اعتبر أن الأحداث في الوطن العربي ستؤثر في إيران أكد رئيس تحرير مجلة العربي الدكتور سليمان العسكري أن الانقسام الديني والطائفي الذي يطبق على مفاصل الحياة في الدول العربية راهناً، يتخذ من الدين وسيلة لتحقيق غايات فردية وجماعية، معتبرا هذا النزاع صراعا سياسيا، ويحذر من تقسيم شرائح المجتمع الكويتي والتمييز بينها لأن هذه الآفة سلاح مدمر لهدم البلد، مؤكداً أن من تنطبق عليه شروط المواطنة يجب عدم التشكيك في ولائه وانتمائه. وبلغة متفائلة، أكد العسكري أن الديمقراطية أداة فاعلة ستقضي على العداوات والضغائن بين الشعوب، معتبراً أن المرحلة المقبلة ستكون مشرقة لاسيما بعد سقوط الأنظمة الدكتاتورية، ويرى أن الخالق عز وجل ميز الإنسان بالعقل ليفكر وينتج، مشددا أن الاجتهاد في مجالات الحياة المختلفة ليس جريمة أو فعلاً مشيناً، بل إن من يقتل الإبداع يعارض إرادة الله. وفي حديث عن تفعيل دور المؤسسات الحكومية ضمن الإطار المحلي، يشير إلى ضرورة تقنين ما يذكر في المساجد أثناء خطب الجمعة والدروس الدينية، رافضا تحويل دور العبادة إلى مقرات حزبية، وفي الوقت نفسه ينتقد تحويل مقرات جمعيات النفع العام إلى منظمات حزبية تتطاحن في ما بينها، كذلك انتقد الأنظمة العربية الدكتاتورية التي اضطهدت الأقليات في بلدانها مستبدة في تضييق الخناق عليها. «الجريدة» التقته للحديث عن قضايا متنوعة يعانيها المواطن العربي. في ما يلي نص الحوار.ما السبب وراء المشكلات التي تتخذ شكلاً طائفياً أو قبلياً في الكويت؟يكثر الحديث عن الانقسام الطائفي والقبلي والديني راهناً بينما في الحقيقة إن الصراع ليس جديداً في إقليمنا الخليجي أو منطقتنا العربية، والانقسام السني الشيعي بدأ منذ البواكير الأولى للإسلام وهو انقسام سياسي وليس انقسامًا دينيًا كما يتضح، ووفقا لهذا المفهوم يستغله البعض في مراحل معينة من خلال إلباسه عباءة الدين والفكر لعلمهم أن القضية السياسية رهينة عصرها وزمنها بينما المسألة الدينية - موضوع النقاش- سيستمر صراعها لذلك مضى على هذا الانقسام أكثر من 1400 سنة، وبطبيعة الحال يشهد هذا الوضع مراحل ركود وتأزم وفقاً لرغبات المتصارعين السياسيين.تستعيد الذاكرة مثلا مرحلة انتصار الثورة الإيرانية - ثورة الخميني - وسقوط النظام الإمبراطوري الإيراني، حينها استفز هذا الحدث أتباع المذهب السني في العالم العربي، خصوصاً مع رفع الثورة الإيرانية شعار تصدير الثورة، حيث كان المقصود به تصدير المذهب الشيعي بواسطة دعم الثورة له. وبدأ الكل ممسكاً بطرف عباءة الدين لأهداف سياسية.هل كان ذلك بداية للصراع الحديث؟