياة الزوجية؟ينبغي تعلم لغة الحوار لأن معظم المشاكل ينشأ من أسباب بسيطة، لكن يزيدها تفاقماً أسلوب الحوار القائم على النزاع والتهكم، والذي قد يصل إلى حد العنف. بالحوار يمكن إيجاد حلّ لتهدئة الوضع يقرّب بين الطرفين.من الضروري أيضاً عدم مراكمة المشكلات والإسراع إلى حلها، بل والاتفاق على أمور تؤخذ كخطوط حمراء لا يتم تجاوزها كي لا تتكرر المشكلة. كذلك لا يجب أن نضع الكلمات الجميلة والرقيقة في داخلنا ولا ننطق بها. يعرف الجميع أن الكلام الجميل يلطف علاقات كثيرة، لكن يتكاسل البعض ويخجل من البوح به، ما يؤدي إلى جفاف عاطفي.أنصح الزوجين أيضاً بالمصارحة واعتماد التغيير لتجنب الملل، وتجاوز الأمور الصغيرة التي لا تستحق أن تقام لها محكمة، والمشاركة في العبادات لأنها شفاعة حسنة في حال وجود أي مشاحنة أو مشكلة.
توابل - علاقات
الباحثة شيماء فؤاد: الغيرة تنعش الحب
04-04-2012