• الحكومة أذعنت لنواب لا يمتلكون أي معلومة عن المشروع وليسوا متخصصين في النفط أو الاستثمار

Ad

• الأصول التي كانت ستشتريها الكويت في «كي - داو» ارتفعت قيمتها منذ الإلغاء بشكل لافت

انتقد اقتصاديون ومتخصصون الموقفين النيابي والحكومي السابقين اللذين أديا إلى إلغاء الكويت مشروع الشراكة مع شركة داو كيميكال، والذي أدى إلى إصدار حكم بالتعويض يوم الخميس الماضي تدفع الكويت بموجبه 2.16 مليار دولار لشركة داو كيميكال. وقال هؤلاء لـ"الجريدة" إن السياسة الحكومية، وكذلك النيابية المتخبطة خلال السنوات الماضية أدت إلى تعرض الدولة لأكبر غرامة مالية يمكن تصورها نتيجة استخفافهما، مشيرا الى ان سمعة الكويت الاقتصادية باتت في خطر. وذكر رئيس مجلس ادارة شركة بيان للاستثمار فيصل العلي المطوع أن من المفترض محاسبة من تسبب بمثل هذه الخسارة، فإن كان متخذ القرار استمع الى تحذيرات إلغاء المشروع من قبل الهيئات والمؤسسات الحكومية ولم ينفذ تلك التوصيات فيجب محاسبته، مضيفاً أنه إن لم تتوافر الجهات والهيئات الحكومية الاستشارية لمثل هذا المشروع في تقديم توصيات بشأنه، فإن متخذ القرار يحاسب أيضا على عدم إشراكها. من جهته، بين رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات الاقتصادية جاسم السعدون أن من الواجب الاستمرار في القتال على الجبهة القانونية لإلغاء مثل هذا التعويض إذا كان هناك مجال لذلك، موضحاً أنه ليس من المفترض أن تخضع الكويت لمثل هذا الحكم إن كان هناك باب آخر للاستمرار بالدفاع عن موقف الكويت وإلغاء هذا التعويض. وعلى صعيد متصل، أكد القيادي النفطي صاحب فكرة مشروع الكويت عاصمة النفط في عام 2022 احمد العربيد ان ما حدث من الغاء الصفقة مع "داو" تكرر اكثر من مرة في القطاع النفطي، وهو يفسر كيف نخسر اموالنا، وكمثال على ذلك مشروع حقول الشمال الذي خسرت الكويت بسببه 70 مليار دولار حتى اليوم، وهو من الفرص المتاحة حينها. واشار العربيد إلى ان التفكير السائد في الكويت يعتبر ان الشراكات العالمية كأنها من المحرمات ويعتقد انه يمكن حدوث فساد مالي، مبينا ان القضاء هو من يبت في قضايا الفساد في حال ثبوتها. أما رئيس اتحاد المصارف الكويتية السابق عبدالمجيد الشطي فشدد على أن قرار الغرامة هو نتيجة لزحف مجلس الأمة على السلطة التنفيذية في اتخاذ القرارات الفنية، مشيراً إلى أن قرار الاستثمار والدخول في المشروع كان مهنياً بحتاً ومبنياً على أسس اقتصادية، ومن ثم فانه لا يحق للسلطة التشريعية التدخل في تقرير مصير هذا المشروع. واوضح الشطي أن إلغاء للمشروع حصل بسبب الضغوط السياسية من قبل البرلمان وضعف الحكومة في ذلك الوقت في الدفاع عن قراراتها الاقتصادية. وقال العضو السابق في المجلس الاعلى للبترول موسى معرفي ان الكويت خسرت بإلغائها صفقة الشراكة مع "داو كيميكال" اكثر من مبلغ التعويض البالغ 2.16 مليار دولار. وبين معرفي ان قيمة الاصول التي كانت ستشتريها الكويت من "داو كيميكال" من ضمن مشروع "كي - داو" في اوروبا واميركا الجنوبية والشمالية ارتفعت منذ إلغاء المشروع بشكل لافت، وكانت فرصة اضاعتها الكويت بسبب الغاء المشروع، عدا عن الغرامة التي صدرت الاسبوع الماضي. اما رئيس مجلس ادارة الشركة الكويتية للمقاصة العقارية فيصل الشايع فاكد ان ما حدث في "كي داو" يعيد الى الاذهان المطالبات السابقة بضرورة فصل السلطات، مشيرا الى ان مجلس الامة يتدخل في السلطة التنفيذية، واحيانا في السلطة القضائية، ولذا يجب الفصل بين السلطات ووضع عشرين خطا أحمر تحته مع ضرورة عدم التهاون في هذا الامر. وبين الشايع ان هناك تدخلا للبرلمان في معظم القضايا التي تتجه الحكومة للقيام بها، حيث يضغط على الحكومة التي تخضع بدورها لهذا الضغط، ثم تلغي المشاريع بناء على هذا الضغط كما حدث في "كي داو"! وأوضح الخبير النفطي كامل الحرمي ان من افضل السبل لـ"داو" حاليا هو تجميد مبلغ التعويض لمدة عام او اكثر للتفاوض معها حول مشاركات في مشاريع اخرى، مبينا ان الكويت يجب ان توضح للشركة بان الكويت ساهمت بتمويل صفقتها لشراء "ران هاوس" عن طريق الهيئة العامة للاستمار كما ان "داو" استفادت ايضا عند صدور هذا الحكم بارتفاع اسهمها 3 في المئة.