كانت إيران في نهاية القرن الخامس عشر دولة سنية وغالبية أئمة السنة «الشوافع» يتحدرون منها وتعتبر مركز التعصب السني، وعندما أطل الصراع السياسي برأسه وجاءت أسرة حاكمة جديدة واستلمت السلطة في إيران ظهرت طموحاتها بالتوسع في بحر قزوين والعراق وكان في مواجهتها قوة سنية منافسة هي الدولة العثمانية وكان لها نفوذها وتوسعها الممتد إلى دول البلقان، وبدأت الدولة العثمانية تتوجس خيفة من الدولة الشيعية الناشئة وأدى طموح الدولتين المتنافستين في التوسع الجغرافي وفرض سيطرتها على الدول المجاورة إلى الصدام. فالحكم الإيراني الجديد وجد أن الجماهير لا تتفاعل مع الحاكم في هذا الصراع لأنها تنتمي إلى المذهب السني ذاته السائد في الدولة العثمانية لذلك سعى إلى تحويل الجماهير من المذهب السني إلى مذهب آخر مضاد هو المذهب الشيعي، وبدء فرضه بالقوة الغاشمة.كيف تم تحويل الرغبة الشخصية إلى مطلب جماعي؟جلب الحاكم آنذاك مجموعة من أهم علماء الشيعة في جبل عامل في لبنان ومنح الأربعة الكبار منهم سلطة كبيرة لنشر المذهب الشيعي ومحاربة السنة، وحدثت مجازر في إيران لإجبار السنة على التحول إلى المذهب الشيعي وكان يريد أن يستغل هذا المذهب الشيعي الجماهيري للصمود أمام النفوذ العثماني وهنا يظهر وجه آخر من الصراع السياسي المتدثر بعباءة الدين واستغلاله مذهبيا، ويبدو من الضروري الحديث عن بداية الصراع السياسي البحث بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان لأنه كان لكل منهما أنصاره في مكة المكرمة والشام. ودارت رحى هذا الصراع بينهما واستغل معاوية بن آبي سفيان ظروف مقتل عثمان بن عفان للوصول الى سدة السلطة واصطدم الفريقان عسكرياً وهنا كانت بداية الانقسامات لاسيما بعد تفضيل بعض المجاميع الأخرى اعتزال الحرب وعدم المشاركة فيها، ونلاحظ أن ثمة دعوة قبلية بدأت تطفو على المشهد آنذاك والتحقت قبائل الغساسنة بفريق معاوية، بينما انضمت قبائل بكر وتغلب وتميم إلى فريق علي بن أبي طالب.الانقسام أكبر سلاح لهدم البلاد ولا يجب التمييز بين المواطنين تحت مسميات وتوصيفات تساهم في تشويه النسيج الاجتماعي فمن يحمل الجنسية الكويتية يحصل على حقوقه كافة، ويجب رفض هذا التقسيم المقيت لأن بدون المواطنة لا يوجد وطن وحينما تجرد أي بلد من الغطاء الوطني سيتحول الشعب إلى تجمعات متنافرة، لذلك لا بد من وجود قوانين وأنظمة تسيّر المجتمعات ومصالح البشر.وماذا عن الانقسام القبلي راهناً؟مع مرور الوقت، بدأت تبرز دعوات إلى تأجيج هذا الصراع السني الشيعي لأهداف سياسية بحتة وليس دينية وهذا ينطبق أيضاً على الانقسام القبلي، ليس محلياً فحسب بل في الدول العربية الأخرى وفي مقدمها العراق، حيث الانقسام العشائري داخل المذهب الشيعي وانقسام عشائري آخر في المذهب السني. وهذه التكوينات القبلية بقيت طويلاً لغياب الدولة الوطنية الحاضنة للمواطن، فالفقر والصحراء الممتدة في شرايين البلاد العربية أطالت في عمر هذا الانقسام، وأبقت على مظاهره. فالتكوين البشري يستند إلى التجمعات بمختلف أشكالها قبلية أو دينية أو طائفية وهذه التكوينات تستغل وقت الصراع السياسي وتخمد بانتهاء الصراع السياسي والاقتصادي ثم تبرز مجدداً وفقا للمصالح وليس انتصاراً لأي شيء آخر.