-أكد أن الأقلية مستضعفة والأكثرية "مختلفة"-يريدون حل المجلس وإقالة الحكومة ورهانهم صناديق الاقتراع-انتصر الرئيس والاستجواب لم يشل البلادأقل ما يمكن أن يقال عن استجواب النائب صالح عاشور لسمو الشيخ جابر المبارك رئيس الوزراء، انه قد أسس لمنهج جديد ومرحلة جديدة في تعامل الحكومة، ممثلة في رئيسها، مع الاستجواب... هكذا وصف أغلب المراقبين السياسيين المشهد السياسي الذي عاشته البلاد صباح الأربعاء الماضي، وبرأيهم أن ما حدث أسس عناصر أساسية وحيوية في الحياة السياسية الكويتية ويلخصونها في:* إن المواجهة العلنية للاستجواب والشفافية في التعامل معه كسرا حاجز القلق، وأثبتا أن رئيس الحكومة قادر على مقارعة الحجة بالحجة، ومواجهة الحقائق دون حاجة الى الالتفاف على المضمون السياسي للاستجواب، سواء باللجوء إلى المحكمة الدستورية أو اللجنة التشريعية أو سرية الجلسة.* أثبتت مواجهة الاستجواب بهدوء وعقلانية أن منصة الاستجواب ليست مقصلة حين يعتليها وزير أو رئيس للوزراء فلم تصب البلاد بالشلل، ولم تنفق ملايين يميناً ويساراً لاحتواء استجواب رئيس الوزراء، ويصف عدد كبير من المراقبين هذه الحالة بأنها نقلة نوعية مهمة في الممارسة السياسية.* رغم قبول سمو رئيس الوزراء الاستجواب منذ إعلان تقديمه، ورغم الملاحظات والمثالب الدستورية التي احتواها الاستجواب فإن سموه تمسك بحقه في تفنيد هذه الملاحظات، حرصاً على ما يمكن أن يأتي مستقبلا، فقد أكد رئيس الوزراء أن الاستجواب حق لكنه ليس حقاً مطلقاً وللحقوق قيود، وهو بذلك كما يقول المتابعون للشأن السياسي يكون قد فتح أفقاً دستورياً يستحق النقاش والجدال لإثراء الممارسة النيابية والدستورية، فهو لا يلغي حق ممثل الأمة في الاستجواب، لكنه يبحث في حدوده ودستوريته.كشف حقائقهذه أهم السمات العامة التي رافقت الاستجواب، ومن الجانب السياسي فقد كشف حقائق يجمع أغلب المراقبين عليها، ويمكن تلخيصها في التالي:أولاً: كشف الاستجواب واقع الأقلية النيابية الذي لا تحسد عليه، حيث تحولت بقدرة قادر من أكثرية موالية للحكومات السابقة إلى أقلية معارضة، وأصبحت مواقفها المعارضة لحل المجلس والمعارضة لتغيير رئيس الوزراء إلى مواقف داعية ودافعة إلى الحل وإلى استقالة الحكومة.ثانياً: كشف الاستجواب أن الأكثرية ليست بأحسن حال، بل هي في حال أسوأ، فقد تبين - عند كثيرين - هشاشة وحدتها، وأن ما يجمعها ليس إلا عناوين عامة لا تربطها تفاصيل أو وفاق على تفاصيل تلك العناوين.ثالثاً: إن أهم المؤشرات التي تبينت إثر فشل الاستجواب هو إعلان الأقلية عزمها تقديم خمسة إلى ستة استجوابات جديدة، وهي كما يصفها المضطلعون بالشأن المحلي إصرار على التأزيم الذي ترجى منه الوصول إلى حل المجلس واستقالة الحكومة، بأمل أن تكون الانتخابات المقبلة قادرة على تغيير ميزان القوى في المجلس بين الأكثرية والأقلية. وهؤلاء مازالوا يراهنون على متغيرات صناديق الاقتراع ومخرجاتها.رابعاً: إن تداعيات الاستجواب من حيث موقف الأقلية وصمت الأكثرية النيابية تعكس صورة متشائمة لما يمكن أن تؤول إليه الأمور مستقبلاً في ما يخص العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو مؤشر يرى فيه الكثيرون عدم استمرار الاستقرار التشريعي والتنفيذي، وقد يؤدي إلى انتخابات مبكرة تستفيد منها الأكثرية لا الأقلية، مقارنة بما يتمتعان به من مكاسب حالية.خامساً: لقد صبت ردود الأفعال تجاه الاستجواب وحول تقييم أداء النائب المستجوب وأداء رئيس الوزراء لصالح سمو الشيخ جابر المبارك، وهو ما عبرت عنه أغلب وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، بل إن عدداً من الصحف والفضائيات اعتبر أن المبارك هو من استجوب عاشور، واعتبر عدد من النواب أن المستجوب لم يأت بجديد، واستجوابه - رغم أحقيته فيه - لا يخرج عن خانة خلط الأوراق ولم يوفق فيه.سادساً: إن تعامل الحكومة مع الاستجواب بهدوء وترو، وعدم شل البلاد أو حشد علاقاتها وقواها لمواجهة الاستجواب سيسهل على الوزراء مواجهة أي استجوابات محتملة، وسيزيدهم ثقة بمواجهتها والتصدي لها، وهو ما قد يدفع النواب إلى مراجعة أنفسهم وإعادة تقييم وتثمين مشاريع استجواباتهم مستقبلا.
آخر الأخبار
تحليل سياسي: الاستجواب الذي أسس لممارسة جديدة
30-03-2012