يرى رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات الاقتصادية جاسم السعدون أن من الواجب الاستمرار في القتال على الجبهة القانونية لإلغاء مثل هذا التعويض إذا ما كان هناك مجال لذلك، موضحاً أنه ليس من المفترض أن تخضع الكويت لمثل هذا الحكم إن كان هناك باب آخر للاستمرار بالدفاع عن موقف الكويت وإلغاء هذا التعويض، ضارباً المثال في شركة أجيليتي ونزاعها مع وزارة الدافع الاميركية في المحاكم الأميركية، فلماذا لا يكون النزاع في المحاكم الكويتية في هذه القضية؟ وأشار السعدون إلى أن مشروع الـ"كيه – داو" كان من المفترض أن تتم دراسته بشكل فني بحت قبل إصدار القرار بالدخول فيه أو الخروج منه، موضحاً أن "الشال" أصدرت في وقتها تقريراً طالبت فيه الحكومة الكويتية بضرورة تشكيل فريق فني – تم ترشيح ثلاثة أسماء فنية مثلت مختصا بالنفط العالمي ومختصا بالنفط المحلي ومختصا في الشأن المالي – ليقوم هذا الفريق برفع تقرير نهائي لمجلس الوزراء يحدد من خلاله مصير المشروع ومن ثم تنفذ الحكومة توصيات الفريق، لكن ما حصل هو رضوخ الحكومة لضغوطات النواب دون حتى أن تدرس المشروع بشكل كامل. وأضاف السعدون أن هناك وجهتي نظر في وقت الخلاف على المشروع، وهو أن العالم في أزمة اقتصادية ربما ستكون أسوأ من أزمة الكساد العظيم في 1929 وبالتالي فإن قرار الإلغاء سليم، والنظرة الأخرى هو أن العالم سيستطيع الصمود أمام هذه الأزمة وبالتالي فإن قرار الإلغاء كان خاطئاً، مشيراً إلى أن الخطأ الآخر الذي وقعت فيه الحكومة هو الشرط الجزائي الذي وافقت عليه في العقد منذ البداية، مؤكداً أنه ليس من المفترض نهائياً أن تقبل الكويت بمثل هذا الشرط وبحجمه الضخم دون حدوث اعتراض منها عليه.

غرامة تاريخية

بدوره، قال رئيس مجلس إدارة شركة بيان للاستثمار فيصل المطوع إن توقيع مثل هذه الغرامة على الكويت يدل على استخفاف الدولة في تعاقداتها الحكومية سواء المحلية أو العالمية، مضيفاً أنه من غير المنطقي قبول الشرط الجزائي الذي تم وضعه في العقد ونسبة التعويض المرتفعة فيه منذ البداية! وأشار المطوع إلى أن السياسة الحكومية المتخبطة خلال السنوات الماضية أدت إلى تعرض الدولة لأكبر غرامة مالية يمكن تصورها نتيجة لاستخفافها، مؤكداً أن الاستمرار على هذا المنوال من شأنه أن يؤثر على سمعة الكويت محلياً وعالمياً. وأوضح أنه من المفترض محاسبة من كان متسبباً بمثل هذه الخسارة، فإن كان متخذ القرار استمع لتحذيرات إلغاء المشروع من قبل الهيئات والمؤسسات الحكومية ولم ينفذ تلك التوصيات فيجب محاسبته، مضيفاً أنه وإن لم تتوافر الجهات والهيئات الحكومية الاستشارية لمثل هذا المشروع في تقديمها لتوصياته بشأنه، فإن متخذ القرار أيضاً يحاسب على عدم إشراكها. وأكد أن هذه القضية ورغم خسارتها القاسية والكبيرة إلا أنها يجب أن تكون عبرةً للحكومة الكويتية للأثر البالغ الضرر للقرارات غير المدروسة والعشوائية للجهاز التنفيذي على اقتصاد الدولة وسمعتها.