للعالم العربي مكونات تميزه عن بعض المناطق الأخرى، فثقافتنا واحدة وفكرنا وإرثنا الحضاري نشترك في هذه الأمور كافة. لكن للأسف، تأتي هذه الانقسامات على حساب الأوطان، متجاهلين كل هذه القواسم المشتركة. ولكل تجمع سواء كان على هيئة دولة أو مجموعة له نظامه السياسي والإداري والمؤسسي لإدارة وتسيير الأمور. لكن للأسف، الأفكار السياسية التي تطرح الآن تحت مظلة الدين لا تؤمن بالوطن القومي الذي يجمع كل الناس إذ يرون أن الوطن هو الدين، وربما المذهب. بالتالي، أصبح الانتماء للأرض ليس أساساً بل المعتقد الديني هو الأساس، والفرد يسعى إلى إقامة الدين في إي مكان وليس ضرورياً الوطن. وهنا يتحول الولاء من الوطن الذي يعيش فيه الفرد ضمن حدوده وقوانينه إلى مجال أوسع، لكنه للأسف مجال وهمي.هل توجد مخططات خارجية وأطراف بالفعل وراء محاولة بث الفرقة بين أطياف المواطنين؟لا بد من الاعتراف أن هذه الانقسامات موجودة في الكويت، لكن ثمة وطن يجمعنا والصراعات السياسية الداخلية أو الموجهة من الخارج فيها نبرة عاطفية سريعة الاستجابة بمجرد التلويح لها، لا سيما لدى الذين لا يريدون التمعن في الأحداث بسبب انشغالهم في أمورهم الحياتية اليومية. ولا ألوم الإنسان العادي بل ألوم القيادات السياسية التي تتصارع لأجل مصالحها الشخصية وولاءاتها ويؤدي ذلك إلى انقسامات حادة في الكويت، علماً أننا نعيش في مرحلة مزدهرة مالياً وهي فرصة تاريخية لن تتكرر إذا ضاعت منا قبل أن نستثمرها بأقصى ما يمكن لتأسيس مجتمع يتمكن من مواصلة العيش والازدهار عند نهاية عصر النفط الذي سينتهي في الزمن المنظور. ونحن بأمس الحاجة إلى التعاضد وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الآنية الضيقة كافة.أتساءل ماذا عملنا خلال العشرين عاما الفائتة، هل طورنا التعليم ودعمنا البني الأساسية في البلد، وما الذي قدمناه في شأن الصحة ووسائل الاتصالات؟ للأسف، إننا لم نتعظ من تجربة الغزو العراقي. حتى لم نفكر في الجلوس بعضنا مع البعض لنناقش ما بعد الغزو والتحرير ونتفق على وضع إستراتيجية أو خطة متوسطة المدى آخذين بعين الاعتبار الغزو وتداعياته لكي نحصن بلدنا وشعبنا من أية اختراقات مستقبلية ونحكم حماية بلدنا وشعبنا وثرواتنا. بدلاً من ذلك، دخلنا في دوامة انقسامات واتهامات بين فئات الشعب تفتقر إلى المسؤولية وكأننا في غابة متجردين من عقولنا وفكرنا، صرنا نتعامل بردود انفعالية شديدة ومن يرصد صراعات بعض أعضاء مجلس الأمة يشعر بإحباط بسبب انحدار لغة الحوار بين النواب وغيابهم عن مسئولية التخطيط والتشريع ودفع عجلة التقدم للبلد. فهل هؤلاء هم الذين اختارهم الشعب لمتابعة شؤونه وقضاياه؟ لماذا تخلوا عن مسؤولياتهم الجسيمة وانشغلوا في سفاسف الأمور وصراعات المصالح النفعية!هل انتبه الشعب الكويتي إلى الأموال المهدرة راهنا؟ وهل يعلم نسبة الأموال التي يمتلكها وتذهب إلى خارج أسوار الوطن؟ للأسف، مليارات الدولارات نصدرها بينما من الأولى الاستفادة منها في تعمير بلادنا فبحرنا ملوث وبيئتنا المحلية تعاني التدمير ونحن ليس بوسعنا مكافحة هذا التلوث الداخلي أو المحيط بنا.