زحف المجلس

ويرى رئيس اتحاد المصارف الكويتية السابق عبدالمجيد الشطي أن قرار الغرامة هو نتيجة لزحف مجلس الأمة على السلطة التنفيذية في اتخاذ القرارات الفنية، مشيراً إلى أن قرار الاستثمار والدخول في المشروع كان قراراً مهنياً بحتاً ومبنياً على أسس اقتصادية وبالتالي لا يحق للسلطة التشريعية التدخل في تقرير مصير هذا المشروع، موضحاً أن ما حصل من إلغاء للمشروع حصل بسبب الضغوط السياسية من قبل البرلمان وضعف الحكومة في ذلك الوقت في الدفاع عن قراراتها الاقتصادية. وقال الشطي إن قرار التعويض صدر من لجنة التحكيم وبالتالي فإنه قرار نهائي ولا يجوز الطعن فيه حسب ما جاء في بيان الشركة ، كما أن الشركة لا تستطيع أن تتنازل عن جزء من هذا التعويض نظراً لأن مساهميها سيحاسبونها على مثل هذا القرار، موضحاً أن التحرك الوحيد المطلوب هو أن يرجع النواب لوعيهم، ومحاسبة من تدخل لإفشال الصفقة ومحاسبة من اتخذ قرار الإلغاء، مؤكداً أنه إن كان هناك ضرورة للتدخل فإنه من المفترض أن يكون قبل إصدار القرار لا بعده.

سوء النية

من جهته، أكد عضو مجلس إدارة اتحاد الشركات الاستثمارية صالح السلمي أن حكم التعويض هو ما جنيناه من إساءتنا للنيّة في مثل هذه المشاريع الضخمة، مشيراً إلى أن الدولة خسارة آنية ومستقبلية نظراً للغرامة التي ستدفعها الآن وكذلك فرص العمل التي ضاعت بسبب إلغاء مثل هذا المشروع الذي من المؤكد أنه كان سيوفر الأموال على الدولة جراء فرص العمل الكبيرة التي كان سيوفرها للكويتيين. وقال الصالح إنه تبيّن أن كل ما سمعناه من معارضة للمشروع سواء من مسؤولين أو نواب لم تكن سليمة، موضحاً أن المشروع كان سيعود بالفائدة الكبيرة على البلد بشكل عام لو تم إقراره منذ ذلك الوقت. واضاف الصالح أن خسارة المشروع كانت بسبب النيّة السيئة لدى البعض ممن عرقل المشروع بحجة أن هناك عمولات وتجاوزات فيه، مشيراً إلى من قام بالضغط من أجل إيقاف المشروع كان يستطيع أن يوافق على تمريره ومن ثم المحاسبة على جميع الأخطاء التي حدثت فيه.

خسائر مضاعفة

وقال العضو السابق في المجلس الاعلى للبترول موسى معرفي ان الكويت خسرت بإلغائها لصفقة الشراكة مع داو كيميكال اكثر من مبلغ التعويض البالغ 2.16 مليار دولار. وبين معرفي ان قيمة الاصول التي كانت ستشتريها الكويت من داو كيميكال من ضمن مشروع ( كي - داو) في اوروبا واميركا الجنوبية والشمالية ارتفع قيمتها منذ إلغاء المشروع بشكل لافت وبالتالي كان الفرصة الضائعة على الكويت من الغاء المشروع ومن الغرامة التي صدرت الاسبوع الماضي ضد الكويت لصالح داو.

وأوضح معرفي ان من يتحدث عن الشرط الجزائي ومبلغ الغرامة لا يعلم ان الكويت فتحت دفاتر شركة كي داو واطلعت على اصولها بشكل كامل ثم قامت بإلغاء الصفقة وهذا يترتب عليه غرامة عالية لاننا عرفنا كل اسرار وتفاصيل هذه الشركة ثم انسحبنا منها بعد موافقتنا دون مبرر. وشدد معرفي على ان العديد من نواب مجلس الامة وقت الغاء " كي - داو " تحدثوا دون علم وقالوا ما لا يفقهون واتهموا القائمين على المشروع، والكويت اليوم تدفع ثمن تصرفاتهم.

من غيَّر القرار هو المسؤول

وقال رئيس مجلس الادارة في شركة عارف للطاقة وليد الحشاش ان الغريب ان نرى هناك من يستغرب من دفع الشرط الجزائي حيث كان الجميع يعلم ان أي طرف سينسحب سيطبق عليه الشرط الجزائي، مشيرا الى ان المعنيين كانوا ينتظرون صدور الحكم وان هناك اموالا ستدفعها الكويت ولكن لم يكن معلوما كم هو المبلغ، حيث ان داو طالبت بمبالغ اكثر مما هو موجود في الشرط الجزائي. وشدد الحشاش على ان المسؤولية تقع بالكامل على من اعطى الموافقة للمشروع وهو "المجلس الاعلى للبترول" ومن ثم جاء وغير رأيه، مشيرا الى ان من يدعي ان اعضاء مجلس الامة هم السبب من خلال الضغط على رئيس الوزراء السابق وهو رئيس "الاعلى للبترول" فهو خاطئ حيث ان النواب يعبرون عن رأيهم، وهذا امر واقع علما ان الحكومة في تلك الفترة كانت لديها الاغلبية النيابية في المجلس مؤكدا ان القرار يقع اولا واخيرا على رئيس مجلس الوزراء السابق. واشار الى ان تداعيات هذه القضية الان وخيمة على القطاع النفطي مستقبلا حيث ان الكويت خسرت حليفا استراتيجيا في صناعة البتروكيماويات عالميا، موضحا ان الكويت كانت الشريك الوحيد في منطقة الخليج التي تعاملت مع الشريك الاجنبي داو، لافتا الى ان داو لم تقف مكتوفة وانما بحثت عن فرص اخرى في الخليج واتجهت الى السعودية لإنشاء مصنع للبتروكيماويات من خلال مشروع "صدارة" بـ20 مليار دولار. واكد الحشاش ان الكويت ايضا خسرت سمعتها بين الشركات العالمية حيث من المؤكد ان الشركات العالمية لن تتعامل مع الكويت بسبب التردد في انشاء المشاريع، مدللا على ذلك برفض احدى الشركات التوقيع مع الكويت قبل فترة وجيزة بسبب عدم وضوح الرؤية والجدية في التعاطي مع المشاريع الكبرى. وعن كيفية ترميم ما تم هدمه قال الحشاش هناك فرصة اعادة التفاوض مع داو لاحياء المشروع من جديد، مشيرا الى ان الكويت ستدفع مبالغ اكثر حيث ان ارقام الشركة ارتفعت مما كانت عليه في 2008 سنة بداية المشروع.