يتصارع التطرف بجناحيه السني والشيعي في الساحة المحلية، والغلو في الصراع يعجب بعض الجهات الخارجية. أنا لا أتهم الأطراف المحلية بالعمالة أو التخابر مع جهات خارجية، بل إن هذه الجهات الخارجية ترحب بالصراع المحلي وتشجعه وتستثمره وتوظفه لمصالحها.واستهداف الكويت والصراع عليه، ليس بالأمر الحديث بل قديم نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، مرة سياسياً، ومرات عسكرياً وأكثره فكرياً. والفكر في الكويت المدنية المتطورة يسبب قلقاً لكثيرين. فهم يخافون من تأثيره على مجتمعاتهم، لأن للفكر تأثير يفوق أي تأثير مادي، لذلك علينا الحفاظ على مكانة الكويت في الخارج كونها رمزاً للإشعاع الفكري المستنير في المنطقة، فهذا البلد في جغرافيته، والذي كان فقيراً في ماله، كان دائما موقع لحرية الفكر والمعتقد وتبادل الأفكار والآراء سلمياً، وأثره كان باستمرار يمتد في تفاعله مع محيطه.كيف نستغل هذا التنوع والثراء الفكري والعقدي لمصلحة الأمة؟التقاء الأفكار وتلاقحها أمر إيجابي، فالمجتمعات المتقدمة في العالم ليست منغلقة بل متفتحة على كل العالم، وأصبحت المجتمعات المتقدمة أكثرها استفادة من قدرتها على صهر كل تنوعها المعرفي والديني والثقافي، ونموذج ذلك المجتمع الأميركي الذي يعمل على تزاوج الأفكار واحتواء الآخر محققين هذه الإنجازات الكبيرة في غزو الفضاء والطب والهندسة والزراعة والصناعة والقضاء والبيئة. لماذا لا نستوعب بعضنا فكراً وعملاً ونطبق هذا التزاوج وامتزاج الخبرات والأفكار مستفيدين من هذا التنوع، لماذا نصر على الاختلاف والتصادم والتقاتل؟ للأسف، أننا نهدر الفرصة الثمينة في الوحدة والانسجام، إذ إننا نتجاهل المقومات كافة التي نستفيء تحت مظلتها، فنحن عرب ومسلمون ونتمتع بإرث ثقافي وحضاري مشترك، فضلاً عن أن مصيرنا مشترك. فلماذا كل هذه المعطيات لا تشكل لنا شيئا؟ثمة قصور في الفهم، أدى إلى ترويج أن إنتاج الأفكار الجديدة جريمة وخارج الدين، إنه محض افتراء لأن الله عز وجل هو الذي ميزنا بالعقل لذلك الاجتهاد في الدين ليس ذنبا وكذلك الاجتهاد في المجالات الأخرى الاقتصادية والسياسية ليس عيبًا، للأسف أن الأفكار الجديدة يتم محاصرتها بفكر متحجر لم يستطع استيعاب التطور، المجتمع المتفتح ينعم بحرية التعبير والفكر والإبداع وبالتالي الأفكار الجديدة هي العامل الوحيد في تطوير المجتمعات، وحين نقتل الإبداع فإننا نقتل إرادة الله سبحانه وتعالى.لنتحدث بتفصيل أكثر عن مفهوم الشريعة فهي اجتهادات علماء ومجتهدين سبقونا في الحياة، وتفقهوا بالدين وسنوا التشريعات لمجتمعاتهم حسب ما تحتاجه تلك المجتمعات في مرحلة تطورها، فعلماء الشريعة هم فقهاء القانون، وسأذكر مثالاً على ذلك: أصبحت قوانين المرور ضرورة بعد ظهور المركبات، لذلك تم تشريع هذا القانون لتنظيم عملية السير. الشريعة عملية تقتنين للمجتمعات في تطورها، كذلك لا يمكن إغفال دور البيئة المحيطة في التأثير على المشرع.