4 مراحل

قسم عضو المجلس الاعلى للبترول محمد حمود الهاجري المسؤوليات المترتبة على عقد الداو كيميكال الى اربع مراحل، وفي كل مرحلة تتحمل الجهة المسؤولة المباشرة مسؤولية الصفقة. وبين الهاجري ان المرحلة الاولى هي مرحلة التفاوض حول العقد، ولا بد هنا من معرفة اساس وضع الشرط الجزائي ومن يقف وراء وضع هذا الشرط، هل هي الكويت ام الولايات المتحده الاميركية؟! واضاف ان المرحلة الثانية تتمثل في مرحلة الغاء الاتفاقية، وهنا تتحمل الحكومة المسؤولية الكاملة، ولا علاقة لمطالبات مجلس الامة بأي شيء، «فالنواب يطالبون كيفما يشاؤون ومن يتخذ القرار يتحمل المسؤولية»! وأردف ان المرحلة الثالثة تتمثل في لجوء «الداو كيميكال» الى التحكيم، وهناك اخفاق في الجانب القانوني لمؤسسة البترول الكويتية وعليها تقع المسؤولية، كما تتحمل «البتروكيمياويات» و»المؤسسة « المسؤولية بالترافع مع غرفة التحكيم التجارية. واضاف ان المرحلة الرابعة تتمثل في فترة سير التحكيم إذ كانت «الداو كيميكال»  تتوسع في الكويت عبر افتتاح مكتب تمثيل له ووضع اعلانات في الصحف المحلية والشوارع، وكانت تدعم الندوات والانشطة الاجتماعية والاقتصاديه وهذا كان مدعاة لتحرك ادارة المؤسسة نحو التفاوض مع «الداو» من موقع القوة. وذكر الهاجري «في الوضع الراهن لا بد من محاسبة «الداو كيميكال» على لجوئها الى التحكيم وهي تعلم اجحاف الشرط الجزائي»، مشيرا الى ان الخسارة التي منيت بها الكويت ليست خسارة مادية تمثلت فقط في ملياري دولار رغم المها الشديد، انما في سمعة الكويت والنشاط النفطي بشكل خاص والبتروكيمياوي بشكل اكثر خصوصية، فضلا عن الاستثمار في القطاعات الاقتصادية والاستثمار الاجنبي. ولفت الى ان «الكويت تلقت ضربة قوية حين الغت المصفاة الرابعة، وشوهت سمعتها، وها هي تتلقى ضربة قاضية اخرى بما وصل اليه موضوع الداو». واكد الهاجري ان لا حل في هذا المجال الا بالنأي بالقطاع النفطي عن التجاذبات السياسية وعدم اقحام السياسة في قطاع يشكل عصب الحياة الكويتية. وشدد على ان التخوفات الكويتية لن تقتصر على نضوب النفط، بل ان المشكلة قد تقع قبل ذلك الوقت بانهيار القطاع النفطي بسبب هذه الضربات، مؤكدا ان على الجميع تقدير حجم الكارثة والتدهور الكبير في القطاع النفطي. ولفت الى ان الكويت بحاجة الى النأي بالقطاع النفطي عن جميع التجاذبات التي تؤثر في هذا القطاع، حتى لو اتخذ اصبح هذا القطاع تابعا للديوان الاميري مباشرة.

ليتحملوا مسؤولياتهم

قال عضو مجلس ادارة غرفة التجارة والصناعة طارق بدر السالم ان على مجلسي الامة والوزراء ان يرحلا ان كانا يتمتعان بسمة تحمل المسؤولية. وقال المطوع ان خسارة الكويت لم تكن مقتصرة على الملياري دولار فحسب، بل ان الخسارة اكبر بكثير من هذا الرقم، اما من الناحية المعنوية فقد اثرت سلبا على اجواء الاستثمار. وبين ان المجلسين يتحملان المسؤولية الكاملة، وان المحاسبة يجب ان تقع على كل من تدخل في الصفقة من بدايتها الى نهايتها.

أجواء سلبية

ذكر نائب رئيس مجلس الادارة الرئيس التنفيذي في شركة المزايا نايف العوضي ان المحصلة النهائية لما يحدث لا يقتصر على السلبيات التي ستعكسها قضية الداو كيميكال على واقع الحال الاقتصاديه الكويتية بل ان الخلاف السياسي يمتد الى ابعد من هذا الامر حتى انه سيترك آثاره على معظم قطاعات الاستثمار في السوق المحلي. واشار العوضي الى ان الكويت تضيع فرصا استثمارية كثيرة وكبيرة بسبب الخلاف السياسي الذي ترك بصمات سلبية على واقع الحال. واكد ان ما حدث في «الداو» سيعطي انطباعا سلبيا عن اجواء الاستثمار في الكويت، ويتحمل مسؤوليته جميع الاطراف التي شاركت في التفاوض وفي عملية الالغاء حتى وصلت الى ما هي عليه الآن.