لكن ثمة ترويج لأفكار لا تمس الواقع كيف نتجاوز هذه الأمور؟يجب علينا درءاً لتفكك المجتمع وصيانته من الأمراض التي تنهشه تجميع الأفكار كافة ضمن بوتقة واحدة ثم انتقاء ما يوائم طبيعة مجتمعنا بغض النظر عن مصدر هذه الأفكار. كذلك يجب تفعيل أواصر المجتمع رغبة في الوصول إلى عناصر الوحدة الوطنية وضمن هذا السياق، ننبذ تقسيم فئات المجتمع فكلنا حضر، إذ لم تعد البداوة ذات وجود بل ثمة أفكار متقدمة وأخرى ما زالت بطيئة لذلك علينا تقريب وجهات نظر المجتمع من خلال مناهج التعليم وتفعيل دور المؤسسات الحكومية في تقنين ما يقال في المساجد وخطب الجمعة أو النشاط السياسي الذي يزاول في المساجد ودور العبادة. فدور العبادة بيوت الله وليست مقرات حزبية، ويجب ألا تتحول جمعيات النفع العام إلى منظمات حزبية تحارب بعضها، فالتضامن والترابط الاجتماعي يتطلب إعادة النظر في مناهجنا التعليمية وبرامجنا الإعلامية وما ينشر في الصحافة والقنوات الخاصة، لإزالة ومنع كل ما من شأنه تأجيج الفرقة الطائفية أو النعرات القبلية، مع الحرص على تدعيم القيم الوطنية الجامعة. لا بد هنا من الانتباه إلى أثر الواسطة في مؤسسات الدولة، فالواسطة داء ينقل الولاء، من الولاء للوطن والدولة ليتحول إلى الولاء للطائفة والقبيلة والمذهب.هل ثمة تصور متطور لديك حول هذه المؤسسات المجتمعية؟ما أنشئ في حقبة الستينيات من القرن الماضي كان متوافقاً مع واقع المجتمع آنذاك واحتياجاته، والآن ثمة تطورات طرأت على الحياة يجب أن تواكبها عملية تطوير في قواعد السلطة بمعنى جهاز الدولة لأن الفكر السياسي يفترض هو الذي يقود جهاز الدولة ويوجهها، فثمة تحديات كبيرة سنواجهها وعلينا الانتباه لرسم حلول مسبقة لها وحتى قبل حدوثها. إن أغلب قطاعات المجتمع أصبحت بحاجة ماسة إلى التطوير والتجديد وإعادة النظر في الكثير منها، ولنأخذ مثلاً واحداً يسهل على القارئ فهمه لما نعنيه هنا، وهو واقع الرياضة وضرورة سن قوانين جديدة للرياضة كقطاع مهم وحيوي في المجتمع، وليس للأندية الرياضية، وتلتزم بها الأندية، فالرياضة لم تعد وسيلة للترفيه، وإنما أصبحت قطاعاً مهماً في التنمية البشرية والاقتصادية. لأن ممارسة الرياضة بالشكل الصحيح تخدم الصحة، فالرياضة تنمية وإشاعتها تقلل من التكلفة المالية لمكافحة الأمراض لأنك تبني مجتماً صحياً. أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة بناء مكونات المجتمع، فالتنمية البشرية هي الهدف بالدرجة الأولى، وبعدها تأتي المشروعات العمرانية كجزء من التنمية.هل تعتقد أن التوافق الإسلامي وبعض التيارات الأخرى سيستمر ضمن المشهد السياسي المحلي؟