تدخلات سياسية

شدد رئيس مجلس ادارة الشركة الكويتية للمقاصة العقارية فيصل الشايع ان قضية الداو كيميكال تعيد الى الاذهان المطالبات السابقة بضرورة فصل السلطات، مشيرا الى ان مجلس الامة يتدخل في السلطة التنفيذية واحيانا في السلطة القضائية ايضا! وقال الشايع انه يجب وضع 20 خطا احمر تحت قضية الفصل بين السلطات، مؤكدا ضرورة عدم التهاون في هذا الامر. وبين ان هناك تدخلا للبرلمان في معظم القضايا التي تتجه الحكومة للقيام بها، اذ يضغط على الحكومة التي تخضع بدورها لهذا الضغط، ثم تلغي المشاريع بناء على هذا الضغط كما حدث في «الداو»! واوضح ان سعر سهم «الداو» كان في ايام المفاوضات حول الصفقة عند حدود 6 دولارات في حين يصل سعره اليوم الى نحو 30 دولارا، مبينا ان حجم الخسارة الكويتية ليست مقتصرة فقط على الملياري دولار بل على حجم الارباح التي كانت ستحققها فيما لو تمت الصفقة. واشار الشايع الى ان ما حدث في «الداو» سيكون درسا للجميع لمنع حدوث اي تدخلات سياسية في القطاعات الفنية، مع ضرورة عدم خضوع الحكومة لأي ضغوطات مادامت انها تعلم علم اليقين انها على حق وانها تسير في الاتجاه الصحيح في تنفيذ مشاريع تهم المصلحة العليا للبلاد. ولفت الشايع الى ان الكويت لا تخسر بسبب الشروط الجزائية فحسب بل في الغاء مشاريع مربحة ايضا، مشيرا الى ان لمجلس الامة التدخل ولكن في حال وجود مخالفة للقوانين وليس في الامور الفنية التي لا علاقة له بها.

من يتحمل المسؤولية؟

قال رئيس مجلس الادارة في الشركة الوطنية للخدمات البتروليه (نابيسكو) عمران حيات ان من اتخذ قرار الغاء الصفقة عليه ان يتحمل كامل المسؤولية! واكد ان القضية اليوم اتضحت وكشفت ان المشكلة سياسية بحتة، وان «الداو» اكدت ان القرارات التي تصدر انما هي قرارات من جهات ليست لها علاقة بالاقتصاد ولا بالصحة ولا بالتعليم...الخ. واكد ان مشكلة «الداو» مثال واضح على ان الصراع سياسي وشخصاني وهذه آثاره واضحة جلية في ما حصل في «الداو». ولفت الى ان الكويت تكبدت بهذه الصفقة خسارة ليست محصورة فقط بالملياري دولار بل في ان سهم «الداو» كان بقيمة 6 دولارات واليوم بنحو 30 دولارا تقريبا. واكد حيات ان على النواب الذين يتجرأون ويطالبون الوزراء بالاستقالة لاخطاء ارتكبوها ان يطالبوا من شرع في هذا الامر بالاستقالة لانه كبد الكويت خسائر ليست قليلة. واضاف ان على الحكومة ايضا ان لم تكن قادرة على الدفاع عن قراراتها ان تستقيل هي الاخرى، مشددا على ان «الداو» فرصة استثمارية كبيرة خسرتها الكويت.

خلط سياسي اقتصادي

أكد رئيس مجلس ادارة مجمعات الاسواق التجارية توفيق الجراح ان «الداو» دليل جديد يضاف الى قائمة الادلة على العبث السياسي الذي تعيشه الكويت. وقال الجراح ان الخلط بين الدورين السياسي والاقتصادي يجعل الشعب الكويتي يدفع الثمن وضريبة هذا العبث السياسي والتداخلات بين السلطات. واكد ان خسارة الكويت ليست فقط في الشرط الجزائي بل في حجم خسارة السهم ايضا، مشيرا الى ان هذا يجب ان يضع حدا لفكرة الشك والريبة ازاء اية صفقة تبرمها االكويت لتحقيق المصلحة العامة. وقال ان هذا درس للحكومة والسياسيين على حد سواء، ولكنه درس قاس جداً.

دفاع عن القرارات

اكد امين سر اتحاد العقاريين الكويتيين قيس الغانم ان المسؤولية تقع في هذه الصفقة على الذي اعطى الموافقة منذ البداية على البدء بهذا المشروع والتوقيع على العقد، ثم على الحكومة التي لم تتدخل لتبين لمجلس الامة اطراف وجوانب المشروع من الناحية الفنية. وقال الغانم ان الحكومة الواثقة من قرارها وقدرتها على التنفيذ عليها الا تخاف من اي جهة كانت ما دامت انها تعمل لتحقيق مصلحة الدولة. واكد ان الكويت اليوم تتحمل مسؤولية اخطاء او ضعف الحكومة غير القادرة عن الدفاع عن قراراتها.