المكونات السياسية للمجتمع الكويتي وتياراتها تمثل الواقع السياسي الكويتي، ولا بد من اعترافها ببعضها البعض والتفاهم بينها، ليس لمرحلة وقتية، بل لا بد من التقائها على مصلحة الوطن وليس لمصلحة معينة. أعتقد أن الإسلاميين الذين سيبقون في الساحة هم الذين يؤمنون بالتطور والحداثة، إنما أصحاب العقول المتحجرة لن تتاح لهم فرصة الاستمرار. مهما استطاع شخص أو حزب تجنيد فئات من الشعب في مرحلة معينة لن يستمر الوفاق وتأييده مرهون بالمرحلة، فالزمن لا يعود إلى الوراء بل يتقدم، ومن يظن ذلك واهماً. ليس هذا الكلام نظريات بل واقع علمي، والمجتمع الكويتي أثبت انفتاحه ويرفض التعصب لذلك أحداث التاريخ شاهدة على أن المجتمع الكويتي لم يتحول إلى مجتمع متعصب لا دينياً ولا يسارياً ولا قومياً لأن الفرد الكويتي يدرك جيداً أن الغلو ليس في مصلحته.ما رأيك في التدخل الغربي في ملف الأقليات؟ثمة وجهان لهذا الموضوع الأول مسألة إنسانية والوجه الآخر ورقة يستخدمها الآخرون عند الحاجة، ولا شك أن بعض الحكومات العربية تضطهد بعض الأقليات وهم جزء من التشكيلات السياسية لمجتمعنا العربي وتئن هذه الفئة تحت وطأة التمييز ضدهم في العراق والسودان. كذلك الحال في شمال أفريقيا. للأسف، أننا لا نأخذ العبر من تاريخنا الإسلامي والعربي ولم ننظر إلى هذه الأقليات على أنها جزء من أوطاننا الجغرافية، فالقائد صلاح الدين الأيوبي كان كردياً وهو الذي هزم الصليبيين وأقام دولة إسلامية في مصر. أمام هذه الدول خياران: قبول الأقليات والتعايش ضمن النسيج الاجتماعي، أو الرفض النهائي الذي سيؤدي إلى الانفصال كما حدث في السودان. ورفض الأقليات سيكون خنجراً في خاصرة الدول.الحديث عن شرق أوسط جديد مكون من جماعات عرقية ودينية يجمعها إطار كونفيدرالي، إلى أي مدى يصب ذلك في مصلحة الدول العربية وهل له تأثير على منطقة الخليج؟أتصور أن المرحلة المقبلة غير قاتمة لأن منطقتنا ستكون خالية من الأنظمة الديكتاتورية على الأقل لفترة ليست بالقصيرة، فقد بدأ العصر الدكتاتوري يتلاشى بالفعل. للأسف، ساهمت هذه الأنظمة في تراجع شعوبها حين رفضت العمل على تطور الشعوب العربية، وستكون المرحلة المقبلة متقدة وسيعم النمو في أوصال الشعوب المضطهدة بسبب النظام الديمقراطي الذي يهدف إلى إشراك الشعوب في التنمية وستذهب إلى غير رجعة العداوات بين الشعوب وستقضي الديمقراطية على براثن الضغائن في نفوس المتخاصمين.لا أتوقع أن تحدث تجزئة مستقبلاً فالنظام الديمقراطي سيساهم في المزيد من التعاون والتنسيق بين مكونات المجتمعات العربية والدول العربية لأن القرار لن يكون لفرد بل لمؤسسات وبرلمانات وأحزاب. صحيح أن هذا لن يحدث بين ليلة وضحاها، لكن الربيع العربي فتح بوابة لطريق الديمقراطية وتقليص الدولة المركزية، فضلاً عن أن التحولات السياسية والاقتصادية لا تأتي بسهولة ثمة آلام وتضحيات كبيرة تتطلبها هذه المرحلة، وأرى أن ما يجري في العالم العربي راهناً سيكون له تأثير على عدد من الدول الإقليمية والإسلامية، إذ ستتحول خلال الفترة المقبلة إلى النظام الديمقراطي، لأنه الطريق الوحيد المؤدي إلى الخروج من أزماتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
توابل
سليمان العسكري: الثورات العربية تمهِّد لطريق الديمقراطية
06-08-2012