وزير النفط متمكن

ذكر الخبير النفطي كامل الحرمي ان ما حصل من الغاء المشروع كان كارثة، والغرامة المليارية ستضر الكويت عالميا وداخليا، متمنيا حل هذه القضية مع الشريك الاستراتيجي «داو» من خلال العلاقة التاريخية بين الجانبين. واشار الحرمي الى ان هناك الكثير من المؤشرات الايجابية على حل هذه القضية حيث ان «داو» تحقق ارباحا كبيرة مع الكويت ولا ترغب بخسارة الدول على المدى البعيد، موضحا ان من الامور الايجابية الاخرى وجود وزير نفط متمكن وعمل مع «داو» سابقا وتابع مشروع ايكويت والاستثمار مع «داو» ويجب اعطاؤه الصلاحيات بالتفاوض معها. واوضح ان من افضل السبل حاليا هو تجميد مبلغ التعويض لفترة سنة او اكثر للتفاوض مع «الداو» للمشاركة في مشاريع اخرى مشيرا الى ان الكويت يجب ان توضح للشركة بان الكويت ساهمت بتمويل صفقتها لشراء «ران هاوس» عن طريق الهيئة العامة للاستمار كما ان «داو» استفادت ايضا حين صدور هذا الحكم بارتفاع اسهمها 3%. وطالب الحرمي وسائل الاعلام والسياسيين بعدم استغلال هذه الموقف لتسجيل المواقف وبعدم تضخيم القضية وافساح المجال لوزير النفط لحل القضية ومن ثم محاسبة المتسبب الرئيسي فيها. قال القيادي النفطي صاحب فكرة مشروع الكويت عاصمة النفط في العالم 2022 أحمد العربيد إن «ما حدث من إلغاء صفقة مع «داو» تكرر أكثر من مرة في القطاع النفطي، وهو كيف نخسر أموالنا، ومثال على ذلك مشروع حقول الشمال الذي خسرت الكويت منه إلى اليوم 70 مليار دولار، وهو من الفرص المتاحة حينها»، مشيراً إلى أن التفكير في البلد في ما يتعلق بالشراكات العالمية كأنه من المحرمات، حيث يعتقدون أنه من الممكن حدوث شيء من الفساد المالي، منوها إلى أنه في حال ثبتت قضايا الفساد، فإن القضاء هو الذي يبت فيها. وأشار العربيد إلى أنه بهذه الطريقة نحرم أنفسنا والأجيال القادمة من مشاريع كبيرة تدر أرباحاً كثيرة، لافتاً إلى أن ما حدث مع «داو» ليس حرماننا من المشروع وإنما خسارتنا أموال، بافتراض أن هناك فساداً في الصفقة وتم منع المشروع، مطالباً المعنيين بأن يكون لديهم منظور مصلحة الكويت والأجيال القادمة لعدم تكرار هذا الأمر، مؤكداً أن الجميع الآن يشعر بالأسى بأن تحكيما دوليا يوقع الكويت في عقوبة ولا توجد أي مصلحة لكل مواطن فيها. وعن تداعيات الأمر وانعكاسه على التعاون مع الشركات العالمية مع الكويت قال العربيد «إذا استمرت الكويت على نفس المنهجية، فمن المؤكد أن تخسر أكثر وأكثر، وهناك مشاريع كثيرة تعطلت في القطاع النفطي بسبب هذه التصرفات، مطالباً الكويت بمراجعة ما تمت خسارته في السابق، وما تم كسبه من مشاريع إيجابية للبلد». وأضاف أن الكويت بحاجة إلى قوانين جديدة في ما يتعلق بالمشاريع الاستراتيجية، مشيراً إلى أن الفساد لن ينتهي، ولكن يجب وضع قوانين تشجع الاستثمار الأجنبي ووضع أموالهم وخبراتهم والتكنولوجيا، وهو ما سينصب على مصلحة البلد، مشدداً على تغيير منهجية التفكير في المرحلة المقبلة. وأوضح أن من يؤمن بتنمية البلد من المواطنين ويبادر بتصحيح المسار عليه أن يكون وسيلة ضغط تجاه مصلحة الأجيال القادمة، وإذا كان المواطن غير مكترث فالنتائج ستكون أكبر مستقبلا.